بين المناضل السياسي والقائد العسكري، كما ورد في مذكرات علي كافي، مسافة طويلة من الأسرار، لكن نهاية عهده مسافة طويلة أيضا من التساؤلات والحسرات.. منها لماذا بلادي تعيش كل هذه التناقضات؟.. عمر كافي لم يكفه ليعرف الإجابة الشافية والكاملة.. يقول قاسم كافي، ابن علي كافي، إن من أهم ما حزّ في نفس والده في سنواته الأخيرة ظاهرة الحراڤة.. كان يردد دوما لعائلته الصغيرة أنه لم يتخيّل يوما أن الجزائر ستصير إلى مثل هذا. كان علي كافي يتذكر دوما اللجنة التي شكلها من الأخصائيين والعلماء لبحث مصير الجزائر ، لينتهي تقريرها إلى وجهة غير معلومة. وكان علي كافي يتحسر أيضا على أن تنام الجزائر على قانون لتنهض في الغد على قانون آخر يُراجع أو يتراجع عما سًنّ بالأمس. كانت هذه “فلاشات" فقط من بضعة حسرات كان يأمل الرئيس الراحل وقائد الولاية الثانية التاريخية، أن يجد لها شباب الجزائر حلا أو إجابة. لقد كان علي كافي متابعا جديا لتطورات الساحة السياسية الجزائرية، كان مهتما بالكتابات التاريخية التي كثيرا ما صنعت الجدل تارة والنقاش في الجزائر، والتي كان في قلب إحداها لمّا وقع الجدل الاعلامي حول عبان رمضان. يعد من كبار ضباط جيش التحرير الوطني وقادته التاريخيين في الولايات، حيث خلف لخضر بن طوبال على رأس الولاية الثانية وكان برتبة عقيد، رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق من جويلية 1992 إلى جوان 1994، مناضل من الرعيل الأول في الحركة الوطنية. ولد علي كافي في 17 أكتوبر 1928 بمسونة بالحروش (سكيكدة) ودرس القرآن بمدرسة الكتانية بقسنطينة، حيث تحصل على شهادة “الأهلية" (اللغة العربية) قبل أن يسجل بجامع الزيتونة في تونس. وانضم الفقيد لحزب الشعب الجزائري في سن مبكرة، وبفضل نضاله تمكن من اعتلاء المسؤوليات في حزب الشعب بشرق الوطن، حيث رقي من مسؤول خلية إلى مسؤول مجموعة. وعيّن من قبل حزب الشعب الجزائري كمعلم بمدرسة حرة بسكيكدة سنة 1953، قبل أن يتصل به ديدوش مراد قبيل اندلاع الثورة التحريرية. وناضل الفقيد في سكيكدة أولا ثم التحق بصفوف جيش التحرير بالشمال القسنطيني، المنطقة الثانية التي أصبحت الولاية الثانية بعد مؤتمر الصومام. وشارك علي كافي في هجومات 20 أوت 1955 التي قادها زيغود يوسف، وكان سنة بعد ذلك ضمن وفد المنطقة الثانية التي شاركت في مؤتمر الصومام، ليصبح بعدها قائدا للمنطقة الثانية (1957-1959) بعد أن توجه لخضر بن طوبال إلى تونس. في ماي 1959 استدعي علي كافي إلى تونس ليصبح أحد العقداء العشرة الذين أعادوا تنظيم الهيئات القيادية للثورة (الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية والمجلس الوطني للثورة الجزائرية). وخلال أزمة 1962 كان علي كافي إلى جانب الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية. وبعد الاستقلال عين الفقيد سفيرا في العديد من البلدان وهي سوريا ولبنان وليبيا وتونس ومصر والعراق وإيطاليا. كما عين أمينا عاما للمنظمة الوطنية للمجاهدين سنة 1990. وفي 11 جانفي 1992 عين رئيسا للمجلس الأعلى للدولة الذي نصب بعد استقالة الرئيس الشاذلى بن جديد. وفي 2 جويلية 1992 خلف محمد بوضياف - الذي اغتيل في 29 جوان من نفس السنة - على رأس المجلس الأعلى للدولة. وأشرف الفقيد من 1994 إلى 1996 من جديد على المنظمة الوطنية للمجاهدين، قبل أن يتفرغ لكتابة مذكراته. كان كثير الظهور بجانب الرئيس بوتفليقة وأحمد بن بلة في المناسبات الوطنية، عكس الرئيس اليامين زروال.