ابن مدينة الورود التي ينحدر منها محفوظ نحناح، المؤسس والأب الروحي لحركة مجتمع السلم وإخوان الجزائر. عمره 51 سنة وأب لخمسة أطفال، أربعة منهم بنات. هو ممن تتلمذوا ونهلوا سياسيا وحركيا على يد الشيخين محفوظ نحناح ومحمد بوسليماني. حامل لدبلوم دراسات عليا في الشريعة الإسلامية، ما أهله لامتهان الإمامة. فلح في افتكاك عهدتين نيابيتين متتاليتين عن ولاية مسقط رأسه البليدة، وتنازل عن الترشح لعهدة أخرى خلال الانتخابات التشريعية الفائتة. ظل عبد الرحمان سعيدي منذ وفاة الشيخ محفوظ نحناح، يحظى بالتقدير والاحترام من قبل مناضلي حركة مجتمع السلم، إذ كان من أوائل الشخصيات التي رأى فيها المناضلين ملامح خليفة الأب الروحي، وقدموه منافسا لأبو جرة سلطاني في 2003، إذ لم يفصل بينهما إلا أصوات معدودات، ففهم الشيخ أبو جرة بأن عليه استمالة سعيدي إلى صفه طيلة عهدته بسبب وزنه داخل الحركة ومنافسته الشديدة له، لكن سعيدي عرف كيف يحافظ على كاريزمته وشخصيته المستقلة عن التيارات داخل الحركة، ولم يظهر يوما ضد أو مع سلطاني، ورغم إيمانه القوي بأنه لا ينبغي جر الحركة بتسرع نحو المعارضة والحفاظ على الخيط الرفيع لمبدأ المشاركة في الحكومة، إلا أنه لم يمارس يوما ضغطا على مجلس الشورى وهو رئيسه، إذ امتاز بحياده ونبذ الكولسة دفعا للقرارات الشفافة والسيّدة للحركة، وكان يدافع عن كل قرارات الحركة رغم تعارضها مع توجهه الشخصي، ويشكل سعيدي بارومتر حقيقي في كل أزمة داخلية، حيث يهرع المناضلون لتحسس مواقفه ليبنوا عليها موقفهم الجماعي. كان من أهم الثابتين مع الحركة في أحلك أيام الانشقاقات وهروب الإطارات، وفاوضه المنشقون في أحزاب عديدة إلا أنه رفض التبديل وقال قولته الشهيرة “مع الحركة ولو وحيدا". سعيدي من المدافعين الشرسين عن الخط الإسلامي الوسطي وكان من المؤسسين لمنتدى الوسطية لأئمة وعلماء شيوخ دول الساحل، فضلا عن دفاعه المستميت عن قضية الأمة، فلسطين. معروف بعلاقاته الشبكية مع الإخوان إذ يحظى باحترام كبير بينهم، لمعرفتهم بأنه كان من تلاميذ محفوظ نحناح صاحب الخط الأصيل. ظل قريبا من المناضلين من خلال نزوله إلى الميدان لتنشيط الحملات الانتخابية عند كل انتخابات، وخسرت حركة مجتمع السلم لأول مرة في تاريخها مقاعد في البرلمان عن ولاية البليدة، بمناسبة التشريعيات الماضية وصادف ذلك عدم ترشحه لهذه الانتخابات. يعيب عليه أصحاب التيار المعارض للسلطة داخل الحركة أنه مهادن لها وللنظام، ويصعب عليه مجابهتهما في حال غيّرت الحركة مواقفها، كما يقول بعض المؤتمرين إن سعيدي لم يعمل مع المناضلين خلال المؤتمر لإقناعهم بالوقوف معه، لكن ذلك كان من منطلق مبدأ في الحركة “المسؤولية لا تُطلب".