سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
“إلين مينو" الباحثة المشاركة في المركز الوطني للبحوث العلمية بفرنسا ل “الجزائر نيوز": إنعدام الأموال أو حالات التنوع الثقافي تقف وراء غياب وصعوبة سبر الآراء في الدول الإفريقية
ترى “إلين مينو"، وهي باحثة مشاركة في المركز الوطني للبحوث العلمية بفرنسا، أن انعدام الأموال يقف وراء غياب عمليات سبر الآراء في الدول الإفريقية. وتشير ذات المتحدثة في هذا الحوار، التي أدلت به على هامش الملتقى الدولي الثاني حول سبر الآراء وأدوات قياس الرأي في الجزائر، إلى أن عمليات السبر تصبح مهمة ومتعددة أكثر فأكثر في عالم اليوم وأن ما يجعل عملية السبر معتمد عليها هي مسائل تتعلق بتمثيلية العينة وتعدد الأسئلة الموجهة للأشخاص الذين تتوجه إليهم عملية السبر. عمليات سبر الآراء في العالم حاليا تصبح مهمة ومتعددة أكثر فأكثر ولا سيما عندما يتعلق الأمر باختيار رئيس الجمهورية في بلد ديمقراطي، في الجزائر ليس هناك تعود بعد على سبر الآراء ولكن من الواضح أنه خلال النقاش في فرنسا فإننا نصل إلى قياس الرأي.. هل سنقوم بانتخاب مرشح داخل الحزب من أجل الترشح لرئاسة الجمهورية؟ ومن سنختار؟ ومن تم انتخابه؟ وكيف سيتم اختيار الرئيس من بين هؤلاء الذين تم انتخابهم داخل الأحزاب؟ كل هذا النقاش يحتل مكانة كبيرة داخل وسائل الإعلام وبالتالي في النقاش العام، إذن فعمليات سبر الآراء، وما يمكن تسميته بمنطق الرأي، تحتل مكانة مهمة أكثر فأكثر، وهذا ما يغير نوعا ما النقاش السياسي على اعتبار أنه، تقليدي، فالأحزاب السياسية هي التي كانت تختار الرئيس والقائد، كما أن ذلك كان يتم من خلال نقاش سياسي بامتياز، ولكن ما يحدث هنا أن منطق الرأي الذي يتم قياسه من خلال عمليات السبر ينتهي في نهاية المطاف، وبالتدرج، إلى فرض اختيار، وخلال الانتخاب في مرحلتها الفعلية فإن الأمور يمكن أن تنقلب، مثلا عام 2006 “سيغولان روايال" كانت متقدمة في عمليات سبر الآراء، إن على مستوى المتعاطفين وإن على مستوى المواطنين الآخرين، ولكن حدثت هناك ظاهرتين أولا كان هناك رفضا حتى على مستوى الحزب الاشتراكي، الذي تنتمي إليه، من أجل اعتماد مرشح نسوي، ثم كانت هناك الجبهة الوطنية التي ساندت بقوة نيكولا ساركوزي، الذي تم انتخابه في النهاية رغم ما كانت تقوله عمليات سبر الآراء. إذن، فإن عمليات سبر الآراء تأخذ أهمية كبيرة ولكن في اللعبة السياسية تحدث أيضا أمور أخرى وبالتالي فهي ليست دائما تحقق التوقع مما سيحدث. ما هو حيوي هنا عادة، هو العينة التي نقول بشأنها إنه ينبغي أن تكون تمثيلية فعلا وإذا قمنا بسبر للآراء من خلال الأنترنت، فإننا نقوم بتصحيحات كثيرة والنوعية تكون أقل، وإذا قمنا بسبر للآراء من خلال الهاتف فإن الأمر أحسن ولكن الاعتماد الحقيقي يتم الحصول عليه عندما تتم الأمور “وجها لوجه" والتي تعتبر أكثر كلفة، وعندما نريد فعلا معرفة نتائج حقيقية فإننا نذهب إلى إنجاز سبر للآراء بهذه الطريقة المباشرة. هناك مسألة العينة وهناك مسألة تعدد الأسئلة أيضا من ناحية أنه لا يمكن الاكتفاء بتوجيه سؤال إلى الناس.. هل ستنتخبون بالأسود أو الأبيض، ينبغي الطلب منهم لمن انتخبوا؟ ومن يريدون رؤيته رئيسا؟.. التعدد في هذه الأسئلة هكذا من خلال 20 سؤالا ربما، وهنا فإن الجواب الحقيقي حول من سوف تنتخبون؟ يمكن له أن يصبح مقلوبا من خلال عموم الأسئلة ككل، هذا يعني أن الرأي هو ظاهرة معقدة ولا يمكن قياسها من خلال سؤال واحد، في حين أن مثلما ترونه في وسائل الإعلام الفرنسية، أحيانا ترون عنوانا كبيرا والاعتماد على سؤالين فقط.. يعمل ذلك على بيع النسخ ومثلا فإنه حاليا نتساءل بطرقة غريبة - تقصد في فرنسا - من سيكون مرشحا للانتخابات الرئاسية سنة 2017 وهذا يعتبر غير منطقي بالمرة على اعتبار أننا لا نعرف إن كان هؤلاء سيكونون أحياء أم مرشحين، ومن خلال الأجوبة تتم محاولات التأثير على النقاش السياسي، إذن فإن عمليات سبر الآراء هي أداة أساسية، ولكن حتى تكون معتمدا عليها ينبغي التحقق من العينة والتحقق من الأسئلة أيضا التي ينبغي أن تكون نزيهة والعمل على جعلها متعددة. ومن هنا يمكن الوصول إلى الحديث عن أشياء وأيضا لا بد من أن يكون الأمر واقعيا على اعتبار أن قياس سبر للآراء قبل 5 سنوات هو أمر غير واقعي نوعا ما. ولكن ومقابل ما تمت الإشارة إليه، في السابق، فإن عمليات سبر الآراء هي رغم ذلك تتمتع بحد معقول من القوة والصحة، وفي سنة 2002، كان الجميع مندهشا من ناحية أن جوسبان تم إقصاؤه من طرف لوبان.. أنتم تتذكرون ذلك ولكن الأمر كان متوقعا إذا نظرنا إلى عمليات سبر الآراء في استمراريتها، أي كل شهر، ومن خلال اعتماد منحنى بياني حيث كان منحنى جوسبان في انحدار ومنحنى لوبان في تصاعد، وهذه المنحنيات تقاطعت خلال نهاية أسبوع الانتخابات، الذين كانوا على علم بهذه المنحنيات كانوا على علم بأن جوسبان سيخسر. إذن، القول إن عمليات سبر الآراء لم تتوقع.. على العكس من ذلك، فإنها فعلت ذلك وتوقعت ما كان سيحدث، لذا أعتقد أن هذه العمليات أداة يمكن الاعتماد عليها بشدة ولكن بالمقابل يمكن استعمالها، مثلما يحدث في السياسة، بطريقة متنوعة، ودون ذكر اسم الجريدة أو اسم معهد السبر.. فإن هناك مثلا جريدة عنونت أن 40 بالمائة من الفرنسيين هم مع كذا قرار، ولكن إذا نظرنا جيدا إلى المقال فإن 60 بالمائة هم ضد هذا القرار، وعلى مستوى الإذاعة، فإن الذي تم أخذه بخصوص الموضوع نفسه، هو أن 40 بالمائة هم مع ذلك، وبالتالي إذا أردنا أن نكون محللين جيدين للحدث السياسي ينبغي أن ننظر إلى السبر وإلى الأسئلة، وفي فرنسا لدينا الحظ في أن معاهد سبر الآراء، وإذا ذهبنا إلى مواقعها الإلكترونية، وبعد طلبات من جانب المواطنين، فإنها تنشر كل الأسئلة وتوزع العينة من خلال الفئات الاجتماعية والمناطق الجغرافية وغيرها. وهذا ما يمكننا، من خلال أنفسنا، امتلاك فكرة عن نوعية سبر الآراء. إذن ينبغي بصفة المحلل السياسي معرفة استعمال السبر من خلال ما يمثله فعلا. ينبغي أن نعرف أنه في فرنسا هناك سبر الآراء العمومي وسبر الآراء الخاص، ومعاهده في فرنسا تنتمي للقطاع الخاص، وأعتقد أن المشكل رأيناه مثلا في الدول الإفريقية وأقرأ أنه ليس هناك أموالا للقيام بعمليات سبر الآراء أو أن الحالات الثقافية شديدة التنوع جعلت من إنجاز عمليات سبر الآراء أكثر صعوبة. نعم، إنه مشكل إنجاز عمليات سبر الآراء وحتى في الدول التي توجد فيها هذه العمليات، مثلا منظمة تريد إثبات شيء ما من خلال عملية سبر لن يكون لديها بالضرورة أموال من أجل طلب إنشاء سبر للآراء، وبالتالي أعتقد أنه في الدول التي لا يوجد فيها هذا القطاع، ينبغي اقتراح أن تكون عمليات سبر الآراء ممولة بطريقة عمومية حتى يمكن للجميع طرح سؤال وحتى يمكن لهذه الأداة أن تكون في متناول الجميع أيضا والتي هي في نهاية المطاف أداة للإقناع. هناك مشاكل في مجال بناء الديمقراطية سواء في دول العالم الثالث أو غيرها وبالتالي فإن عمليات سبر الآراء ومعرفة الرأي العام.. هي مرحلة في بناء الديمقراطية.