اختتمت مساء أول أمس فعاليات الطبعة الثامنة من المهرجان الثقافي الوطني لموسيقى الديوان، الذي استمر مدة أسبوع كامل في ولاية بشار. حفل الاختتام استضاف فرقة فريكلان، أحيته مجموعة من الفرق من شتى الأعمار، كما تم خلاله الإعلان عن أسماء الفرق الفائزة بالمراتب الثلاث الأولى، التي استحوذ عليها الغرب الجزائري. بعد مرور أسبوع من المنافسة المحتدة بين الفرق القادمة من مختلف ولايات الوطن، استمتع خلاله عشاق موسيقى الديوان بأجمل السهرات وحضروا مختلف الأبراج، ها هو ستار المهرجان الثقافي الوطني لموسيقى الديوان يودع طبعته الثامنة، لتنطفئ الأضواء، وتهدء أهازيج القمبري، وإيقاعات القرقابو، ودوي الطبل، ويفترق أولاد الديوان محتفظين بين طيات ذكرياتهم بعديد اللوحات الراقصة التي أبدعت الفرق المشاركة في تقديمها، ومرددين الأبراج الجديدة التي سكنت ذاكرتهم، ليضربوا لبعضهم موعدا جديدا يلتقون فيه العام المقبل في ملعب النصر الذي احتضن هذه التظاهرة من يوم ولادتها. حفل الاختتام حضره ممثلون للفرق المشاركة في المنافسة، إضافة إلى والي بشار ومجموعة من الشخصيات الفاعلة في ولاية بشار، افتتحته مجموعة من الأطفال تتراوح أعمارهم بين العشر سنوات إلى الرابعة عشر، يقودها الصغير تيفون عبد المالك، الذي تجاوز العاشرة بسنتين بآلة قمبري تناسب حجمه، ويرافقه باقي الأعضاء بإيقاع واحد على القرقابو، ورقصات كويو متنوعة، وقد أذهلت هذه الفرقة الصغيرة الجمهور الذي لم يخف تفاعله مع البراعم عبر التصفيق لهم وتشجيعهم بترديد مقاطع الأبراج معهم. الوصلة الثانية سيرها المعلم حاكم، رفقة شابين يعزفان على أوتار القمبري ومجموعة من القناديز على القرقابو، أكثر من عشرين فردا على ركح ملعب النصر ببشار قدمت للجمهور الغفير مجموعة من الأبراج منها بودربالة، التي يحفظها الجمهور عن ظهر قلب مرددا كلماتها مع الفرقة، ليمضي الوقت وتدق ساعة الكشف عن الفائزين بمنافسة المهرجان الثقافي الوطني لموسيقى الديوان.لحظة الحسم لم تدم طويلا، حيث تم الإعلان عن هوية الفرق الفائزة بالمراتب الثلاث الأولى التي تؤهلهم للمشاركة في المهرجان الدولي لموسيقى الديوان بالعاصمة، الجائزة الثالثة كانت من نصيب فرقة نجوم الديوان التي مثلت ولاية سيدي بلعباس، سلمها الأمين العام لولاية بشار. أما المرتبة الثانية تحصلت عليها فرقة الجيل الصاعد القادمة من ولاية وهران، وسلمها قائد قطاع العمليات العسكرية لقائد الفرقة، واحتكرت فرقة سيدي بلال من ولاية معسكر المرتبة الأولى، ليسلم لهم والي مدينة بشار الجائزة الكبرى. الجوائز والتكريمات لم تتوقف عند هذا الحد، بل تم استدعاء الشاب ناصر عطالي ليحصل هو الآخر على شهادة عرفانا لحصوله على المرتبة الثالثة في المسابقة الفنية الجزائرية ألحان وشباب. ليفتح المجال للوصلة الثانية من سهرة اختتام المهرجان الثقافي الوطني لموسيقى الديوان ببشار، أحيتها فرقة فريكلان التي جذبت جمهورا غفيرا ملأ ساحة ملعب النصر. لمدة ساعة من الزمن، قدم أفراد الفرقة الشابة أغان من ألبومهم، متعوا بها جمهورهم المتعطش للاحتفال بمقاطعهم المعروفة، مثل لالة ميرة، الماداني، وبنت السلطان... حيث استطاعو التحكم بالجمهور الغفير عبر المزج بين العديد من الأنواع الموسيقية الجزائرية مثل الشاوي والقناوي، ليضيفوا عليه الطابع المغربي الذي يعشق الجزائريون الرقص على ألحانه، والطابع الغربي الذي تمثل في الريغي، ونوع من الروك والبوب روك. مزيج فني تفاعل معه الجمهور الحاضر في ساحة ملعب النصر والذي رافقهم في ترديد كلمات الأغاني والرقص على إيقاعاتها، طوال مدة الحفل. موسيقى ورقص الديوان في رسالة دكتوراه من قبل عازفة أمريكية تعكف عازفة الموسيقى الأمريكية تامارا تورنر التي تشارك في الطبعة الثامنة من المهرجان الثقافي الوطني لموسيقى و رقص الديوان ببشار على إعداد رسالة دكتوراه حول هذا النوع من التعبير الموسيقي والرقص الأصيل حسب ما أفادت به الباحثة. ‘'لقد سطرت برنامجا يمتد على مدار ثلاث سنوات للقيام بأبحاث حول هذه الموسيقى والرقص المتوارث وذلك عبر مختلف مناطق الجزائر وتحت إشراف جامعة كوليدج الملكية بلندن'' كما صرحت ل وأج العازفة تامارا تورنر. وأضافت "لقد قمت بأبحاث ميدانية من أجل جمع أغاني وموسيقى الديوان التابعة لمختلف المناطق الجهوية والمحلية للديوان منها زنوج قسنطينة والبانقا بالشرق والجنوب الشرقي إضافة إلى دندون غرداية والديوان بمناطق الغرب والوسط والجنوب الغربي للجزائر". وتابعت العازفة الأمريكية "تتمتع الموسيقى والرقص الشعبي للديوان في الجزائر بمستوى فني رفيع جدا وبالتالي فإنه من الضروري التعرف عليهما من أجل إعداد رسالتي للدكتوراه ومن أجل حضوري في مهرجان بشار". وتعتبر هذه التظاهرة الموسيقية من وجهة نظر تامارا تورنر "واحدة من أجمل الفضاءات المخصصة لموسيقى الديوان وهي تعد وسيلة من أجل التعرف العلمي على المذاهب المقدسة والعميقة للموسيقى وعلى التعابير الشعبية لهذا النوع من الفن الجزائري العريق". وتعد سلسلة المحاضرات والمناقشات التي يتم تنشيطها بمناسبة هذا المهرجان "أداة للتعرف" على هذا التراث الموسيقي الجزائري كما أشارت إليه هذه العازفة التي تشارك للمرة الثانية في مهرجان تقول عنه "إنه يتمتع باحترافية كبيرة على الصعيد التنظيمي". وقالت تامارا تورنر "إن منظمي هذا المهرجان الذي ترعاه وزارة الثقافة وولاية بشار قد وفروا لي كل التسهيلات فضلا عن حسن الاستقبال وكرم الضيافة الذي يتميز به الشعب الجزائري من أجل متابعة أبحاثي حول الديوان".