أنا قدمت "عصفوري" باعتباره فيلما عن الذاكرة الجماعية للبنان، قبل وأثناء وبعد الحرب الأهلية. إذ ارى أنه من العسير الحديث عن الحرب، بل تخطيها ليس بالأمر الهين، ونحن ما نزال ندفع ثمن تلك الحقبة، لهذا قررت أن أواصل العمل على هذه التيمة، حتى وإن اعتبرها البعض تقليدية أو كلاسيكية. فحروب كثيرة تثير اهتمام أكبر المخرجين في العالم على غرار الحربين العالميتين وحرب الفيتنام، ولا أرى مانعا من معاودة الكرة مع ما حدث في لبنان. أصلا الحرب لم تنته عندنا ؟!؟ لا أنكر أن فيلمي هو نوع من السيرة الذاتية، لكنه يتخطى قصتي الشخصية، ليروي حياة كل اللبنانين، ويصبح ملكا للجمهور عامة. فكريم وكارين وعبد الله هم نموذج لجيل عاش الأحداث. كان الواقع منطلقا لكتابة السيناريو، إذ لا يمكن أن تكون السينما سوى نقلا لما يحدث في الحياة، لهذا لا أرى أن مشاهد الإغراء التي يقال إنها مقحمة، لم تخدم النص، بل هي نقل لما يحدث في لبنان، حيث التناقض الصارخ في كل مكان، والحريات الشخصية تمارس بلا رقيب وليس كما في مجتمعات أخرى. وعن مدلول عنوان الفيلم "عصفوري"، فأخبركم أنها لغة معروفة عند قدماء لبنان، خاصة عند الحلاقين الذين اخترعوا لغة للتواصل بحيث يضيفون لكل كلمة حرف "ز" ليتغير وقعها وتصبح الجمل تشبه لغة غير العربية.