ما أن أنهى الستة الكبار إعلان اتفاقهم على تسوية "النزاع النووي" مع إيران حتى جدّد وزيرا خارجية أمريكا وروسيا المساعي لعقد مؤتمر "جنيف 2". مساعي رئيسيّ الدبلوماسية الأمريكية والروسية أنجبت موعداً لعقد المؤتمر حدّده الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 22-1-2014 . التحديد السريع لموعد انعقاد المؤتمر يوحي بأن الستة الكبار الدوليين وغيرهم من الكبار الإقليميين يعطون مؤتمر "جنيف 2" الأولوية في هذه المرحلة من التحوّلات في المشرق العربي. لكن ما رَشَح من واقعات ومعلومات عن المحادثات عشية إعلان "التسوية النووية" بين مجموعة دول 5+1 وإيران تشير إلى أن الإرهاب، خصوصاً إرهاب "الإسلام القاعدي" المتنامي، كان الحافز الأول والأفعل لتسريع إنتاج اتفاق الستة الكبار مع إيران. ذلك كله يطرح سؤالاً: لمن الأولوية في هذه المرحلة . . . لمؤتمر "جنيف 2" أم لمقاومة الإرهاب؟ لو طُرح هذا السؤال، أولاً، على طهران لسارع مسؤولوها إلى الجواب بأن الأولوية يجب أن تُعطى لتنفيذ بنود "التسوية النووية". ذلك أن الكثير من القضايا يتوقف على حسن تنفيذها خلال مدة الأشهر الستة التي جرى التوافق عليها. لطهران حجة وازنة فيما تقول. فقد شَكَت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية رضية أفخم من أن ما نشر في الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض لا يتفق مع نص خطة الخطوات المشتركة المتفق عليها في جنيف بين الستة الكبار وإيران. هل يتطور التباين في تفسير نص الخطة المشتركة إلى عرقلة الاتفاق أو تعطيله؟ أحد أهل العلم بما دار بين وزيري خارجية أمريكاوإيران أكد بالاستناد إلى شهادة "خبراء إيرانيين"، "أن العنصر الأهم كان الاتفاق على اشتراك إيران في مكافحة الإرهاب في سوريا والعراق ولبنان وأفغانستان". مكافحة الإرهاب ليس هاجس أمريكا وحدها بل أضحى هاجس دول الغرب أيضاً. فقد أعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن ممثلين لبعض دول الغرب اتصلوا بحكومة بلاده في شأن التعاون في مشكلة مكافحة "الجهاديين" . أكّد أن "لدينا ثقة كاملة بأن الشعوب في أوروبا الغربية والولايات المتحدة بدأت تدرك أننا في سوريا نواجه الإرهاب نيابةً عن العالم بأسره". أولوية مقاومة الإرهاب لا تتنافى، بطبيعة الحال، مع توظيف الجهود من أجل إنجاز الترتيبات اللازمة لانعقاد مؤتمر "جنيف 2". لعل التوصيف الأكثر دقة لتجديد حملة مقاومة الإرهاب انها تجري في إطار الاستعدادات لعقد مؤتمر "جنيف 2" والترتيبات اللازمة في هذا السياق، وذلك بالنظر إلى الارتباط القوي القائم بين هذين الأمرين أو الالتزامين.