تقول الحكايات التي وصلتنا من تلك الحقبة إن مورينو أحدث ثورة في كرة القدم خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، ويؤكد آخرون ممن شاهدوه يلعب على الطبيعة أو تابعوه في تلك الفترة أنه كان بمستوى بيلي ومارادونا أو حتى ألفريدو دي ستيفانو نفسه..سطر حقبة ذهبية من عمر كرة القدم في بداياتها؛ ورغم أنه لم يستطع أن يتوج تلك الفترة بالفوز بكأس العالم، إلا أنه سيظل أحد أعظم اللاعبين الذين وطأت أقدامهم المستطيل الأخضر يوماً. رأى مورينو النور عام 1916، وركل الكرة للمرة الأولى في حي البوكا بالقرب من منزله حيث وقع في حب فريق بوكا جونيورز، إلا أن نادي تشينيزيه أوصد الأبواب في وجهه بعد أن تم تجريبه، ما دفعه للمغادرة وهو ما زال صغيراً، حالماً متوعداً بالإنتقام بعدما شعر به من إهانة وانتقاص من كرامته. بعد سنوات من تلك الحادثة سنجده يلمع بقميص ريفر بلايت. كان مورينو لاعباً مقاتلاً بنفس قدر مهارته. تتحدث القصص التي وصلت من تلك الحقبة عن لاعب يتميز بفنيات لافتة وقدرة على الحسم بالإضافة لقدرته على تسديد كرات رأسية لا مثيل لها. وهذا ما يمكن التحقق منه بسهولة من خلال الأرقام التي حققها، فقد سجل ما لا يقل عن 156 هدفاً مع ريفر بلايت عندما تألق في فترتين على امتداد السنوات الإثنتي عشرة التي قضاها في الملاعب. لقد كانت قلعة ميليوناريوس تشكل مهد مورينو الكروي. هناك خطى أولى خطواته الكروية من خلال جولة ودية في البرازيل عام 1934. قال لزملائه يومها قبل لقاء فاسكو دا غاما: "لاعليكم يا رفاق سنسجل على هؤلاء خمسة أهداف. انظروا إلى ذلك الذي سيتولى مراقبتي كم هو بشع؛ سأراقصه". لم يكن يتجاوز يومها الثامنة عشرة، وبالفعل كان عند كلامه فقد سجل هدفاً وأمطر ريفر مرمى خصمه بخماسية مقابل هدف يتيم، ورغم ذلك لم يحجز لنفسه مقعداً في الفريق الأول حتى العام 1935. كانت خمس سنوات قد مرت على احتلال الأرجنتين لمركز الوصافة في النسخة الأولى من كأس العالم التي استضافتها أوروغواي. وكانت كرة القدم قد أصبحت تثير شغف الناس على ضفتي نهر لا بلاتا في تلك الفترة. حينها أصبح مورينو- الذي تحول إلى رمز في مؤسسة ميليوناريوس- مرجعاً بين رفاقه وفي أوساط المشجعين على حد سواء، حيث صارت الجماهير تملأ الملاعب لتشاهد لمساته عن كثب. كانت براعة تشارّو في اللعب على كلا الجناحين أمراً لا يمكن إنكاره؛ وشيئاً فشيئاً راح يختمر أحد أهم الفرق على مر العصور والذي تمكن معه من الفوز بالبطولة المحلية أعوام 1936، 1937، 1941 و1942. ومن الجدير ذكره أن ريفر بلايت كان يضم في صفوفه لاعبين مميزين أمثال خوان كارلوس مونيوز، أدولفو بيديرنيرا، أنخيل لابرونا وفيليكس لوستو. لكن "شاعر القدم اليسرى" كان دون مجال للشك صاحب الشعبية الأكبر داخل المستطيل الأخضر كما خارجه. كان عاشقاً للسهر وزبونا مواظباً على النوادي الليلية، كذلك كان مولعاً بالتانغو كما كان يقول دائماً: "إنه أفضل أنواع التدريب. تتبع الإيقاع، تغيره في لحظة، ويتيح لك التحكم بكل الأوضاع والعمل مع الخصر والساقين." كل الذين فتنتهم الكرة التي كان يلعبها مورينو يجمعون أن المستوى الذي كان يقدمه لم يكن نتاج الموهبة فقط. بل على العكس، فقد كان فارضاً شخصيته القوية في أكثر من ملعب زاره حتى إن اضطره الأمر لاستخدام قبضتيه كما حدث عام 1947 عندما اصطدم مع جماهير إستوديانتس دي لا بلاتا حين نزل بعضهم إلى أرض الملعب ليتجادلوا مع الحكم؛ أو كما جرى في نفس العام عندما أصيب بحجر رمي عليه من مدرجات ملعب فريق تيجري فاصطدم مع أطباء ريفر حينها. قال لهم: "لماذا تريدون أن تعالجوني؟ هل تريدونني أن أشبع رغبة هؤلاء في السخرية مني؟ كي يخرجوا بعدها وهم يغنون لقد نلنا من مورينو؟ لا يا أصحابي!! إن أتيتم لمعالجتي الآن فبعدها سأخرج محمولاً على النقالة." إن الموهبة والشخصية القوية التي تمتع بها هما ما فتح أبواب المنتخب سريعاً أمامه، حيث ظل يلعب في صفوفه أربعة عشر عاماً، ورغم أن الوضع السياسي العالمي لم يسمح له بلعب كأس العالم، إلا أنه أتيح لعشاق الساحرة المستديرة في أمريكا الجنوبية أن تتابع أفضل ما عنده. فقد تمكن من الفوز بقميص بلاده بثلاث بطولات قارية البطولة أعوام 1941، 1945 و1947 وذلك قبل إقرار مسابقة كوباأمريكا بشكلها الحالي، لكنه لم يسجل اسمه في سجل البطولة من خلال ألقابها فقط، بل من كذلك من خلال إحراز الهدف رقم 500 في نسخة 1942 كما اختير أفضل لاعب في نسخة 1947. 0وقبل أن يعتزل اللعب وهو في صفوف فريق إنديبيندينتي ميديّين الكولومبي، تمكن من ارتداء قميص بوكا جونيور، ذلك الفريق الذي رفضه في صغره. وتوفي تشارّو عام 1978 وبالضبط بعد مرور شهرين من اليوم الذي علّقت فيه كرة القدم الأرجنتينية النجمة المونديالية الأولى على صدر قميصها.