قال عز الدين فهمي السفير المصري بالجزائر، خلال ندوة صحفية أمس بمقر سفارته، ردا على سؤال يتضمن احتمالات انحراف الأحداث في مصر إلى النموذج الجزائري مطلع التسعينيات "إن مصر ليست الجزائر ولا الجزائر هي مصر والمصريون سلميون ولن يسمحوا بالانحراف". ولكنه أقر بالمقابل أن بلاده تضع بالحسبان احتمال نزع الإخوان للعمل المسلح "إلا أن المصريين لن يسمحوا بذلك"، موضحا بأن بلاده "مهتمة بالتجربة الجزائرية في المصالحة وأخذت إياها بعين الاعتبار". لم يَبدُ السفير المصري للحظة واحدة خلال ندوته الصحفية محايدا في أزمة بلاده مراعاة لمنصبه أو "دبلوماسيا" مع الإخوان، وهاجم منذ الوهلة الأولى الرئيس المخلوع محمد مرسي ومن معه بالقول "لقد تبيّن أن الرئيس السابق لا يملك برنامجا ولم يحقق وعدا واحدا من وعوده المائة"، مضيفا "الإخوان لا يتمتعون بالتجربة الكافية للحكم ولا يدركون أولويات الشعب المصري وجنحوا لأخونة الحكم بدل العمل على تجسيد مطالب المصريين الأساسية". وأردف "لقد زاد تقهقر مصر وتراجعها، اجتماعيا واقتصاديا وفي مجال الحريات والكل يتساءل.. أين مصر؟"، موضحا أنه لم يسبق لمصر"وأن خضعت لفتور مماثل عربيا ودوليا، ونحن نقول هذا دون تكبر على أحد أو انتقاصا من قيمة أحد فهي الشقيقة الكبرى". واعترف السفير المصري أن الأحداث التي تعصف بمصر حاليا "تشكل تهديدا حقيقيا لأمنها القومي". بالموازاة مع ذلك بالنسبة للسفير "حركة الوعي السياسي كبرت بعد ثورة 25 يناير، وكان لا بد للشباب المصري أن يبدي موقفه من فترة حكم الرئيس السابق المصري ولم يشأ انتظار نهاية العهدة لكي يغيّر، فلجأ لاستجارة الجيش بتوكيلات من 22 مليون مصري تصحيحا لمسار وأهداف الثورة". واعتبر عز الدين فهمي أن ما يسميه الناس انقلابا عسكريا على الإخوان "إنما هو في الواقع استجابة للجيش المصري لمطلب الشعب بتصحيح مسار الثورة وإدراكا منه لخطورة الأوضاع، فكان ولا يزال من صميم مهامه حماية مصر لما يحدق بها الخطر". وأعاب الممثل الدبلوماسي لمصر في الجزائر، على الإخوان "تدخل بعض مناضلي الجماعة في الحكم دون أن يكونوا فيه، فالشرعية ليست انتخابات وحدها". واتهم السفير المصري تنظيم الإخوان ب "عدم الافصاح عما يجري في سيناء وتغلغل جماعات مشبوهة"، ليقول في السياق ذاته "لا نريد القاعدة في مصر". وقال كذلك "عندما يخرج البلتاجي كأحد وجوه الإخوان ليقول "إن أحداث سيناء من الاعتداءات ستتوقف فور رجوع مرسي للحكم، معناه أن هناك نزعا نحو العنف"، مضيفا "كل مقرات الإخوان كانت بها أسلحة ومولوتوف أثناء الأحداث"، معتبرا بأن "ظهور بوادر للانفصال كما يحدث في الصعيد وأسوان أمر خطير للغاية". وأعرب سفير مصر عن ارتياحه لموقف الجزائر إزاء ما يحدث ووصفه "بالمتزن جدا"، وكشف أن "مصر مهتمة بتجربة المصالحة الوطنية وهي آخذة إياها بعين الاعتبار ووقفت على تفاصيلها بمناسبة مؤتمر السلم والأمن الإفريقيين". وبرغم خطورة الأحداث التي اعترف بها السفير إلا أنه مطمئن للشكل الذي ستؤول إليه الأحداث "فنحن أمامنا تجربة جزائرية والمصريون يستفيدون من التجارب"، مضيفا "مصر ليست الجزائر ولا الجزائر هي مصر، فتجربتكم تدفعنا لتفادي أطوار مماثلة، فالثوار من الشباب مدركون لذلك وهم سلميون". وأوضح السفير أن مصالحه لم تسجل أي حالة قلق على رعايا جزائريين بمصر لحد الآن". وفي معرض تحليله للأحداث، يرى عز الدين فهمي أنه "من الصعب الوصول لإجماع وأن الاعلان الدستوري جاء ليلبي مطلبا مرحليا وليس وثيقة دستورية سينتفي بانتفاء المرحلة واحترام العهدات والتغيير بعدها يكون في حالات عادية وليس في حالة مصر، الآن"، متوجها إلى مرسي وجماعته قائلا "لو كان له شعبية لوافق على انتخابات دستورية". واستدرك السفير في نهاية الندوة الصحفية بقوله "إن ليس جميع الإخوان خائنون، فلدي خال من الإخوان لكنه يعمل في المجال الدعوي والخيري، إلا أن هناك من الإخوان من يكذب"، واستدل بقول مرسي أنه مر في مسيرته بوكالة ناسا ثم تراجع وقال سنذهب إلى فلسطين بالملايين ثم راسل بيريز وقال له صديقي الوفيّ". أما عن مسألة احتجاز مرسي فقال "إننا لن نعذبه وسيُطلق سراحه بعد استجلاء بعض التحقيقيات حول مسألة محاولة فراره من الحجز". كما رفض السفير أن يعلق حول ما إذا كان في موقف الشيخ العلامة يوسف القرضاوي من الأحداث شيئا من الانعكاس لسياسة قطر التي تبدو مساندة للإخوان، والتزم بالتعليق على موقف القرضاوي فحسب قائلا "يُفترض برجال الدين أن يتحلوا بالوسطية وألا ينحازوا فنطالب الشيوخ مسلمين كانوا أو غيرهم بالاعتدال".