أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس الاثنين، أنه "استدعى فورا" سفير الولاياتالمتحدة في باريس إثر صدور معلومات تفيد بأن وكالة الأمن القومي الأمريكية قامت بعمليات تنصت مكثفة شملت عشرات ملايين الاتصالات في فرنسا ونشرتها صحيفة "لوموند" الفرنسية بعددها الصادر أمس الاثنين. وقال فابيوس فور وصوله لحضور اجتماع أوروبي في لوكسمبروغ "لقد استدعيت فورا سفير الولاياتالمتحدة الذي سيستقبل هذا الصباح في وزارة الخارجية". ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله إن "هذا النوع من الممارسات بين الحلفاء الذي يحمل جانبا من المس بالحياة الشخصية أمر غير مقبول بالمرة". وأضاف أنه يجب التأكد في أسرع وقت من أنه لن تتم إعادة مثل هذه الممارسات، مبينا أن باريس قد تفاعلت حتى الآن مع هذه المسألة، لكنه أضاف "من الواضح أنه علينا الذهاب بعيدا". وجاءت تصريحات الوزير الفرنسي، بعد كشف صحيفة لوموند عن أن وكالة الأمن القومي الأمريكية اعترضت أكثر من سبعين مليون اتصال في فرنسا. وقالت الصحيفة، بعددها الصادر أمس الاثنين، إن وثائق كشف عنها الموظف السابق بوكالة الأمن القومي الأمريكية، إدوارد سنودن، في جوان الماضي، وحصلت "لوموند" على نسخة منها، أظهرت أنه تم استهداف فرنسا التي تمتلك اليوم أدلة دامغة على استهداف مصالحها بشكل دوري. وأشارت "لوموند" إلى أنه وفقاً للوثائق، فقد تم جمع 70.3 مليون بيان هاتفي لفرنسيين من جانب وكالة الأمن القومي الأمريكية في غضون ثلاثين يوما، خلال الفترة الممتدة من 10 ديسمبر 2012 إلى 8 جانفي 2013. وقالت الصحيفة إن هذه الوثائق تفصّل التقنيات المستخدمة للاطلاع بطريقة غير شرعية على معلومات سرية أو على الحياة الخاصة للفرنسيين. وأضافت أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تملك طرقاً عدة لجمع المعلومات، وأوضحت أنه عندما يتم استخدام بعض أرقام الهواتف بفرنسا، فإنها تفعّل إشارة تطلق تلقائياً عملية تسجيل بعض المكالمات، مشيرة إلى أن هذا التنصت يمس أيضاً الرسائل الهاتفية القصيرة ومضمونها، بالاستناد لكلمات مفتاحية. ولفتت "لوموند" إلى أن وكالة الأمن القومي تقوم نهاية المطاف وبشكل منهجي بالاحتفاظ بسجل الاتصالات لكل رقم مستهدف. وقالت أيضا إن هذا التجسس يندرج ضمن إطار برنامج بعنوان "يو آس - 985 دي"، موضحة أن التفسير الدقيق لهذا الرمز لم يحدد حتى اليوم بالوثائق التي قدمها سنودن، أو من قبل عناصر سابقين بوكالة الأمن القومي الأمريكية. وأضافت أنه على سبيل المقارنة، فإن البرنامج الذي تم من خلاله التنصت على مكالمات في ألمانيا كان يحمل عنوان "يو آس - 987 أل إيه"، و«يو آس - 987 أل بي". تعطي الوثائق إيضاحات تدفع للاعتقاد بأن أهداف وكالة الأمن القومي الأمريكية تشمل أشخاصا يشتبه بصلاتهم بأنشطة "إرهابية" وأفرادا يتم استهدافهم فقط لانتمائهم لعالم الأعمال أو السياسة أو الإدارة الفرنسية. ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، فإن هذه السلسلة من الأرقام تدل على الحلقة التي وصفتها الولاياتالمتحدة ب "الطرف الثالث" وينتمي إليها كل من فرنساوألمانيا والنمسا وبولندا وبلجيكا. أما "الطرف الثاني" فيعني به البلدان الأنجلوساكسونية القريبة تاريخيا من واشنطن، منها بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، بينما يضم الطرف الأول الأجهزة الاستخبارية الأمريكية "أل 16". وتعطي الوثائق إيضاحات تدفع للاعتقاد بأن أهداف وكالة الأمن القومي الأمريكية تشمل أشخاصا يشتبه في صلاتهم بأنشطة "إرهابية"، وأيضا أفرادا يتم استهدافهم فقط لانتمائهم إلى عالم الأعمال، أو السياسة أو الإدارة الفرنسية. ويظهر الرسم البياني لوكالة الأمن القومي معدلا للاعتراضات الهاتفية بثلاثة ملايين بيان يوميا، مع أرقام قياسية بلغت سبعة ملايين في ديسمبر 2012 وجانفي 2013. وفي تعليقه على هذه الوثائق، عبّر وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالز عن صدمته، معتبرا أن ما كشفت عنه لوموند مثير للصدمة ويستدعي إيضاحات من السلطات الأمريكية. ووصف فالز، في حديث لإذاعة أوروبا 1، تجسس بلد حليف على فرنسا، في حال كان صحيحا، بأنه أمر غير مقبول. يُذكر أن فضيحة التجسس الأمريكي مست عدة دول، بينها ألمانيا وأستراليا.