سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشيخ عبد القادر بن ابراهيم المسعدي (1888-1956) ... الشاعر الفقيه والمجاهد اللغوي والمترجم الصحفي والمفتي المعلّم يعود في ملتقاه الأول!! بالتوازي مع صدور كتاب ضخم عن مسيرته وآثاره
كانت دار الثقافة "ابن رشد" أمس الأربعاء على موعد مع الملتقى الأول حول الشيخ العلامة عبد القادر بن ابراهيم المسعدي أحد أهم رواد الحركة الاصلاحية بمنطقة الجلفة وعموم الجزائر. الملتقى جمع أكاديميين ومثقفين وباحثين في التاريخ الثقافي للمنطقة من الجلفة ومسعد وحاسي بحبح وبوسعادة وعين الديس وتقرت تداولوا جميعهم على المنصة أين ألقوا مداخلات حول مسيرة العلامة بن ابراهيم الذي نبغ في اللغة والافتاء والفقه والترجمة وجاهد ضد الاحتلال الفرنسي وكانت له مساهمات في مجلات جمعية العلماء المسلمين وعلّم أجيالا في مسقط رأسه بمسعد ثم بالجلفة. السيد "جلال العيد"، مدير دار الثقافة، وفي كلمته الترحيبية أكد على أن هذا الملتقى يدخل ضمن برنامج لاحياء سيرة علماء المنطقة والاحتفاء بمسيرتهم. حيث سبق للدار أن نظمت ملتقيات حول مسيرة الشيخ "محاد بن عطا الله" من البيرين والشيخ "عبد الحفيظ القاسمي" ثم ملتقى حول حياة الشيخ الفاضل "المقدم الزبدة" ثم ملتقى حول "مدرسة الاخلاص" وشخصياتها العلمية. مضيفا أن دار الثقافة ستواصل مع كل علماء بلديات ولاية الجلفة موجها نداء الى رؤساء البلديات ومثقفيها بغية التنسيق والعمل المشترك. أما رئيس الملتقى، الاعلامي والباحث في التاريخ المحلي "حفناوي غول"، فقد دعا الحضور الى استكناه ماهو موجود في بطون المخطوطات الموجودة بالزوايا لا سيما منها زاوية الهامل وزاوية الشيخ عبد الرحمان الديسي والمكتبات الخاصة. مشيرا الى أن الشيخ عبد القادر بن ابراهيم قد ترك بصمات خالدة على الصعيدين العلمي والفكري بمنطقة الجلفة. من جهته تحدث مفتي الولاية، الشيخ ميلود قويسم، عن السيرة العلمية للعلامة بن ابراهيم فذكر تتلمذه على يد الشيخ الطاهر العبيدي بتقرت وأشاد بمؤلفاته في اللغة ومجموع فتاواه. وكذلك أشعاره لا سيما منها قصيدته الرثائية للباشاغا سي محمد لحرش بن بلقاسم. ليذكر بعضا ممن تناولوا سيرة هذا العالم ومنهم سالم علوي ولحسن بن علجية وحفناوي غول. أما رئيس الجمعية الثقافية لزاوية عين الديس، المحامي والقاضي السابق بن عبد الرحمان عبد الكريم، فقد رجع بالحضور الى المراسلات التي كانت بين جده الشيخ محمد بن عبد الرحمان الديسي (1854-1921) والشيخ عبد القادر بن ابراهيم والتي جاءت شعرا في بعضها لا سيما المساجلة الشعرية الشهيرة بينهما في المفاضلة بين البادية والحاضرة. ولم يفوت السيد بن عبد الرحمان الفرصة لتوجيه اللوم الى الأكاديميين حول عدم طبع أعمالهم الأكاديمية التي نالوا بها درجات لاسيما تلك التي تتناول حياة العلماء والتراث الثقافي للمنطقة. كما أشار الى مجهودات جمعيته التي استطاعت طبع 09 أعمال من مخطوطات الزاوية من بين 32 عمل يتم الاشتغال عليها. أما الأستاذ الجامعي بلعدل الطيب فقد رجع بالحضور الى القرن الماضي أين كانت الساحة تعج بنشاط اصلاحي وحراك صوفي مشيرا في هذا الصدد الى أن الشيخ عبد القادر بن ابراهيم استطاع أن يقف موقفا يتجاوز الألغام بين السلفية وتشكلاتها والصوفية وتشكلاتها فكان اصلاحيا بالمعنى الجزائري. وفي رصده للجهود المبذولة حول التأريخ للشخصيات العلمية، اعتبر الباحث بلعدل أن التاريخ الثقافي الوطني ينطلق من بناء التاريخ الثقافي المحلي لكل منطقة. حيث ذكّر بالإنتاج الصحفي الذي سلط الضوء على شخصيات الجلفة لا سيما مجلة "صوت السهوب" التابعة للولاية منتصف التسعينات ومقالات الصحفي حفناوي غول. كما ذكر الحضور بمقال كتبه رفقة الأستاذ بلقاسم الضيف سنة 1991 في جريدة "الشعب" على 03 حلقات ألقيا فيه باللائمة على المؤرخ أبي القاسم سعد الله كونه لم يستقرئ التراث الصوفي ولم يعكس ثراء خزائن المخطوطات في الجزائر. ونتيجة لهذه المقالات "اتصل بنا الدكتور سعد الله، يقول الأستاذ بلعدل، والتقينا في عين وسارة وكانت لنا معه جلسة مؤداها عدم تمكينه من مخطوطات الزوايا". وأكد الأستاذ بلعدل على ظاهرة اكتناز المخطوطات لدى بعض مالكيها وعدم وضعها في متناول الباحثين موجها نداء الى تمكين الباحثين من هذا التراث العلمي لإخراجه ونشره. وفي هذا الصدد أعلن عن اشتغال أحد طلبته في الدكتوراه على تحقيق شرح الشمقمقية. وقدم الأستاذ بلعدل الطيب توصيفا للحراك العلمي في المنطقة خلال القرن الماضي بأنه شبكات من حلقات علماء في مسعد وتقرت والهامل وعين الديس صنعت النسيج الثقافي لهذه الربوع. ليختتم محاضرته بالإشادة بالمستوى العالي الذي كان عليه الشيخ بن ابراهيم الذي وصل مقاما في اللغة العربية أهّله أن يضع شروحا لمتون "لامية العرب" و"لامية الأفعال" ليصدُق فيه القول المأثور "من كانت عربيته واسعة فليركب البحر واذا أردت ركوب البحر فعليك بلامية الأفعال". وتم على هامش الملتقى تنظيم معرض للمخطوطات والمراسلات والفتاوى الخاصة بالشيخ بن ابراهيم. اضافة الى وثائق ادارية من ادارة الاحتلال الفرنسي ترصد تحركات ونشاطات الشيخ بن ابراهيم في مسعد ضد الاحتلال الفرنسي. جدير بالذكر أن الاعلامي حفناوي غول قد أصدر من العاصمة المصرية القاهرة كتابين أحدهما يتناول بالتفصيل سيرة وتراث الشيخ عبد القادر بن ابراهيم المسعدي والكتاب الآخر حول أعلام الجلفة ويُنتظر أن يتم توزيعهما في معرض الكتاب الدولي لهذا العام.