كشف المخرج "علي بعيطيش عائد" عن شريطه الوثائقي الجديد في حفل احتضنه اليوم الأربعاء فندق "النايلي" بعاصمة الولاية وحضره مجموعة من أساتذة التاريخ وبعض الإعلاميين والمهتمين بالتاريخ. البداية كانت بعرض الشريط الذي حمل عنوان "جهاد حجر". وهو عمل توثيقي يسلط الضوء على منطقة "وادي السدر" إبان الثورة التحريرية ويتناول حكاية عجيبة لعجوز تجاوز عمرها المائة سنة ألا وهي السيدة "ربيحة بنت علي". فهذه السيدة وبعد إعداد القهوة الصباحية بنفسها تخرج إلى الشارع وتفترش الأرض كي تحرس حجرا صغيرا وتراقب المارة وتمنع الأطفال من الإقتراب منه. وعن سبب ذلك تقول خالتي ربيحة أن هذا الحجر أمانة توارثتها من خالها الذي توفي سنة 1971 وقد قطع على نفسه عهدا بحراسته. وفيما يتعلق بقصة الحجر، التي تناولها الشريط، تقول محدثتنا أن دورية عسكرية فرنسية كانت تعبر الطريق المار على وادي السدر. وعند تجاوز سيارة "Jeep" الرتل العسكري بسرعة انحرفت وانقلبت ومات جميع ركابها الثلاث الذين قيل عنهم وقتها أنهم ضباط وقادة في الجيش الفرنسي. وكان سبب انقلاب السيارة الحجر المذكور الذي أخذه خال الحاجة ربيحة خلسة ليحتفظ به كبطل جهاد. ومنذ يوم الحادثة اعتبر خال الحاجة ربيحة، بنيّته وقصده، أن الحجر تذكار جهاد للمنطقة. وبعد وفاته تولت العجوز ربيحة حراسته بدون كلل ولا ملل وصارت لا تفارق نظراتها الحجر الا عند حلول الظلام. وقد تدخلت ومنعت أعوان البلدية من إزالة البئر القديمة التي تضع فوقها الحجر وقالت لهم لن تفعلوا ذلك إلا على جثتي. وقد راودها الكثير من أجل أخذ الحجر الى مكان آخر فردت أنها لن تسمح به ولو بمقابل المليارات. ورغم تجاوزها 103 سنة وكونها قد حضرت أحداثا كثيرة من فترتي الحربين العالميتين الأولى والثانية وحرب التحرير، إلا أن ذاكرة خالتي ربيحة مازالت جيدة وهي تُعتبر مرجعية تاريخية في المنطقة. ويذكر الشريط الوثائقي، حسب شهادات الأساتذة والمهتمين بالتاريخ، أن نفس الطريق المؤدية الى مسعد، وبالضبط في منطقة بت صالح، قد شهد أول كمين للثورة ضد المستعمر سنة 1956 حيث تم احراق حافلتين لأحد المعمرين المسمى "تيربي" وتعرضت بعدها المنطقة للقصف بالطائرات والتمشيط. وبعد عرض الفيلم تم تكريم بطلة القصة "ربيحة بنت علي" من طرف مدير متحف المجاهد نيابة عن مدير المجاهدين كما كرمها الحاضرون. وقد قالت الصحفية هبة الله، عضو فريق إخراج الشريط، أن تكريم هذه العجوز هو اعتراف بوفائها للثورة والشهداء وأنه بفعلها الرمزي لحراسة الحجر لقد علمتنا معنى الوطنية الحقيقية وحراسة الذاكرة والتاريخ. وبالمناسبة تم تكريم مدير فندق النايلي السيد "حمرورش عبد القادر" الذي يُشجّع كل المبادرات وكذلك مخرج الشريط "علي بعيطيش عائد" الذي اشتغل لفترة تفوق 03 شهور من أجل إنتاج هذ العمل الوثائقي بموارده الخاصة. للإشارة كانت "الجلفة إنفو" حاضرة في شخص مديرها الأستاذ الجامعي "بلقاسم السعيد خالدي" الى جانب مراسل "الشروق تيفي" من أجل حضور عرض الشريط الوثائقي كما وعد بأن تكون قصة الشريط والعجوز ضمن مواضيع برنامج "مراسلون".