تعتبر ظاهرة ذبح النعاج والخراف الإناث معضلة وظاهرة سلبية تعرف انتشارا واسعا بولاية الجلفة في مذابح غير مرخصة وهو ما يهدد الثروة الحيوانية ورؤوس الماشية حسب العارفين بخبايا هذا الميدان. وتنتشر هذه الظاهرة الممنوعة بنص المرسوم التنفيذي رقم 91-514 الخاص بالحيوانات المسموح و الممنوع ذبحها داخل المذابح البلدية حسب ما أستقته واج من عدة هيئات ذات صلة بالموضوع داخل مذابح تتخندق في أحياء شعبية حيث يتم "إبادة" رؤوس الأغنام من النعاج الولود والخراف الإناث بشكل يهدد هذه الثروة الحيوانية وتحد تكاثرها وزيادة تعدادها. و يتعمد البعض من الجزارين ممارسة هذه الظاهرة بعيدا عن أعين الرقابة بهدف تحقيق الربح السريع على حساب جزء مهم من الاقتصاد الوطني. ويتبين من خلال الحركية التجارية للأسواق الأسبوعية للماشية على غرار سوق "عين الرومية" ببلدية عين الإبل (30 كلم جنوب الولاية) وكذا وسوق حاسي بحبح وسوق الاثنين بعاصمة الولاية أن الموال خارج هذه اللعبة في ظل وجود طرف ثالث وهم فئة التجار الذين يمتهنون التسمين والجزارة معا. و حسب عدد من الموالين وكذا العارفين بميدان وشعبة تربية الأغنام، اقتربت واج منهم فأن "أصحاب مهن التسمين ممن لهم إسطبلات بالمناطق الريفية التي لا تبعد كثيرا عن النسيج الحضري، يعملون على شراء الخراف ذات السنة الواحدة وبخاصة الأنثى منها، وكذا النعاج حيث يتم تسمينهم وتحضيرهم للذبح غير مهتمين بما ينجر من خسارة للثروة جراء هذا السلوك الغريب على الشعبة في سنوات خلت. و في هذا الصدد، أكد الموال الحاج عبد العزيز، الذي كان بصدد بيع عدد من رؤوس الماشية بسوق "عين الرومية"، على خطورة الظاهرة وضرورة مجابهتها بشتى السبل فهي "تقضي على السلالة المميزة التي تعرفها المنطقة "، على حد تعبيره. و أشار إلى أن "الهدف من عملية بيع الخراف والنعاج بأعمارها المتباينة عبر الأسواق الأسبوعية، هو توسيع النشاط ودائرة ممارسة تربية الأغنام وكذا الإستفادة من اللحوم الحمراء للرؤوس المسموح بها للتوجه للمسالخ أما ذبح النعاج والخراف الإناث فذلك يعد انتهاكا لثروة توارثناها أبا عن جد"، مناشدا تدخل الجهات المعنية للحد من خطورة هذا الأمر. وضمن الخرجة الميدانية للأسواق الأسبوعية للماشية وبخاصة سوق "الإثنين" بعاصمة الولاية، رصدت واج عدد من التجار الذي يشترون الخراف الإناث والنعاج، حيث أكد أحدهم، رفض ذكر إسمه، بأنه يمتهن تجارة الماشية والجزارة معا، مشيرا إلى أن البحث عن الخراف الإناث والنعاج هو من أجل سعرها الذي هو في المتناول والذي يضمن هامش ربح لا بأس به عند ذبحها وبيعها بالتجزئة في القصابة بسعر يتراوح ما بين 1000 و 1200 دج للكيلوغرام وهو ما يلقى تهافتا للزبائن بهذا السعر المناسب". واعتبر ذات المتحدث " أن شراء الخراف الذكور ليس بالأمر الذي يضمن هامش ربح كبير بقدر ما يؤدي إلى الخسارة"، فشراء خروف بأكثر من 25 ألف دج ولا يزن حتى 20 كيلوغرام لا يضمن، حسب ذات المتحدث – "حتى رأسماله إذا ما بيع بسعر 1200 دينار للكيلوغرام الواحد على عكس أمر شراء الخراف الإناث التي يتراوح سعر اقتنائها ما بين 18 ألف و22 ألف دج" . وقلّل من خطورة هذا الاجراء، بعد نعته بأنه أحد المتسببين في إستنزاف ثروة حيوانية تعتبر حلقة مهمة في إقتصاد المنطقة بإمتياز، وقال "أن الأمر ليس بهذه الخطورة بقدر ما هو بحث عن لقمة العيش، وأن ذبح الخراف الإناث والنعاج ليس دائما هو المقصد بل الأمر يتعلق بتجارة عادية". تعزيز سبل التحسيس مع تفعيل لآليات ردع المخالفين للحد من خطورة الظاهرة وأمام استفحال هذه الظاهرة التي تهدد رؤوس الماشية، عقدت مؤخرا مديرية المصالح الفلاحية بالجلفة لقاء مع إطاراتها لإيجاد حلول إزاء إشكالية الذبح العشوائي وسبل مكافحتها، وسبل الحفاظ على تكاثر رؤوس الماشية، من خلال حماية الخراف الإناث والنعاج من آلة الذبح العشوائي، بردع المخالفين والقضاء على المذابح العشوائية. وفي هذا الصدد، اكد مدير المصالح الفلاحية، علي فنازي، في تصريح لواج بأن عملية ردع المخالفين لاسيما منهم أصحاب المذابح العشوائية "باتت أكثر من ضرورة" لما لهذا الفعل من أضرار على سلسلة التكاثر. كما قامت من جهتها مفتشية البيطرة بالمصالح الفلاحية بعدة حملات تحسيسية وتوعوية في أوساط الموالين والناشطين ضمن شعبة اللحوم من أجل التذكير بالقانون الذي ينظم عملية الذبح المسموح والممنوع داخل المسالخ البلدية. كما تم تذكير المستهدفين في هذه العملية التي مست كل دوائر الولاية — من خلال البياطرة – بالإجراءات الردعية التي قد تلحق بالمخالفين للقانون باعتبارها "تضر بثروة لها مكانتها في الإقتصاد الوطني"، حسب المفتش البيطري، والمسؤول عن النظافة الغذائية بمفتشية البيطرة، بوزويجات توفيق. و اوضح المتحدث في تصريح ل/وأج انه تم التذكير في إطار هذه الحملات بالمرسوم التنفيذي رقم 91-514 الخاص " بالحيوانات المسموح و الممنوع ذبحها داخل المذابح البلدية" والذي استثنى ذبح النعاج كإجراء خاص بمناسبة عيد الأضحى فقط، مشيرا إلى أن الأطباء البياطرة مجندون على مستوى المذابح البلدية والمسالخ الخاصة من أجل منع أي خروقات في هذا المجالي مشددا على ضرورة تضافر جهود مختلف المصالح للحد منها وهو ما سيكون في القريب العاجل محل خرجات ردعية. كما قامت مصالح التجارة من جهتها، في الآونة الأخيرة وفي إطار مجابهة الظاهرة بخرجة فجائية على مستوى المسلخ البلدي حيث تم حجز تسع (09) ذبائح لخراف إناث، بلغ وزنهم الإجمالي 219 كيلوغرام، وتم تسجيل المتابعة القانونية ضد المتسبب في هذا الأمر وتحويل المحجوزات لفائدة مؤسسة ذات منفعة عمومية. ويقول السيد خيراني، إطار بمديرية التجارة، أن مديرية القطاع تكثف من خرجاتها الرقابية في إطار المهام الموكلة لها لمجابهة ظاهرة عرض منتجات اللحوم مجهولة المصدر، والتي في غالبها ما تخرج من المذابح السرية المنتشرة بشكل كبيري مضيفا أن " ذبح إناث الخراف والنعاج الولود في المذابح البلدية أمر مرفوض بحجة القانون مما يجعل المخالفين يلجؤون إلى المذابح السرية للإفلات من أعين الرقابة". و لعل ما يؤكد على مؤشر تفاقم هذه الظاهرة و انتشار المذابح السرية، برأي نفس المسؤول هو أن" عدد رؤوس الأغنام التي تذبح على مستوى المسالخ البلدية ضئيل بالمقارنة ما هو معروض ما يوحي -حسبه ب "النشاط الكبير للذبح السري". و يشير النشاط الرقابي لذات المصالح ضمن عملها مع الفرق المشتركة داخل الأسواق المغطاة الثلاث بمدينة الجلفة — و التي تشكل أكثر من 80 بالمئة من النشاط التجاري لحركية اللحوم الحمراء بالولاية – إلى أن مكافحة ظاهرة ذبح الخراف الإناث والنعاج الولود يحتاج إلى تضافر للجهود.