حصلت لويزة حنون على عهدة سابعة على رأس حزب العمال بلا عناء ولا منافسة، وتركت الانطباع بقولها "الحزب سيحضُر الرئاسيات القادمة بقوة"، بأنها ستُنافس بوتفليقة هذه المرة أيضا، ما يجعلها عميدة المترشحين لهذا الاستحقاق، فهل بلغت حنون مستوى سياسيا يُقنع الجزائريين والنواة الصلبة في النظام لكي تكون طرحا واقعيا وبديلا عن بوتفليقة في حال لم يترشح؟! أحرزت لويزة حنون بمجيء بوتفليقة إلى الحكم تقدما سياسيا كبيرا في الساحة، وصاحب هذا التقدم تغييرا كبيرا في مواقفها التي كانت تُعرف بها، لكن لويزة حنون بررت موقعها الحالي في الساحة السياسية بأنها تمارس البراغماتية السياسية ولا تتردد في تثمين إيجابيات الدولة كما لا تتردد بالمقابل، في مهاجمة السلطة إذا انحرفت. وبالرغم من أن هذه المقاربة لا تزال لم تُقنع قطاعا هاما من السياسيين والإعلاميين الذين لا يزالون يصفونها بالمتزلفة لنظام الرئيس بوتفليقة، فقد كانت من المدافعين عنه لفتحه العهدات الرئاسية في الدستور، وكان موقفها دوما أنه "ما دام للشعب سيادة قرار العزل، فليس ضروريا تحديد العهدات". وكانت لويزة حنون قد اعتبرت النقاش حول المادة 88 من الدستور عندما كان الرئيس بوتفليقة طريح الفراش بفرنسا، مسألة "سيادة وطنية" وحذرّت من أن تكون هذه النقاشات موجهة من الخارج للتدخل في الشؤون الجزائرية، وهو موقف راق لكثير من المحيطين بالرئيس، ما يعني أن الرئيس نفسه، قد يكون أُعجب به أيضا. ولم تتوان المرأة الحديدية كما يحلو للبعض تسميتها في إبرام اتفاقات سياسية وإبداء التقارب الواضح تجاه أحزاب كثيرا ما حمّلتها المعارضة كل أزمات البلاد بأنواعها منذ مجيء بوتفليقة، فقد اتفقت ونسقت حنون مع أويحيى وهو على رأس الأرندي والحكومة خلال انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة سابقا، وجلست في لقاء مغلق مع عمار سعيداني برغم الشبهات التي تحوم حوله بخصوص الفساد وطريقة وجوده على رأس الأفلان المطعون فيها وانتشار رواية أنه مدعوم من محيط الرئيس بوتفليقة، حيث يُحسب الأخير لدى كثيرين، على شقيقه ومستشاره سعيد. ومن علامات التقارب بين حنون والنظام إعلان تأييدها للعديد من الإجراءات التي تضمنتها قوانين المالية كدعم المؤسسات وتأميم الأخرى وتثمين قاعدة ال 51/49. وكان من بين ما نسبه حزب العمال لنضاله هو تغيير الرئيس بوتفليقة، للمحاور والتوجهات الكبرى لقانون المحروقات 2006. وإذا كانت هذه الملامح كافية للاستدلال على التقارب بين لويزة حنون ونظام بوتفليقة، فإنه علاوة على ذلك، ظلت حنون تحافظ في عهد الرئيس الحالي على معدل مكانتها البرلمانية والمحلية عبر الوطن، من خلال عدد المقاعد التي تحصلت عليها في التشريعيات والمحليات الثلاثة الأخيرة. أما بخصوص الرئاسيات، فقد "رافقت" حنون الرئيس بوتفليقة بمنافسته على مناسبتين بعدما لم تتمكن من ذلك في 99 لعدم تمكنها من جمع التوقيعات القانونية. وتفاجأ الرأي العام باحتلالها الرتبة الثانية بعد الرئيس بوتفليقة في استحقاق 2009، ما دفع الرئيس بوتفليقة إلى تهنئتها ولم يكتف بذلك، بل صرح في رد على سؤال فرنسي، حول خليفة بوتفليقة، بأن حنون من الشخصيات الجزائرية التي يمكن لها أن تتبوأ منصب الرئاسة في الجزائر وتتحمل المسؤولية بعده. وبرغم أن هذا التصريح لم يؤخذ على الرئيس بمحمل الجدّ، فإن لويزة حنون تؤمن بأن الشعب الجزائري لا يعارض فكرة أن تحكمه امرأة، وسبق ل "الجزائر نيوز" أن طرحت عليها السؤال، فقالت "لقد وقفنا على التجاوب الكبير والتفتح الذي أصبح عليه المجتمع الجزائري، خلال حملاتنا الانتخابية، فلا أظن أن الجزائريين معقدون من ناحية الانتخاب على امرأة"، وقد يكون وراء قناعتها هذه مرتبتها الثانية في رئاسيات 2009 بعد بوتفليقة مباشرة.. فهل هذا معيار لأن تكون حنون خليفة لبوتفليقة حتى بعد عهدة رابعة محتملة؟ لم تكن يوما في التاريخ السياسي هذه المعايير مرجعا ومؤشرا صحيحا لمستقبل الشخصيات السياسية.. فلويزة حنون اقتربت كثيرا ببعض المواقف والحالات السياسية، من السلطة، إلا أن تعقد مسألة اختيار رئيس البلاد في الجزائر توحي بأن الوضع السياسي ومشاركتها في المشهد وفق النسبة الحالية لا تعكس مؤشرات انفتاح حقيقي يصل إلى درجة تقبل امرأة على رأس النظام، فتمثيل المرأة في البرلمان لا يزال رهين القرار السياسي حيث اضطر الرئيس إلى إقراره بقانون وليس بعفوية اجتماعية، بل كانت حنون نفسها ضد رفع تمثيل المرأة سياسيا بقرار سياسي، ولا تزال المرأة أيضا ضعيفة التمثيل في الحكومة، مع تأكيد كل الدراسات والمواقف الاجتماعية للمتخصصين بأن المجتمع الجزائري مجتمع رجالي لم ينزع بعد إلى التكافؤ. فتجديد الثقة في لويزة حنون لعهدة سابعة على رأس الأمانة العامة التنفيذية لحزب العمال، وبرغم الطموح المشروع لحنون في رئاسة الجزائر، إلا أن ذلك يتطلب إرادة سياسية قوية من الرئيس بوتفليقة الذي يقول كثيرون أن دخوله معترك "الرابعة" هو بخلفية بحث عمن ينوب عنه ويخلفه مستقبلا، يبقى وليد نشأة الحزب، ولكن حتى وإن توفرت الإرادة لدى الرئيس لمساعدة حنون على خلافته بشكل ما فقد يلقى ذلك مقاومة شرسة، ولا غرابة أن يتحالف في سبيل قطع الطريق، أمام حنون، الإسلاميون مع أجزاء أخرى من النظام.