"وقت الجزائر" حاولت فهم ما يحصل في قطاع التربية بالجلفة من خلال فتح المجال أمام مختلف المتدخلين، الذين اجمعوا على أن مديرية التربية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في الإخفاق الدراسي لتلاميذ الجلفة، كما سبق وأن أشار إليه مديرو التربية لولاية الجزائر على أعمدة وقت الجزائر . من جهتها، اعتبرت مديرية التربية للجلفة أن الولاية قد حسنت نتائجها مقارنة بالسنوات الماضية، في حين لم نتمكن من الاتصال بمدير التربية لمعرفة إن كانت مصالحه ستحقق في أسباب الإخفاق. وكان المسؤول الولائي قد اتهم سابقا أطرافا بخدمة مصالحها الخاصة ، معتبرا ان كل التحركات السابقة للنقابات نابعة من أشخاص لا يمثلون النقابة ويخدمون مصالح شخصية ضيقة . كما حمل وزير التربية أولياء التلاميذ بكل من ولايتي الجلفة والأغواط مسؤولية النتائج الهزيلة في امتحانات البكالوريا، معلنا أن مصالحه ستعمل على تحسين الوضع. مدير لا يخرج ووزير لا يزور اتفق معظم من تحدثوا إلى وقت الجزائر على أن الوزارة ومديرية التربية هما المسؤولان الرئيسيان عن الوضعية الكارثية التي آل إليها القطاع بولاية الجلفة. وحسب ممثل الاتحاد العام للعمال الجزائريين، بوزرقوطة الطاهر، فان الجلفة أضحت منذ سنوات منسية كلية من الوصاية والدليل، على حد تعبيره، حيث أن الوزير أبو بكر بن بوزيد لم يقم بزيارة ميدانية لها منذ عدة سنوات. ويضيف النقابي أن الجلفة تحولت، منذ سنوات، إلى منتجع للمديرين التنفيذيين المقبلين على التقاعد ، ما يؤثر على أدائهم رغم أن الولاية هي الثالثة وطنيا من حيث عدد التلاميذ وتحتاج إلى العناية المركزة بالنظر إلى نتائجها في البكالوريا. كما ركز بوزرقوطة على ما اسماه ظاهرة عدم احترام قرارات مجالس الأقسام و مكافأة الرداءة على حساب الكفاءة و الحالة الكارثية لبعض المؤسسات التربوية، التي لا تتوفر حتى على التدفئة والوسائل البيداغوجية المعتمدة في جل الولايات الأخرى. أقسام مكتظة ومؤسسات بدون وسائل تربوية من جهته، يرى النقابي أحمد بن مسعود من السناباب أن مديرية التربية تعاني من مشكل تضارب القرارات وعدم اعتماد منهجية واضحة في المجال التربوي، بالإضافة إلى ما وصفه تدخل مدير التربية في عمليات الإدماج وفرض الانتقال الآلي للتلاميذ والقفز على قرارات مجالس الأساتذة من خلال التدخل من اجل فلان أو علان. ويشرح بن مسعود: لقد كثرت في عهد المدير الحالي مقررات الإدماج، التي يتنافى بعضها مع القانون، وأعطيك مثالا عن تلميذة أعيد دمجها السنة الماضية في السنة الرابعة متوسط وهي من مواليد 1986. هذا هو حال القطاع بالجلفة وما خفي كان أعظم . ويضيف محدثنا أن ولاية الجلفة تعاني نقصا فادحا في التأطير خاصة التربوي والوسائل البيداغوجية: يجب على الوزير أن يعلم أن الخارطة المدرسية لرابع اكبر ولاية في الجزائر تحسب على أساس 42 تلميذا لكل قسم، والمعروف أن المعدل الوطني هو 31 تلميذا لكل قسم. الجلفة بحاجة الآن إلى أزيد من 10 آلاف منصب مالي لبلوغ هذه النسبة ، يقول بن مسعود. مضيفا أن عدة مؤسسات تربوية تعاني من نقص في التأطير التربوي والوسائل موضحا: هناك مؤسسات بمقر الولاية لم تنظم بها امتحانات بعض المواد للطور المتوسط لنقص التأطير، فما بالك ببلديات الولاية، وهناك مؤسسات بدون أجهزة تدفئة وبدون كهرباء، ولا تتوفر على أدنى الوسائل التربوية وهذا دائما بمقر الولاية. أنا أتساءل: ما حال المؤسسات التربوية بالقرى النائية وبلديات الولاية؟ . ويضيف محدثنا: كفانا مديري تربية على مشارف التقاعد. نحن لا نفهم معنى هذه الطريقة في التعامل مع ولايتنا. الجلفة تحتاج لمدير تربية شاب وكفء بإمكانه مواجهة مختلف اللوبيات وجماعات النفوذ، التي تفخخ القطاع، وقد سئمنا من سوء التسيير الذي أضحى مستفحلا. هل يعقل أن يكون معظم رؤساء المصالح من سلك التربويين بمديرية تربية بينما يوجه المتصرفون الإداريون إلى مكاتب الأرشيف؟ وهل يعقل أن يركز مدير التربية على تسيير الصراعات الداخلية بين العمال وبين النقابات وبين المؤسسات، وهو الذي لا يقوم بخرجات ميدانية لمؤسسات التربية إلا نادرا؟ هذه أسباب الإخفاق ونحن نطالب الوزارة بإيفاد لجنة تحقيق بصفة استعجالية. تقرير أعده حزب حمس الولاية منكوبة في قطاع التربية ذكرت حركة مجتمع السلم حمس في تقرير أعده مختصون عن واقع التربية بالجلفة أن الولاية تعاني من مشكل الاكتظاظ في الأقسام، حيث يصل في بعض الأحيان إلى 50 تلميذا في القسم. ويقول عدة أساتذة تحدثوا ل وقت الجزائر إن الخريطة المدرسية للولاية تعد على أساس 42 تلميذا لكل قسم رغم أن المعدل الوطني هو 31 تلميذا في القسم. ويضيف محدثونا أن كل المؤسسات الرائدة في الولاية، التي تسجل نتائج حسنة لا تعاني من مشكل الاكتظاظ، إذ أنها تستقبل ما بين 25 إلى 30 تلميذا في القسم. كما أضاف تقرير حمس ، الذي أعد سنة 2006، أن الولاية تعاني من نقص فادح في المناصب المالية، ما يخلق مشاكل أخرى متعلقة بالتدريس وعجز في التسيير، بالإضافة إلى عدم استقرار الخارطة المدرسية والتأخر في انجازها والتعامل بانتقائية في بعض أجزائها وعدم تناسبها مع احتياجات بعض المؤسسات، يضيف التقرير. وقد ندد معدو الوثيقة بالفساد الإداري السائد في القطاع، وتفشي ظاهرة المحسوبية وكذا تطبيق نظام الدوامين وانعدام التجهيزات العلمية والمخبرية. واعتبر حزب حمس أن غياب مشروع مؤسسة ومشكل اللغات الأجنبية وضعف المكتبات المدرسية وغياب التحفيز والتكريم وتراجع دور الهيئات والمجالس من أهم أسباب الإخفاق الدراسي بالجلفة، مقترحا إعلان الولاية منكوبة في قطاع التربية مع إعداد حزمة من الحلول لم تؤخذ بعين الاعتبار إلى يومنا هذا. غرائب قطاع التربية بالجلفة أدمجت خلال السنة الدراسية 2010-2011 تلميذة في السنة الرابعة متوسط وسنها يناهز 25 سنة، رغم أن القانون يحدد سن الدراسة في الطور المتوسط ب16 سنة كأقصى حد. مديرية التربية اكتفت بالقول إنها حالة خاصة . تسبب انتقال تلميذة من السنة الثالثة إلى الرابعة متوسط بإحدى إكماليات الجلفة بمعدل سنوي 7 من 20 في أزمة بين أستاذ وصديقة المعنية، التي أعادت السنة الثالثة لحصولها على معدل سنوي 8 من 20. التلميذة المحتجة اعتبرت أن انتقال زميلتها بمعدل 7 يعطيها الحق في الانتقال هي أيضا ليطرح السؤال عن سبب إنجاح صاحبة المعدل السنوي 7 من 20؟ تحصلت متوسطتان بولاية الجلفة على معدل نجاح 100% في امتحانات الطور المتوسط. بالمقابل، سجلت نفس المتوسطتين نسبة نجاح 0% في مادة الانجليزية. تحولت إحدى متوسطات الجلفة إلى خم لتربية الدواجن، ما أثار استياء أولياء التلاميذ، الذين راسلوا الوزير وهم في انتظار الرد. نالت متوسطة بسطامي بالجلفة المركز الأول في نتائج الطور المتوسط. بضعة أيام بعد إعلان النتائج، تلقى مدير المؤسسة قرار إيقاف. يتداول تلاميذ ولاية الجلفة مصطلح الريزو أو الشبكة، وهو حسب ما فهمناه شبكة معارف ، يستعملها بعض أصحاب النفوذ لتحسين نتائج أبنائهم. المشكل هو حتى وإن لم يكن لهذا الريزو وجود، فمجرد تداوله في أوساط التلاميذ يدل على فقدان الثقة في الإدارة.