لن يخلو فيلم "الأمير عبد القادر"، الذي سينطلق تصويره بالجزائر، شهر نوفمبر المقبل، من البعد السياسي والإنساني، حسب ما جاء في بيان الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، أمس الأربعاء، حيث أعلنت عن الاتفاق الموقع بين وزارة الثقافة والمؤسسة الأمريكية "استديوهات سينما ليبر". عبد القادر ابن محي الدين (1808- 1883)، الزعيم العسكري والديني والشخصية الفكرية والأدبية، هو أيضا مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، حياته مغامرة إنسانية كبيرة، زوايا مضيئة تكشف تفاصيل مجتمع جزائري في غرب البلاد، سلوك مجموعة تربطها علاقات مع مجموعات أخرى، وفق معايير قوة ونفوذ وتأثير. الأمير اسم مثير للجدل في العديد من الكتابات والدراسات، رجل ببورتريهات متعددة، روايات متباينة، نظرة فسرت بأكثر من تأويل تماما مثل الموناليزا. لكنه أيضا رجل ملفت للانتباه، ساحر في كلامه وصمته، في شعره وورعه، في حبه للمرأة وللجزائر التي حمل لأجلها السيف 17 عاما مجاهدا، قبل أن يعلن "استسلامه". لهذا لا يشكل انجاز فيلم سينمائي حول الأمير عبد القادر مهمة سهلة بالنسبة لزعيم خنشلاوي الباحث المتخصص في سيرة المقاوم المجاهد، وكذا بالنسبة للأمريكي فليب دياز المطالب بإعطاء بعد سينمائي هوليوودي للبطل الجزائري الذي يشكل اليوم التحدي الأكبر لوزيرة الثقافة خليدة تومي، منذ اعتلائها كرسي القطاع، وتحقيقها لمشروع أسال الكثير من الحبر وجر تعاليق وتحفظات العديد من المتتبعين للشأن السينمائي الوطني. يقول البيان إن الفيلم "سيحمل رسالة سياسية وعالمية في آن واحد"، كما سيكون عملا "يفضح كيفية استغلال شعب بأكلمه من قبل شعب آخر"، والأهم في نظر القائمين على المشروع: "سيروج لفيم التسامح الديني" كما كان يسعى لذلك ابن محي الدين. وعن الخطوط العريضة للسيناريو، كتب البيان أنه سيكون عبارة عن فلاش باك أو عودة إلى تاريخ عبد القادر الحسيني، والبداية ستكون من سوريا 1860 عندما جند الأمير جيشا للدفاع عن 12 ألف مسيحي كانوا سيضطهدون في فتنة لا نهاية لها، لولا تدخله لصالح التعايش الديني، ونبذ الخلاف بين المعتقدات. سلوك نوه به رؤساء ومفكرون ورجال دين، ويعد السلوك الأمثل الذي يساق كلما أثيرت سيرة الأمير. وبخلاف هذا المعطى الذي أدرجه البيان، لا نعرف إن كان السيناريو سيتناول مسار الرجل قبل أن يستقر في سوريا، وما هي الظروف التي أوصلته إلى هناك، وعلاقته بنابلوين وسنوات سجنه بأومبوار، وهل سيتعرض النص إلى إشكالية الاستسلام أم لا وغيرها من النقاط. أما المخرج شارل بورنات، فسيتكفل في جهته بتجسيد العمل على أرض الواقع، أمام شاشة كبيرة، وبممثلين يختارهم لترجمة قضية إنسانية عابرة للزمن. بورنات اسم معروف في مجال الأفلام الملتزمة والمدافعة عن مختلف القضايا المثيرة للجدل مثل "ناميبيا، الكفاح من أجل الحرية"، وقد صرح لفريق وكالة الإشعاع الثقافي أنه يتشرف بإخراج عمل حول شخصية أنارت العالم بسلوكها ومواقفها.