“أولا بودي القول إنه عندما تكون في حالة إضراب فهذا يعني منطقيا أن الحوار فشل بين الشركاء الاجتماعيين، كما أن القانون ركز على مبدأ الوقاية وأعطى العديد من التدابير حتى لا تصل الأمور إلى الاحتجاجات والإضرابات، من خلال الاحتكام إلى جلسات الصلح وكذا الهيئة العليا للوظيف العمومي. لكن هذه القوانين مع الأسف الشديد غير مطبقة، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لتمييع هذه الإجراءات والهدف يكون دائما هو كسر الاحتجاجات. ورغم أن جل النقابات تسعى لتكريس الحوار، إلا أن الادارة تتعامل مع كل الاحتجاجات بأسلوب التهديد والوعيد من خلال اللجوء إلى العدالة.وبالعودة إلى إضرابات الصحة، فرغم مرور أسابيع عديدة إلا أن الحلول ماتزال غائبة، كما أننا لم نتلق أي دعوى قضائية بخلاف بعض القطاعات الأخرى، وفي كل الأحوال أقول “إن هذه الظاهرة سلبية وتزيد في تعفن العلاقة بين الأطراف وأقصد النقابات والجهات الوصية كالوزارات". “إن ظاهرة لجوء الإدارة إلى المحكمة يمكن تفسيره بأمر واحد، هو هروبها إلى الأمام وعدم معالجة المشاكل المطروحة في القطاع، حيث تتنصل من مسؤوليتها، لأن الإضراب حق دستوري غير أن التعامل معه من طرف الإدارة يهدف دائما إلى هدف واحد هو كسر أي حركة احتجاجية. ولعل ما زاد في تفاقم الظاهرة وتعفنها هو أن العدالة تسير دائما في فلك الإدارة، بحكم أننا لم نصل بعد إلى استقلال القضاء، ونحن على مستوى قطاع النقل نتمنى أن تتكفل الإدارة بمطالب العمال وتطبق القوانين بطريقة صارمة من خلال فتحها للحوار، حتى لا نصل إلى طريق مسدود يؤدي بنا إلى الدخول في إضرابات". “ما يحدث حاليا يعبر بدقة على عدم استقلالية القضاء لأن القانون 90 / 14 و 90 / 02 وكذا قانون الوظيف العمومي والدستور، يقرون ويؤكدون على حق الاضراب لأنه مشروع، وهذا الأمر موجود كذلك في القوانين والاتفاقيات الدولية التي تنادي بحق التظاهر والاحتجاج والإضراب. وعندما تلجأ الإدارة في بلادنا إلى القضاء وتستعمله، فإن هذا الأخير لا يجد حرجا في إعلان عدم مشروعية الاحتجاجات. ورغم أن القاضي مطلع على القوانين ويملك الأدلة إلا أنه يسير في فلك الادارة. وللأمانة أقول إن الادارة رفعت قضايا إلى المحكمة، التي رفضت بدورها الدواعي المقدمة لها وأقرت بشرعية الإضراب أو الاحتجاج. وبالعودة إلى هذه الاشكالية المطروحة أقول إن الاضراب الذي شنه أمناء الضبط في قطاعنا، قابلته الوزارة الوصية بتوقيف الأجور والمنح العائلية بدون سند قانوني تخطر العمال به".