تعريف الحسد وحقيقته قالت طائفة من الناس: إن الحسد هو تمني زوال النعمة عن المحسود، وإن لم يصر للحاسد مثلها، بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط· والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود، وهو نوعان: أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقاً، وهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضاً في قلبه، ويلتذذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها· والنوع الثاني: أن يكره فضل ذلك الشخص عليه، فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه، وهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حسداً في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما قال: (لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها، ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق) رواه البخاري من حديث أبي هريرة ولفظه (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار فسمعه رجل فقال: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا، ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: يا ليتني أوتيت ما أوتي هذا فعملت فيه ما يعمل هذا)، فهذا الحسد الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم إلا في موضعين هو الذي سماه أولئك الغبطة، وهو أن يحب مثل حال الغير ويكره أن يفضل عليه، وقد يشكل هنا تسميته حسداً ما دام همه أن ينعم الله عليه بمثل ما أنعم على صاحبه؟ فيقال: مبدأ هذا الحب هو نظره إلى إنعامه على الغير وكراهيته أن يفضل عليه، ولولا وجود ذلك الغير لم يحب ذلك، فذلك كان حسداً لأنه كراهة تتبعها محبة· وأما من أحب أن ينعم الله عليه مع عدم التفاته إلى أحوال الناس، فهذا ليس عنده من الحسد شيء، ولهذا يبتلى غالب الناس بهذا القسم الثاني، وحقيقة الحسد شدة الأسى على الخيرات تكون للناس الأفاضل وهو غير المنافسة· قال صاحب اللسان: إذا تمنى أن تتحول إليه نعمته وفضيلته أو يسلبهما هو· وقال الجوهري: تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وخصه بعضهم بأن يتمنى ذلك لنفسه والحق أنه أعم· وقال النووي: قال العلماء: هو حقيقي: تمني زوال النعمة عن صاحبها وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصريحة، ومجازي: هو الغبطة وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها، فإذا كانت من أمور الدنيا كانت مباحة وإذا كانت طاعة فهي مستحبة· وقيل: الحسد تمني زوال النعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دين أو دنيا· وقيل: أن تكره النعم على أخيك وتحب زوالها، فحد الحسد: كراهة النعمة وحب وإرادة زوالها عن المنعم عليه، والغبطة: ألاّ تحب زوالها، ولا تكره وجودها ودوامها، ولكن تشتهي لنفسك مثلها· والمنافسة: هو أن يرى بغيره نعمة في دين أو دنيا، فيغتم ألا يكون أنعم الله عليه بمثل تلك النعمة، فيحب أن يلحق به ويكون مثله، لا يغتم من أجل المنعم عليه نفاسة منه عليه، ولكن غمّاً ألا يكون مثله· وفي الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله، ويحب زوالها والله يكره ذلك، فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته، ولذلك كان إبليس عدوه حقيقة لأن ذنبه كان عن كبر وحسد· وللحسد حد وهو المنافسة في طلب الكمال والأنفة أن يتقدم عليه نظيره، فمتى تعدى صار بغياً وظلماً يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود ويحرص على إيذائه، ومن نقص عن ذلك كان دناءة وضعف همة وصغر نفس· -------------------------------------------- الرقية الشرعية تمهيد لشروط الرقية وأحكامها إنه في عصر اختلطت فيه الأمور بين الحق والباطل، وغلب فيه الباطل على الحق، والشر على الخير، وخاصة أننا نتحدث عن أمر اختلط فيه الحابل بالنابل، وحيث أن الرقية الشرعية تعتبر من هذا التشريع الذي سنه لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فكان لزاما علينا أن نؤصل هذا النوع من أنواع الفقه في الرقية الشرعية· ولا ندعي الكمال ولا كمال العلم، ولكن هو عطاء المقل واجتهاد من طالب علم، سائلين الله أن يسدد خطانا ويعلمنا ما جهلنا، وأن يفقهنا في ديننا· ولما أصبحت الرقية الشرعية منتشرة انتشارا عظيما على مستوى العالم الإسلامي، بل العالم أجمع، وحيث أنه أصبح كثير من المعالجين والمتحدثين يدلي بدلوه دون الرجوع إلى الأصل في كثير من الأحيان، وعندنا الأصل كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ·· من هذا المنطلق أحببنا أن نوصل إلى أحبتنا وإخواننا في الإسلام ما كتبه أهل العلم، وما أصله السلف الصالح الذي فيه قدوتنا، النبي محمد صلى الله عليه و سلم وما أخبرنا به عن الله ليقودنا جميعا إلى الله· وعندما نتمعن الرقي في هذا الزمان وفي غيره من الأزمنة، وما أدخل فيها وما أضيف إليها، نجد أن كثيرا من الأمور لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة رضوان الله عليهم ولا في عهد التابعين من بعدهم· يتبع ··· إن من الشعر لحكمة إقرأ كتابَ الله ورتِّلِ الآيات *** ما دام في هُداه سعادة الحياة رتِّلهُ في الصبح، رتله في المساء *** كالبلبل الصدَّاح في غابةٍ خضراء فإن تكن صديقاً لآلِه الحسان *** يرسم لك الطريق بأجمل الألحان يُنبيك عما كان في الأرض من أخبار *** في سالف الأزمان ويُظهر الأسرار جزائر الإيمان ·· ركن لتتفقه في دينك ودنياك أخي القارئ، أختي القارئة·· نفتح لكم هذا الركن لمعالجة المشكلات والإجابة على التساؤلات في العبادات والمعاملات، في الحب، المراهقة، في ما يحدث لك من مشكلات، بينك وبين الله، بينك وبين نفسك، بينك وبين الناس، في السحر والعين، العنوسة والعزوبية، في تجارتك وصناعتك، في العلم والعمل ·· كل ذلك دواؤه وحله في ديننا الحنيف، قال تبارك وتعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) و(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة)· أخي المؤمن·· سواء كنت كبيرا أوصغيرا، غنيا أو فقيرا، حاكما أو محكوما· أختي المؤمنة·· سواء كنت كبيرة أو صغيرة، غنية أو فقيرة، حاكمة أو محكومة· راسلونا لنتعاون على حل مشكلاتنا، لنسعد في دنيانا وأخرانا·· (فمن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) ·· هلموا جميعا فقلوبنا مفتوحة لكم وساترة لسرائركم·· دعاء (يا ربنا عافنا في أبداننا، وعافنا في أسماعنا، وعافنا في أبصارنا، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا، اللهم عافني في ديني، اللهم عافني في أهلي وأولادي) آمين يا مجيب السائلين السنة قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم : (تسحروا فإن السحور بركة)· وقال (عليكم بهذا السحور فإنه الغذاء المبارك)· وقال (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور)· وقال (السحور بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين) الرواة : الشيخان والنسائي وأحمد· قرآننا شفاؤنا (إن الله يأمركم أن تودوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) الآية 59 سورة النساء ------------------------------------------ لمن كان له قلب: إصرف بصرك واحفظ قلبك إصرف بصرك: هذا أمر نبوي كريم، بِه يُحفظ القلب من الصّدع والجوارح، من الإثم، فيبقى القلب سليما خالياً من الحسرات، وتسمو النفس وتزكو، والأهم من ذلك هو حفظ الفروج إذ أن حفظ الأعراض من الضروريات والكليات الخمس التي جاءت بها الشريعة، لذا جاء التأكيد على هذا المعنى في كتاب الله، فقال الله جلّ وعلى : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) وماذا؟ (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) لماذا؟ ( ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ)· وقال مثل ذلك في حق المؤمنات للتأكيد عليهن أيضا: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) ولا سبيل لحفظ الفروج إلا بإغلاق المنافذ! والعين رسول القلب ورائده! بل هي تزني وزناها النّظر، كما في الصحيحين، قال عليه الصلاة والسلام : (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه· وغض البصر خصلة من ست خصال، من أتى بهن مع إيمان بالله عز وجل ضمِن له النبي صلى الله عليه وسلم الجنة، لذا قال عليه الصلاة والسلام : (إضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: أصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا أؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضُّوا أبصاركم، وكفوا أيديكم) ·· وغض البصر من حق الطريق، لأن الطريق حق للجميع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إياكم والجلوس على الطرقات) فقالوا: ما لنا بدّ، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال: (فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها)، قالوا: وما حق الطريق؟ قال (غضّ البصر، وكف الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر) رواه البخاري ومسلم وأما السبيل إلى غض البصر ففي أمور: الأول : عدم اتباع النظرة النظرة، ففي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عمه هذا المعنى، حيث قال لعلي: (يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة)· والثاني: صرف البصر عما إليه نظر، قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة، فأمرني فقال: (إصرف بصرك) رواه الإمام أحمد وأبو داود وقال الإمام البخاري: قال سعيد بن أبي الحسن للحسن: (إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن)· قال: (إصرف بصرك عنهن) ·· يقول الله عز وجل : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)· قال قتادة: عما لا يحل لهم· و(خَائِنَةَ الأَعْيُنِ ) من النظر إلى ما نهى عنه، وقال الزهري: في النظر إلى التي لم تحض من النساء، لا يصلح النظر إلى شيء منهن ممن يُشتهى النظر إليه، وإن كانت صغيرة، وكره عطاء النظر إلى الجواري التي يُبعن بمكة إلا أن يريد أن يشتري· الثالث : تذكّر عظيم الجزاء عند الله، وأن من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه، وأن يترك هذا النظر من أجل النظر إلى وجه ربِّه الكريم، وأن يتذكر أن الله مُطّلع عليه لا تخفى عليه خافية· الرابع : أن يتذكّر الرجل المتزوّج أن الله أغناه بحلاله عن حرامه، فلا يكن كأخسّ الحيوان! قال ابن القيم رحمه الله : ومن الناس من طبعه طبع خنزير يمرّ بالطيبات فلا يلوي عليها، فإذا قام الإنسان عن رجيعه قَمّه! الخامس: وهو خاص بالمتزوجين أيضا، فِعله عليه الصلاة والسلام في علاج ما يقع في القلب من أثر النظر، فقد رأى عليه الصلاة والسلام إمرأة فأتى إمرأته زينب وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه، فقال: (إن المرأة تُقبل في صورة شيطان، وتُدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم إمرأة فليأتِ أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه) رواه مسلم ·· قال النووي: قال أهل اللغة: المعس الدّلك، والمنيئة: الجلد أول ما يوضع في الدباغ·