إتخذت الاحتجاجات المستمرة منذ عشرة أيام في البرازيل على سياسيات الحكومة الاقتصادية زخما جديدا بحشد أكثر من ثمانمائة ألف متظاهر في كبريات مدن البلاد. فيما قدرتها مصادر معارضة بحوالي مليون متظاهر، وتخللت الاحتجاجات، أعمال شغب ومواجهات مع الشرطة، حيث قتل متظاهر دهسا في أول وفاة تسجل منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية وأصيب ثلاثة آخرون. ووفقا لتقديرات الشرطة فإن المتظاهرين خرجوا في 16 مدينة كبيرة. ففي العاصمة برازيليا هاجم متظاهرون مساء أول أمس الخميس، مقر وزارة الخارجية، حيث تمكنت قوات الأمن في آخر لحظة من منعهم من اقتحام المبنى، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وتمكنت مجموعة من المتظاهرين من تحطيم زجاج البوابة الرئيسية للوزارة، لكن الشرطة تمكنت في النهاية من صدهم، وذلك في أول تحرك احتجاجي تشهده البلاد على الصعيد الوطني منذ اندلعت الحركة الاحتجاجية قبل نحو عشرة أيام. وتصدرت مدينة ريو دي جانيرو قائمة المدن الأكثر احتجاجا بنزول ثلاثمائة ألف متظاهر إلى شوارعها، تلتها مدينة ساو باوبو (110 آلاف) ثم فيتيوريا (مائة ألف)، في حين كان نصيب العاصمة برازيليا ثلاثين ألفا، وفق حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية استنادا لأرقام الشرطة وتقديرات خبراء، وشملت 16 من كبرى مدن البلاد، علما بأن عدد سكان أكبر بلد في أمريكا اللاتينية يبلغ 194 مليون نسمة. وكانت هذه الحركة الاحتجاجية - التي تهز البلاد منذ حوالي عشرة أيام احتجاجا على الإنفاق الحكومي على استضافة مونديال 2014 - وعدت عبر شبكات التواصل الاجتماعي بحشد أكثر من مليون متظاهر في هذا اليوم الاحتجاجي الأول على الصعيد الوطني. وسجلت الاحتجاجات سقوط ضحيتها الأولى، وهو متظاهر شاب يبلغ من العمر 18 عاما قضى دهسا في ولاية ساو باولو البرازيلية مساء أول أمس الخميس، بعدما صدمته سيارة مع اثنين من رفاقه، وفق ما أعلنت الشرطة العسكرية. وقع الحادث في مدينة ريبيارو بريتو على بعد 330 كلم من مدينة ساو باولو عاصمة الولاية، وبحسب الصحافة المحلية فإن سيارة حاولت اجتياز مجموعة من المتظاهرين كانوا يقطعون الطريق فدهست ثلاثة منهم. وتخلل اليوم الاحتجاجي الطويل صدامات وأعمال شغب، ولا سيما في ساو باولو والعاصمة برازيليا. فمساء أول أمس الخميس، دارت أمام مقر بلدية ساو باولو مواجهات عنيفة بين متظاهرين رشقوا عناصر الشرطة بالحجارة في حين رد هؤلاء بقنابل الغاز المدمع والرصاص المطاطي. ولم تعلن الشرطة عن عدد الإصابات إلا أن قناة غلوبو التلفزيونية بثت مشاهد لأحد صحفييها وهو مصاب بعيار مطاطاي في الرأس. كما أحرق المتظاهرون سيارة لقناة "إس بي تي" التلفزيونية. حيث اتخذت السلطات البرازيلية مساء الأربعاء الماضي، خطوة لاسترضاء الجماهير بالاتفاق على التخلي عن زيادة أقرتها في أسعار تعريفة المواصلات العامة. وقالت السلطات في ساو باولو إنها ستتخلى عن زيادة مقترحة في أسعار تعريفة الحافلات العامة من ثلاثة إلى 3.2 ريالات (1.44 دولار). لكن رئيس بلدية المدينة فرناندو حداد قال إن النقص في الإيرادات العامة (الناجم عن إلغاء الزيادة المقترحة) يجب تعويضه من مصادر أخرى. وكان نحو مائتي ألف شخص خرجوا إلى الشوارع في أنحاء البلاد يوم الاثنين الماضي، واحتشد نصفهم تقريبا في مدينة ريو دي جانيرو، ثاني أكبر مدن البلاد. وسرعان ما اتسع نطاق الاحتجاجات ليشمل الفساد والإسراف في النفقات الحكومية على استضافة بطولات كرة القدم بدلا من إنفاقها على الخدمات الصحية والتعليمية والخدمات العامة الأخرى.