اختتم رؤساء دول وحكومات بلدان الاتحاد الأوروبي ال28 في بروكسل، أمس، أعمال قمة مخصصة لموضوع الهجرة غير الشرعية، قبل أن تطغى عليها فضيحة التجسس الأمريكي في أوروبا. وتمحورت أعمال أمس الأول حول مسألة الهجرة غير الشرعية، بعد ثلاثة أسابيع من كارثة لامبيدوزا، التي أودت بحياة نحو أربعمائة مهاجر في حادثتي غرق قرب الجزيرة الإيطالية. وللحؤول دون تكرار هذه المأساة في المستقبل، ينوي القادة الأوروبيون قبل كل شيء تشديد مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. إلا أن النقاش بشأن مسألة اللجوء الشائكة التي تثير انقسامات عميقة بين بلدان شمال أوروبا وجنوبها أرجئ إلى جوان 2014. ولن يحسم زعماء الاتحاد الأوروبي الدعوات التي تطلقها دول جنوب القارة للتحرك سريعا لمواجهة موجة الهجرة غير الشرعية، القادمة من إفريقيا والشرق الأورسط لأوروبا، رغم مقتل المئات مؤخرا في حوادث غرق قوارب بالبحر المتوسط. وخلال القمة عبر زعماء الاتحاد عن "حزن عميق" لحوادث الغرق التي أودت بحياة ما يصل إلى 550 مهاجر هذا الشهر وحده، غير أنهم قرروا تأجيل اتخاذ أي إجراء جديد إلى ديسمبر المقبل. كما سينتظر إصلاح سياسات الهجرة التي ينتهجها الاتحاد إلى ما بعد انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في ماي القادم. وكان رئيس الوزراء الإيطالي أنريكو ليتا بين زعماء دول جنوب القارة الذين دعوا إلى تحرك عاجل خلال القمة الأوروبية، وقال بعد القمة إن زعماء الاتحاد أظهروا تضامنا مع الدول التي تكتوي بنار هذه المشكلة. وأضاف في مؤتمر صحفي أن القضية باتت مسألة أوروبية وليست مجرد قضية تخص إيطاليا أومالطا أواليونان، واستدرك قائلا إن هذا لن يكون كافيا ما لم يتبعه الاتحاد بخطوات عملية. وطالبت حكومات جنوب أوروبا بمشاركة أكبر من دول شمال أوروبا في تحمل عبء الأزمة وبزيادة التمويل من الاتحاد. لكن حكومات دول شمال أوروبا الأكثر ثراء، والتي تشعر بالقلق إزاء زيادة مشاعر الرفض للمهاجرين بين شعوبها تقاوم تحمل نصيب أكبر في مسؤولية التعامل مع المشكلة. وكانت ألمانيا - صاحبة أكبر اقتصاد بأوروبا - الأكثر وضوحا بالقمة من خلال التعبير عن رفضها لأي دعم مالي إضافي لجهود مكافحة الهجرة غير الشرعية. يجري ذلك في الوقت الذي أفاد تقرير أممي أن أكثر من 32 ألف مهاجر من إفريقيا والشرق الأوسط وصلوا إيطاليا ومالطا حتى الآن هذا العام، مجازفين بعبور البحر المتوسط في قوارب متهالكة، وزادت الأعداد بشدة نتيجة للاضطرابات في سوريا وليبيا. وعمليا لم تقترح القمة الأخيرة خطوات جديدة محددة لمعالجة الأزمة التي يتكبد تبعاتها بشكل رئيسي دول جنوب القارة، واكتفت بطلب قيام قوة مهام تابعة للاتحاد ببحث كيفية جعل سياسات الهجرة أكثر فعالية، ورفع تقرير بالنتائج في ديسمبر المقبل. كذلك لم يتطرق بيانهم إلى أي زيادة بموارد وكالة مراقبة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس) كما طلبت روما. وتعتبر الدول التي تتصدر التأثر بأزمة الهجرة، ومنها اليونان ومالطا وقبرص وإسبانيا وإيطاليا، الأكثر تضررا بأزمة الديون السيادية بأوروبا، ما يضعف قدرتها على التعامل مع تزايد المهاجرين. ميركل: لسنا بحاجة إلى مضاعفة الدعم المالي من جهتها عقدت المستشارة الالمانية، أنغيلا ميركل، مؤتمرا صحفيا على هامش القمة الأوروبية، وتحدثت عن قضية المهاجرين غير الشرعيين، وأشارت إلى أن الاتحاد ناقش العديد من الحلول والإجراءات لحل أزمة تدفق المهاجرين إلى سواحل ايطاليا ومالطا واليونان وإسبانيا. وقالت ميركل:«نحن ننافش رد فعل على أساس أوروبي لاتخاذ إجراءات بالتعاون مع وزراء داخلية الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل حل نهائي لهذه الأزمة، الهدف هو أن نفكر بالخطوات السريعة التي يمكن اتخاذها فورا لحماية الحدود البحرية في المتوسط "، رافضة تقديم أي دعم مالي إضافي لجهود مكافحة الهجرة غير الشرعية. ولم تتحدث المستشارة الألمانية بشكل مفصل عن قضية التنصت التي أثارت جدلا واسعا في أوروبا، لكنها طالبت الولاياتالمتحدة بأن تبرم اتفاقاً "لمنع التجسس" مع برلين وباريس مع نهاية العام.