انطلقت، الجمعة الفارط، عملية تصوير الفيلم التاريخي المطول “لالا فاطمة نسومر" بولاية برج بوعريريج، كأول محطة منه بمشاركة نخبة كبيرة من الممثلين السينمائيين. اختار مخرج الفيلم بلقاسم حجاج منطقة تسامرت وتيزي ببرج بوعريريج ، على غرار باقي مناطق الوطن، لتصوير مشاهد هذا الفيلم الذي يروي أسطورة كفاح البطلة نسومر التي قهرت المستعمر. واستعان المخرج بطاقم تقني ضخم لإنجاح هذا المشروع السينمائي، بالإضافة إلى إدراج العديد من أبناء منطقة تيزي وبلدية تسامرت كممثلين في الفيلم. ويعود اختيار مخرج الفيلم لقرية تيزي الضاربة بجذورها في عمق التاريخ لكونها تتوفر على جبال ومسالك وعرة، حيث أصبحت في الاونة الاخيرة قبلة للمخرجين في مجال الإنتاج السينمائي الثوري. ويعول حجاج على إنجاح هذا الفيلم بالنظر إلى الامكانيات المسخرة، حيث تمت الاستعانة بعتاد سينمائي حديث ومتطور وخبرات أجنبية فاعلة لتجسيد تلك الحقبة التاريخية على صورتها الحقيقية. وينجز الفيلم على نسختين باللغة الفرنسية والعربية. وفاطمة نسومر هي امرأة ولدت عام 1830 في كنف عائلة تنتمي إلى الطريقة الرحمانية في عرش “آث ورجة “ ونشأت نشأة دينية فتفقهت في أمور دينها ودنياها وتشبعت بمبادئ الدين الاسلامي الحنيف، واستطاعت أن تقود أشهر المعارك ضد المستعمر الفرنسي. ومقاومة القائدة البطلة لالا فاطمة نسومر لم تكن تعبر عن وجود تيار ثوري محلي فحسب بل كانت تمثل تيارا ثوريا ممتدا في الجزائر خارج منطقة الإقامة. وحسب المؤرخ الدكتور سعيد عيادي، فالبطلة نسومر كانت تنتمي إلى بيت علم شريف وإلى عرش “اث ورجة" وهو من العروش التي كانت قد نبتت تاريخيا في جانبها المعرفي التاريخي ضمن ما يسمى بمدرسة سيدي يحي العيدلي وسيدي عبد الرحمان الثعالبي، وصولا في نهاية المطاف إلى سيدي عبد الرحمان الجرجري، الذي أسس ما يسمى بالطريقة الرحمانية، حيث كان أغلب سكان مناطق المدية والبرواڤية ووزرة آنذاك من أتباع هذه الطريقة والمدرسة التي تحمل علما ومعرفة وصورة دقيقة عن هوية المجتمع الجزائري. كما أوضح المتحدث أن فرنسا لما أحست بصلابة وشجاعة لا لا فاطمة نسومر أنشأت هيئة استخباراتية فرنسية لمراقبتها وتقفي آثارها. ولما تنقلت نسومر نحو منطقة وزرة وتيطري تمت مضايقتها من طرف أحد أكبر ضباط الاستخبارات الفرنسية آنذاك، يسمى “ڤرييار"، حيث أعد هذا الأخير تقريرا قويا جدا عن السيدة فاطمة نسومر التي كانت قد أعلنت ثورتها، وقادت الجيوش في سن 24 سنة وكانت قد اكتسبت الخبرة مع فيالق وفروع القائد أحمد بوبغلة، وبالتالي أدى الأمر في نهاية المطاف إلى أن تصقل مواهبها الفكرية والمعرفية والقتالية، الشيء الذي أعطى لها نوعا من “الكاريزما" التي سهلت لها القبول الواسع والترحاب والانجذاب من مختلف القوى المقاتلة في الجزائر التي سارت خلفها وحققت انتصارات كبيرة، أقلقت بالفعل السلطات الاستعمارية الفرنسية.