الفريق أحمد قايد صالح بات من المؤكد، ومما لا ريب فيه، أن كل مؤشرات تأجيل الانتخابات الرئاسية قد توفرت لتحول دون اجرائها في 4 جويلية القادم، حيث وصل عدد الراغبين في الترشح 75 معلنا عن رغبته في خوض غمار الرئاسيات المرفوضة شعبيا، والمستحيلة تقنيا، ورغم أن مصالح وزارة الداخلية تحفظت عن نشر أسماء من سحبوا الاستمارات، خوفا عليهم من الحراك، إلا أنها أعلنت عن قائمة تضم أسماء مجهولة ونكرة، يضاف إليها 3 أحزاب مهللة من البداية أظهرت انتهازيتها غير مبالية بالشعب الرافض للانتخابات ولمن يشرف عليها، عل المجلس الدستوري يقبل لها الاستمارات السابقة التي عانت في جمع توقيعها وتم وئدها من طرف المجلس الدستوري بعد الانتخابات الملغاة. هذه الموعد الانتخابي الذي أُعلن عنه بارتجالية وبدون دراسة، كان مستحيلا عمليا منذ بداية الاعلان عنه، بالنظر إلى الفترة المتبقية، وعدم الأخذ بعين الاعتبار مهلة جمع التوقيعات ومهلة الدراسة والطعون لدى المجلس الدستوري، وفترة الحملة الانتخابية، وفترة توقفها قبل يوم الاقتراع. كل هذا لم يؤخذ بعين الاعتبار، بل كان الأمر عبارة عن سياسة الهروب للأمام، وفرض الأمر الواقع، بدون السماع للأصوات المطالبة بالتأجيل، لأن شروط الانتخابات غير متوفرة البتة، وعلى رأسها هيئة مستقلة نزيهة تشرف على التنظيم والمراقبة، ويكون عليها إجماع من طرف الحراك الشعبي، ووجود ولاة نزهاء وشرفاء يخافون الله قبل المسؤول، في مكان ولاة وأعوانهم عينهم بدوي ليزوّرا للرئيس المخلوع، ومجموعة كبيرة من الولاة كانت قد عملت مع بدوي خلال مساره المهني وهم من جماعة السمع والطاعة يا مولاي. من جهة أخرى، الخطابات المتوالية التي يلقيها قائد الأركان للجيش الشعبي الوطني، تصب في التهدئة والصبر، والذهاب للتغيير عبر مراحل، لكي يغلق الباب أمام المتربصين بالبلاد من الخونة في الداخل والخارج، بيد أن تصريحات القائد الأخيرة، جعلت الشعب يخشى بقاء بقايا السلطة الفاسدة، وخاصة الوجوه المألوفة، والتي لا يريدها أحد إلا في السجن أو في مزبلة التاريخ. إن اجراء الانتخابات بوسائل وآليات التزوير، لا يمكن أن تُعطي للشعب الاطمئنان، أو حتى القبول بالنتائج، وبالتالي فإذا لم يكن هناك ضغط من القائد، لتغيير الحكومة، وولاة الجمهورية، فلن يكون أمل في التغيير المنشود. وعليه، فالحل يكمن في استقالة الحكومة مادام اجراء الاقالة غير ممكن قانونيا، وتعيين حكومة تكنوقراط ذات كفاءات تتحلى بالنزاهة و الاخلاص للوطن فقط، واستقالة رئيس المجلس الدستوري، وإعادة تشكيل هذا الأخير، وفق نفس المعايير السابقة الذكر، إلى جانب الاشراف المباشر على الانتخابات للجنة المستقلة للتنظيم والمراقبة المتفق عليها من طرف الجميع، أما عن التحضيرات اللوجستية فالمشكل غير مطروح، فكل التحضيرات قد تم تحضيرها من طرف الجماعات المحلية لخوض الانتخابات الملغاة. إن القراءة المتأنية لخطابات قائد الأركان تشير لعدم استعداد مؤسسة الجيش لمواكبة رئيس توافقي أو هيئة رئاسية، و لا حتى فكرة رحيل رئيس الدولة الحالي بالنظر للتربصات، والانفلات الذي قد يستغل ممن هم في دواليب الحكم من السلطة البائدة المتربصة. ومن هذا المنطلق، قد نشهد في الأيام القادمة، استقالة الحكومة وبقاء رئيس الدولة، والتحضير الفعلي لانتخابات لتكون قبل نهاية السنة، ومواصلة المسيرة. وعلى الحراك الشعبي مواصلة الضغط وعدم الاستسلام، حتى يعمل على ذهاب الحكومة وأذنابها في الولايات، ليضمن انتخابات نزيهة، تكون فيها الكلمة الأخيرة للشعب، لتتمكن الجزائر من النهوض من كبوتها، لأن هناك اقتصاد يتهاوى يوما بعد يوم، وهناك تنمية معطلة، وهناك مضاعفة لنهب المال العام بالعملتين السهلة والصعبة في هذه الأيام، في حين الكل مشغول بالسياسة وانتظار أيام الجمعة والثلاثاء، وتصريحات قائد الأركان.