اسمه سقراط برازيليرو سامبايو دي سوزا فييرا دي أوليفيرا، من مواليد 19 فبراير 1954 في بيليم في البرازيل، سمي بهذا الاسم نظرا لإعجاب والده بالفيلسوف اليوناني الشهير، تميز دراسيا وحصل على شهادة الطب وعمره 24 سنة، لعب مع منتخب البرازيل لكرة القدم. فضل الاهتمام بدراسته أولا ونال شهادته في طب الأطفال ثم تفرغ للكرة وهو في الرابعة والعشرين، واستطاع أن يثبت قدرة على النجاح في الرياضة كما في الدراسة، وبالفعل صار حالة خاصة في عالم الكرة الذي دخله متأخراً إلا أنه لمع فيه ونجح بامتياز بفضل شخصيته وحكمته وفنياته وموهبته، إنه البرازيلي سقراط (الفيلسوف) حقاً. وكان سقراط يميل إلى إمتاع الجماهير بقدر رغبته في تحقيق الفوز، ولأنه رجل ذو مبدأ ضحى بمسيرته الاحترافية في الدوري الإيطالي، الذي وصل إليه عام 1984 مع فيورنتينا، وذلك بسبب المقاييس المادية الطاغية وتفضيل الأندية للنتائج على حساب المتعة، فلم يفكر طويلا قبل أن يعود أدراجه إلى البرازيل. وهناك وضع أمام امتحان آخر، كان سياسياً هذه المرة بسبب نظام الحكم الديكتاتوري في البلد، وكان اللاعب الوحيد الذي يبدي معارضته صراحة لما تعيشه بلاده من قهر وغياب للديموقراطية وقاد مسيرة نادي كورينثيانز الذي كان يلعب معه لارساء الديموقراطية وقال: "بقيت في ميدان كرة القدم فقط من أجل الوزن السياسي، لمحاربة المجتمع القمعي الذي يقوده العسكر". ولم يكن هناك من يستطيع الكلام بهذه الصراحة وعلى الملأ إلا (الفيلسوف) ابن إحدى العلائلات البرازيلية المتوسطة من شمال البلاد، وبدأ ممارسة رياضته المفضلة في أحد أندية المنطقة المتواضعة، غير أنه فضل مواصلة دراسته في الطب على الكرة وكان له ما أراد وحصل على دبلوم طب الأطفال عام 1979، ثم عاد إلى الميدان الذي عشقه منذ الصغر. وكان هذا اللاعب العملاق (1.92 م) ذو الرجلين الطويلتبن قادراً على فعل كل شيء فكان يفكر بتركيز في طرق اللعب وتنظيم الصفوف بشكل لا يضاهيه فيه أحد، وكذلك تسجيل الأهداف وتمكن من تسجيل 168 هدفاً في 302 مباراة خاضها مع نادي كورينثيانز خلال خمسة مواسم، وقاد ناديه إلى التربع على عرش الكرة في أمريكا الجنوبية. وكان سقراط أحد نجوم المنتخب البرازيلي وبرز في صفوفه بقوة وأدى معه أفضل المباريات خلال مسيرته الرياضية التي دامت تسعة أعوام. بدأ سقراط مشواره مع المنتخب في 23 أوت 1979 خلال مباراة دولية ودية ضد الأرجنتين، حيث تمكن من تسجيل هدفين، وابتداء من العام 1980 منحه المدرب تيلي سانتانا شارة القائد، ولم يكن هذا اختيارا بقدر ماهو حاجة. وفي نهائيات كأس العالم 1982 في إسبانيا كان الجميع يرشح البرازيل للفوز باللقب إلا أن المنتخب الإيطالي فوت هذه الفرصة على سقراط وزملائه رغم تألقهم. وكانت مباراتهم أمام الاتحاد السوفييتي إحدى أفضل المبارايات في هذا المونديال، حيث تمكن السوفييت من التقدم بهدف وفي آخر اللقاء عادل سقراط النتيجة قبل أن يضيف إيدير هدف الفوز لمنتخبه في الثواني الأخيرة. وفي سنة 1984 قبل هذا الرجل الغريب الذي يعتبر الكرة وسيلة للمصالحة بين الناس، الانتقال إلى إيطاليا للعب في صفوف فيورنتينا وفور وصوله إلى هناك لم يستطع تحمل ضغط الدوري واقتنع بأن هذا العالم ليس عالمه فقرر العودة إلى بلده حيث أكمل مشواره مع نادي فلامينغو. شارك سقراط مع منتخب بلادة في نهائيات كأس العالم 1986 التي أقيمت في المكسيك والتي أخرجت فيها فرنسا البرازيل من الدور ربع النهائي بعد مباراة لاتزال عالقة حتى الآن في الذاكرة وتعتبر إحدى افضل المباريات في القرن الماضي. وغادر سقراط عالم الكرة فجأة في أبريل 1987 وفضل التفرغ لمهنته، معلنا بذلك نهاية مشوار فيلسوف ذي مبدأ مارس ذات يوم الكرة بأمانة وإخلاص بعيداً عن الحسابات المادية التي صارت تلوث سماء هذه الرياضة.