خرج، صبيحة البارحة، 16 أستاذا وتقنيا في البالي الوطني الجزائري عن صمتهم الطويل، بعد أن طفح بهم الكيل من تصرفات فاطمة الزهراء ناموس المديرة الحالية، والتي وصفوها ب«الجنرال" و«غير المؤهلة" لإدارة مؤسسة فنية. المجموعة أكدت أنها تريد رحيل المديرة، وتطالب وزيرة الثقافة بتسوية وضعيتها المهنية، واستغلال خبرتها الطويلة لخدمة البالي. بررت المجموعة الفنية المحترفة لمؤسسة البالي الوطني الجزائري عقدها ندوتها الصحفية بالعاصمة، بالقول: "لم نعد نتحمل المعاناة النفسية والإهانة المستمرة التي نتعرض لها من قبل المديرة الحالية". مضيفين: "أصبحنا لا نعرف مع من نتعامل؛ هل مع المديرة الإدارية للبالي أم المديرة الفنية أم المدربة أم الكوريغرافية... المديرة منذ تنصيبها أبدت ميولها لاستصغار الجميع، مع أنها كانت زميلة لنا، واستقبلنا خبر تعيينها بكثير من الأمل". إذ سرعان ما تبدد الأمل في رؤية البالي الوطني في "زهوة وفرحة"، حيث تحولت أروقة المؤسسة إلى مسرح للإقالات من المناصب والتعيينات الاعتباطية، وحرمان أشخاص من مناصبهم دون مبرر إداري واضح. كما هو الحال بالنسبة للقويدر نعيمي، مسؤول المصلحة الفنية والتقنية سابقا الذي قال: "استغلت عطلتي المرضية وعينت شخصا آخر في منصبي دون سابق إنذار". ومن يومها توالت القرارات على نعيمي وزملائه المنتمين كلهم إلى الدفعات الأولى لمعهد برج الكيفان للفنون الدرامية.. "نحن مجموعة تمثل اللبنة الأولى المحترفة والدارسة أكاديميا فن البالي. درسنا على أيدي أساتذة من الخارج، وأثبتنا جدارتنا على مدار السنوات في أكثر من محفل دولي". متذكرين، في المقام ذاته، حصول الباليه الوطني على ميداليات ذهبية سنة 1968 خلال المهرجان المتوسطي للرقص الشعبي الذي نظم في إسبانيا، وفي إيران خلال مهرجان الرقص الشعبي الذي نظم خلال نفس السنة. وفي 1973 خلال المهرجان العالمي للرقص الذي احتضنته تركيا، وسنة 1977 خلال معرض الجزائر الإفريقي. ولم يدخر سليمان حابسن في كلمته وصف المديرة الحالية بالقول: "جاءت بعقلية الجنرال لتسيّر البالي الوطني كثكنة عسكرية، وتمارس علينا سلطة الأمومة، دون اعتبار لخبرة الأساتذة والتقنيين وأعمارهم". وهو الشعور الذي استنهض نعيمي الذي تحدث بتأثر بالغ: "لست ضد المديرة لمجرد أن أكون في المعارضة، وإنما لتصرفاتها غير الفنية، وتحويلها البالي لمسار بعيد جدا عن روحه الأصيلة". من جهة أخرى، اتفقت المجموعة أن ناموس منذ تعيينها شهر أوت 2012، أرادت استبعاد كل الأكاديميين لتحيط نفسها بالمتربصين وخريجي معهد الموسيقى. وهو الأمر الذي جعل الإنتاج الأخير لهذه المديرة "بعيدا عن المستوى المطلوب". في إشارة منهم إلى عرض "ألوان بلادي" التي قال عنها نعيمي إنها "أكذوبة كبيرة لا علاقة لها بالفلكلور الجزائري". فيما ذهب آخر ليقول: "هي سرقة فنية وإهدار للمال العام، ونقل حرفي لمجموع اللوحات التي سبق للبالي إنتاجها في الأعوام الماضية... للأسف لم تتفطن خليدة تومي للخدعة التي تسعى ناموس لتمريرها". خديجة شقروني، تعدّ في جعبتها 45 عاما من الخبرة الميدانية، لبست طيلة مسيرتها الفنية أزياء الجزائر الزاهية، وسافرت إلى أكبر العواصم رفقة هواري بومدين، الذي لم يكن يغادر الجزائر إلا برفقة مجموعة الباليه. إلا أن شقروني المدربة، وجدت نفسها محالة على التقاعد تعسفيا ودون علم منها، ودون المرور على إجراءات إدارية وتمهيدية، ليفاجئها صندوق التقاعد بمراسلة اختصرت وعجلت من تقاعدها براتب لا يتعدى 28 ألف دج.. "ناموس تزيح الكفاءات لتفرغ لها الساحة، وتمارس نزعتها السلطوية على عمال بعضهم باع ذمته مقابل مبالغ مالية، وآخرون لا يملكون قوة مواجهتها". لتردف: "أريد لفت انتباه وزيرة الثقافة بتردي الوضع؛ بالأمس كان البالي مرجعية للجميع، واليوم في حال استمر الوضع سيندثر كل الإرث، بسبب مسؤولة استحوذت على كل المسؤوليات". حابس دعم قولها بالتأكيد أن المؤسسة لا تملك مجلسا فنيا، وأنها اختزلت في مجرد إدارة بيروقراطية، تتعامل مع الفنان بقوانين تثبّط عزيمته. وقد أشار محي الدين عز الدين، مساعد ومدرب، من جهته، إلى الاتفاقية العامة التي اعتمدت في 2008، والتي لم يستشر عند صياغتها أي طرف. ويشرح نعيمي أهدافها بالقول: "الهدف منها هي السماح للمقبلين على التقاعد بالخروج برواتب معتبرة، وفق إرادة خليدة تومي، التي طالبت شفاهيا بتسوية أوضاعنا، إلا ألا شيء صدر مكتوبا، وحررت الاتفاقية دون أن نعلم إلى اليوم مضمونها". سلم رواتب العمال ما زال غير عادل، وتوزيع رتبة 25 على الأقل خبرة وتجربة بات أمرا عاديا في مؤسسة فاطمة الزهراء ناموس، فيما يوجد مدرب ب35 عاما خبرة في مرتبة 18 أو 19. للعلم، راسلت المجموعة العمالية وزيرة الثقافة بتاريخ 23 جوان 2013، ضمنوا رسالتهم حالتهم المهنية، وانشغالهم بمستقبل مؤسستهم التي استقبلتهم صغارا (معظمهم أبناء شهداء). وفي مقابل اللاجواب، تؤكد شقروني: "نحن فنانون ولن نلجأ لأساليب منحطة، وسنسعى لإسماع صوتنا. لن ننظم إضرابا كما يراد لنا، ولكن سنتمسك بمطلب تسوية أوضاعنا نهائيا، ونرفع شعار الرحيل لسنوسي ناموس فاطمة الزهراء".