كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الاثنين، أن العدوان الإسرائيلي ضد ثلاثة مواقع عسكرية قرب دمشق فجر أمس الأحد، تسبب في مقتل 15 جنديا سوريا على الأقل، في حين ما زال مصير عشرات آخرين مجهولا. وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، في تصريح صحفي أمس:«لقي ما لا يقل عن 15 جنديا من الجيش السوري مصرعهم إثر القصف الإسرائيلي" الذي نفذته طائرات حربية واستهدف ثلاثة مواقع تابعة للقوات النظامية شمال غرب دمشق. وأوضح أن “مصير العشرات (من الجنود) مازال مجهولا"، مشيرا إلى أن المواقع الثلاثة “عادة ما تضم قرابة 150 جنديا، لكن لا يعرف إذا كانوا جميعا فيها وقت القصف". وكانت وكالة الأنباء السورية (سانا) قالت، أول أمس، أن صواريخ إسرائيلية استهدفت مركز البحوث العلمية في منطقة جمرايا في ريف دمشق، وأن الهجوم أسفر عن وقوع ضحايا، وهو الهجوم الثاني من نوعه بعد اختراق طائرات إسرائيلية حربية المجال الجوي السوري في 30 جانفي الماضي، وقصفها بشكل مباشر أحد مراكز البحث العلمي في منطقة جمرايا بريف دمشق. لا شك أن أي هجوم اسرائيلي على سوريا مرفوض عرفاً وقانوناً مهما كانت مبرراته ومصوغاته التي لا تقوى أمام أي حجة، سواء استهدف مواقعا للنظام أوالمعارضة، ذلك لأنه اعتداء سافر على الأراضي السيادية السورية، وإدانته واجبة، وعلى المجتمع الدولي أن يفعل كل آلياته القانونية لعدم إفلات إسرائيل من عقوبة هذا الفعل الإجرامي الذي استهدف سيادة سوريا. لكن بالمقابل كيف يمكن تفسير هذا السلوك الإسرائيلي في هذا التوقيت الذي بدا فيه أن “نظام الأسد" يفقد كل مبررات وجوده وبقائه على الأرض السورية، بعد أن تمكن من الفتك بأكثر من مائة ألف شهيد سوري؟ فيما صمت طوال الأربعين عاماً الماضية عن كل الاستفزازات الإسرائيلية، سواء فيما يتعلق احتلال هضبة الجولان السوري، أواختراق الأجواء السورية بما في ذلك أجواء قصر الشام، أوتدمير مواقع قيل أنها تطور برنامجا نوويا (كل ذلك قبل انفجار الثورة السورية في مارس عام 2011)، دون أن تجد رداً فعليا من قبل النظام “المقاوم" لإسرائيل!. فيما أن الترسانة السورية العتيدة ظلت تقصف بالطائرات أي مواقع مفترضة للثورة، وتدك البيوت على رؤوس ساكنيها لمجرد اشتباه وجود عنصراً من عناصر"الثورة"!، ما يعني أن النظام الذي ظل يتسلح بسخاء الدب الروسي والنفط الإيراني، لم يكن يهدف أبداً مواجهة العدو الصهيوني كما ظلت تردد “الاسطوانة الرسمية السورية"، بقدر ما كان عتاده وبراميل قنابله موجهة لحماية النظام واستهداف أي محاولة لخلعه من على رأس السلطة . وكأن نظام “الأسد" يطبق بأمانة متناهية المثل العربي الشائع “ أسدٌ عليَ وفي الحروب نعامة" عندما تعلق الأمر بالرد على هجوم إسرائيل، وأضحى من الواضح أن هذا المثل بحاجة إلى إعادة صكه بطريقة سورية “أسدُ على شعبه وعلى إسرائيل نعامة". ذلك منذ أن قررت اسرائيل القيام بكل ما تراه مناسباً في العبث بأمن واستقرار سوريا، سواء عندما اخترقت الأجواء أو دمرت المواقع، قبل الثورة، أوحتى عندما أغارت مؤخراً لمنع “نقل السلاح الكيميائي نحو حزب الله اللبناني" حسب التبرير الإسرائيلي للهجوم. وهنا تحضرنا قصة “الطائرة التركية" التي حلقت في الأجواء الدولية بالقرب من الأراضي السورية، في جوان 2012، حيث تدخلت منظومة الدفاع الجوي السوري وأسقطتها قبل اختراقها الأجواء السورية، وهو الفعل الذي اعتذرت له دمشق لاحقاً. وهذه القصة الموحية يمكن استدعاؤها الآن لفهم موقف “منظومة الدفاع الجوي السوري" أمام الاختراقات الإسرائيلية المتكررة، للحد الذي تبلغ فيه إلى تنفيذ غارات جوية داخل عمق الأراضي السيادية السورية ؟!. والسؤال المنطقي، كيف تمكن سلاح الجو السوري من رصد وترقب الطائرة التركية على الأجواء الدولية، وعجز عن محاولة منع إسرائيل من اختراق أجوائه ولو بصواريخ “الكاتوشا"، أو ببعض من سخاء صواريخه التي تستهدف حلب وحمص وجسر الشغور، وغيرها من المناطق التي تحولت إلى مدن أشباح؟! فهل تم “الهجوم الإسرائيلي" الأخير على سوريا بتنسيق تام بين “تل أبيب" القلقة من وصول جماعات متطرفة إلى سدة الحكم في الشام، وبين النظام الذي يتهاوى أمام “ثورة عارمة" في محاولة لإستعادة “شرعية" سقطت مع أول قطرة دم سورية؟. أم أن الأمر أقل من ذلك بكثير؟ وأن سلاح الجو السوري تغاضى الطرف عن ردع الطائرات المغيرة لحساب “الربح والخسارة" أيضا لتحقيق ذات الهدف دون أن يتم هناك تنسيق مشترك بالضرورة. ثم ما هو رد فعل النظام اليوم على هذه الغارات؟ وهل من رد بالفعل عدا البيانات التي لا تقول شيئاً بقدر ما تحاول استغلال الوضع لصالح الشأن الداخلي المتدهور، في لعبة صفرية بدت فارغة المضمون أمام هول الجرائم! ثم أين هي فرية “الرد في الوقت والمكان المناسبين" التي صدعنا بها النظام عندما استهدفت إسرائيل مواقعه منذ سنوات سبقت انفجار الثورة الشعبية، حتى نصدق فرياته الجديدة بشأن الرد.