برميل بارود·· قد لا يكون هذا التعبير بعيدا عن حقيقة الوضع في دول جنوب الصحراء أو ما هو متعارف عليه بدول الساحل· نزاعات مسلحة تندلع من حين لآخر، صدامات عرقية ودينية تعتبر السمة اللصيقة بشعوب المنطقة، يضاف إليها ضعف مزمن لأجهزة الدولة والأنظمة الحاكمة بشكل عام· حالة الوهن العام التي تميز دول الساحل جعلت منها مسرحا لمختلف الظواهر الخطيرة·· تنام رهيب لتهريب والاتجار بالممنوعات في مقدمتها الأسلحة والمخدرات، ما جعلها أرضا خصبة لبروز فصائل مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة المركزية· وما زاد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة، هو اشتداد شوكة تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي وجد في تهاون الأنظمة الرسمية، أو بالأحرى، العجز البين في مجابهة الجماعات المسلحة، ما جعل هذه الأخيرة تستغل هذا الفراغ لبسط سلطتها وفرض قانونها على مناطق شاسعة من تلك الدول· بروز الخطر الإرهابي في المنطقة الفقيرة في الأصل، رغم الثروات المعدنية واحتياطات محتملة من البترول وموارد طاقوية أخرى، رشحها لأن تكون ميدان صراع بين قوى من نوع آخر؛ قوى أكثر تنظيما لكنها مستترة· وشكل خطر القاعدة ذريعة لقوى عظمى من بينها الولاياتالمتحدة وفرنسا ودول أخرى تسعى إلى جعل المنطقة رقعة جغرافية تحت سيطرتها لدواع استراتيجية تتمثل في إيجاد موطئ قدم في قلب إفريقيا من خلال التقرب من أنظمتها، سواء بتقديم الدعم المباشر أو غير المباشر أو إثارة النعرات الإثنية والدينية بين مكونات مجتمعات المنطقة التي تعيش حالة من الاحتقان الدائم· إن حالة التدهور الاقتصادي وتنامي رقعة الفقر في المنطقة، رشحتها لأن تكون لقمة سهلة للنزاعات، سواء الداخلية، أو مجالا لتجاذبات خارجية خفية، تارة تتخذ من أيد محلية أذرعا لتحريك الصراع، وظاهرة أحيانا من خلال التصريحات الرسمية واللقاءات والقمم التي تتناول الوضع في الساحل وتعلن من حين لآخر إعانات عسكرية لا غير، وكأن المنطقة بحاجة إلى مزيد من الأسلحة والقنابل···!؟ إن الحاجة الملحة في المنطقة هي دفع عجلة التنمية التي تواجه متاعب اقتصادية معقدة دفعت بالآلاف من الشباب إلى الهجرة، ولعل من يدفع ثمن هذا النزوح الشمالي يبقى دول المغرب العربي باعتبارها بوابة نحو الضفة الشمالية للمتوسط·· الإلدورادو بالنسبة لشباب فقير بدون حاضر ومستقبل غير أكيد، منطقة الساحل بحاجة إلى مشروع مارشال لانتشالها من الرعب الإرهابي الذي يستثمر في عجزها والفقر الذي ينهش جسدها·