بعد أن أضفت الحياة على الركود السينمائي الذي كانت تعرفه قاعة "محمد زينات" برياض الفتح، هاهي التظاهرة الثقافية "أيام الفيلم الأوروبي بالجزائر" تطفئ عدسة عروضها السينمائية المميزة، ضاربة لمتتبعيها موعدا جديدا السنة القادمة. عشرة أيام متتالية عرفت أكثر من 22 عرضا سينمائيا من مختلف الدول الأوربية والعربية، استمتع خلالها الجمهور الجزائري والأجنبي الذي لم يقصر في تسجيل حضوره وملء مقاعد قاعة "محمد زينات" على امتداد تظاهرة أيام الفيلم الأوروبي بالجزائر. أفلام متنوعة تناولت العديد من المواضيع الإنسانية والاجتماعية، جمعت بين الخيال والواقع في قالبي الدراما والكوميديا. افتتح التظاهرة الفيلم الفرنسي "GARE DU NORD" للمخرجة "كلير سيمون" التي رافقت فيلمها وقابلت جمهور السينما في الجزائر، رغبة منها في الاقتراب منه والتعرف عليه، حيث لم تحجم عن الإجابة عن تساؤلاته حول الفيلم. واختتمها الفيلم الانجليزي "QUARTET" الذي جمع فيه المخرج الأمريكي "دوستين هوفمان" بين الدراما والكوميديا في علاقة شخصياته الأربعة. اختلفت جنسيات الأفلام المعروضة في التظاهرة السينمائية بين أوروبية وعربية، تنوعت في أشكالها بين قصيرة تمتد من 20 دقيقة إلى نصف ساعة، وطويلة تتجاوز مدتها الساعة والنصف. كما جاءت في قوالب فنية متنوعة تجمع بين الخيال والواقع، الدراما والكوميديا، الوثائقي والسينمائي... بعضها طرح أسئلة حول الواقع المعاش وتركها دون إجابة كما فعلت المخرجة اليونانية "كوستنتينا فولغاريس" في فيلمها "A.C.A.B" الذي أثار عاصفة من النقاشات الحادة بين المشاهدين. بينما اختار البعض الآخر التعمق في خبايا النفس الإنسانية ووضعها أمام اختبارات صعبة، كما حدث في فيلم "باربارا" للمخرج "كريستيان بيتزولد"، أما البعض الآخرفاختار الحفر في الماضي الأسري والاجتماعي مثلما فعلت المخرجة النمساوية "باربارا البيرت" في فيلمها "الأموات والأحياء". عدد قليل من المخرجين اختار إحياء شخصيات تاريخية واستذكار أمجادها، منهم المخرجتان "كريستينا ليندستروف" و«ماود نيكندير" في فيلمهما الوثائقي حول الوزير الأول السويدي "أولوف بالم"، بينما اختارت معظم الأفلام المشاركة في التظاهرة التطرق إلى مسائل اجتماعية، على غرار "فينيس الصغيرة" للمخرج الايطالي "اندريا سيغري" أو مسائل دولية مثل عرض "كينساشا كيدز" للمخرج البلجيكي "مارك هينري واجينبيرغ". كل فيلم عرض بلغته الأم ترافقه دبلجة خطية باللغة الفرنسية أو الانجليزية، ماعدا الفيلم الانجليزي "QUARTET" الذي تمت ترجمته إلى اللغة الفرنسية مما أثر في روح العرض خاصة حين يتعلق الأمر باللعب على معاني الكلمات التي فقدت جانبها الفكاهي بعد ترجمتها. الأيام العشرة من عمر التظاهرة السينمائية "أيام الفيلم الأوروبي بالجزائر" لم تقتصر على العروض السينمائية وحسب، بل رافقتها ندوة صحفية ناقش خلالها بعض المختصين مسألة "الأفلام الوثائقية في العالم العربي" مشيرين إلى أهم العقبات التي تواجهها ومآل مستقبلها السينمائي. كما نظمت ورشتان تدعيميتان، الأولى قامت بها المخرجة الفرنسية "كلير سيمون" حول مراحل تطوير المخرج لفيلمه. بينما قام المخرج الايطالي "أندريا سيغري" بالثانية موضحا أهمية الأفلام كقوة ضغط سياسية. أما فيما يخص جمهور التظاهرة السينمائية، فقد جمع بين أساتذة جامعيين ومتابعين للفن السينمائي، معظمهم يندرج ضمن فئة المثقفين من أوروبيين وجزائريين فرانكوفونيين. بينما شهدت القاعة غياب العائلات الجزائرية والطبقة الفنية والسينمائية الجزائرية، إضافة إلى نقص التغطية الصحفية لمتابعة الأفلام التي احتضنتها فعاليات تظاهرة "أيام الفيلم الأوروبي بالجزائر".