صورة لحطام الطائرة أدريان .. قصة الجبل الأفلج و النادي الشهيد نصف اللاعبين قضوا في 2003 و "شكيب خليل" وزير الطاقة الأسبق اخلفهم الوعد و الخطوط الجوية الجزائرية تكفلت بنقلهم موسمين ثم تخلت عنهم و موارد مالية شحيحة للنادي ... هي قصة نادي كرة قدم من عمق الجنوب الجزائري ... قصة ناد قضى جل لاعبيه في حادث سقوط طائرة البوينغ 737/200 بتمنراست يوم 06 مارس 2003 و التي خلفت 102 ضحية. "الجلفة إنفو" كانت ضيفة على لاعبي و إداريي نادي مولودية أدريان (MAT)، و استحضرت معهم بعضا من ذكريات الماضي و قصة رجال مروا على "النادي الشهيد"، رجال كان ديدنهم رفع راية الجنوب خفاقة في سماء الكرة الجزائرية و لكنها الأقدار وحدها شاءت لهم وجهة أخرى غير التي أرادوها .. نحو الرفيق الأعلى. ْ"الجلفة إنفو" و في الذكرى التاسعة للفاجعة، تسافر بكم في هذه الأسطر لتنقل قصة ناد تحاكي قصته شموخ الجبل الذي أخذ عنه اسمه .. "أدريان" باللهجة التارقية أو الأفلج .. في الأعلى جبل أخذت منه الطبيعة جزءا أوسطا منه فصار جبلا أفلجا .. و في الأسفل نادي كرة قدم أخذت منه الأقدار لاعبين تركوا بصماتهم في كرة القدم المحلية ... و كأن لسان حال الجبل يقول "لابد لمن يحمل اسمي أن يضحي ببعض ذاته مثلما أخذت الطبيعة مني بعض ذاتي و تركتني أفلجا". صورة لجبل أدريان البداية سنة 1975 ... و تاريخ ثوري لكرة القدم في تمنراست يعود تأسيس النادي إلى سنة 1975 بمبادرة قام بها "بن مسعود محمد" المعروف بالتيتي و منذ ذلك الوقت و النادي يحصد البطولات و الكؤوس على المستوى المحلي، و في بداية الثمانينيات بدأ النادي يسيطر على الكرة التمنراستية و يبدي نيته في التربع على عرشها و هذا بفضل المدرب و صانع العاب الفريق "بن مسعود لمين" الذي قضى في حادث سقوط الطائرة في مارس 2003. و لعبة كرة القدم لعبة عريقة بعاصمة الأهقار و لها تاريخ و حضور مرتبط بجميع المراحل التي مرت عليها الدولة الجزائرية لا سيما أثناء حرب التحرير و فترة ما بعد الاستقلال و إلى غاية اليوم. فمدينة تمنراست تتميز بأن لها حضورا تاريخيا عريقا في الثورة من خلال رياضة كرة القدم عكس الكثير من المدن الجزائرية التي لها فرق تلعب في الأقسام الوطنية العليا، و لا تزال الذاكرة الشعبية الهقارية تحتفظ بالموقف الشجاع لأبناء تمنراست سنة 1961 في إطار كأس الخطوط الجوية الفرنسية، أين تقمص أبناء تمنراست الزي الرياضي بألوان العلم الوطني (الأخضر، الأحمر، الأبيض) فكلفهم هذا الموقف الوطني العقاب بالحبس لمدة 48 ساعة. و لعل الكثيرين لا يعلمون أن صاحب الكعب الذهبي اللاعب الدولي رابح ماجر قد انطلقت مسيرته الكروية في السبعينيات من ولاية تمنراست عندما كان يلعب في فريق بلدية عين صالح. السادس مارس 2003 .. اليوم الذي بكت فيه الجزائر "النادي الشهيد" هو يوم غير عادي .. فيه فقدت الجزائر 102 ضحية من بينهم ستة أجانب .. الكثير من العائلات مكلومة لأنها فقدت عزيزا أو قريبا .. و لكنه كان يوم حداد للأسرة الرياضية الجزائرية عامة و الأهقارية خاصة لأنها قد فقدت فريقا بأكمله .. فريقا كان بصدد لعب مباراة كرة قدم من اجل جلب الفرحة إلى قلوب عشاق النادي .. و لكن الأقدار تشاء غير ذلك و تختار لهم وجهة أخرى هي الرفيق الأعلى. كان ذلك يوما عسيرا على نادي "مولودية أدريان" الذي كان يتأهب للعب قمة الجولة 20 من بطولة القسم الجهوي الثاني لرابطة ورقلة، و هذا ضد فريق "سريع ميزاب". و لكن المباراة لن تجر بسبب الحادث المؤلم الذي أودى بحياة 11 لاعبا و مسيرين من نادي مولودية أدريان تمنراست. و هي أكبر خسارة بشرية تصيب الرياضة الجزائرية. رغم كل شيء ... نادي مولودية أدريان فريق قائم بمنطق احترافي و يحسب له ألف حساب هي الحقيقة و لا غير التي وقفت عليها "الجلفة إنفو" في حصة تدريبية و مباراة تطبيقية لنادي مولودية أدريان، فالنادي يمتلك تركيبة إدارية و طاقما فنيا يشرف على تدريبات مختلف الأصناف التي تنتمي إلى النادي. و هذا ما صرح به المدربان "بن مسعود عبد الرحمان" و "تيباري عبد القادر" حيث أشارا في دردشة مع "الجلفة إنفو" إلى أن الفريق يحاول جاهدا التعامل بمنطق الاحترافية في تسيير الجانب الفني و التدريبي للفريق و هذا بالصرامة المنتهجة في الحصص التدريبية بالتوازي مع الاهتمام بلاعبي الفريق الذين فيهم الطلبة المتمدرسون بالثانوية و الجامعة من اجل التوفيق بين اللعبة و الدراسة. لهذا تتم التدريبات بمعدل أربع أيام في الأسبوع. المدرب بن مسعود عبد الرحمن و أضاف السيد "بن مسعود عبد الرحمان" بأن "النادي و رغم أن الموارد المالية فيه شحيحة و رغم رغبته في حصد نتائج جيدة تسمح له بالارتقاء إلى القسم الجهوي الأول و تشريف المنطقة، إلا أن النادي يبدي اهتماما كبيرا بالتكوين و الدليل أنه يملك أيضا ثلاثة أصناف أخرى و هي صنف الأواسط و الأصاغر و الأشبال و هذا من أجل تكوين خزان من اللاعبين يمدون النادي و باقي النوادي باللاعبين الموهوبين" و نادي مولودية أدريان يلعب حاليا في بطولة القسم الجهوي الثاني، رابطة ورقلة التي تم تقسيمها إلى بطولتين مصغرتين الأولى في ولاية تمنراست و الثانية بورقلة ثم البطلان يلعبان مباراة سد لتحديد الفريق الذي سيرتقي إلى القسم الأعلى. و فريق مولودية ادريان يتراوح ترتيبه بين المراتب الثلاث الأولى نظرا للمنافسة الشديدة بينه و بين فريقي الإتحاد الرياضي الأهقار و الوداد الرياضي قطع الواد. المدرب تيباري عبد القادر وسط الصورة و بالنسبة لأهداف النادي لهذا الموسم الذي انطلق يوم السادس جانفي 2012 ، فيبقى الهدف المسطر حسب المدرب هو المنافسة على المرتبة الأولى و الطموح للصعود إلى حظيرة الجهوي الأول. كما ينظم النادي دورتين رياضيتين كل سنة الأولى "دورة شهداء مارس" في السادس مارس تخليدا لذكرى لاعبي النادي الذين توفوا في الحادث، أما الدورة الثانية فتنظم في شهر رمضان و تعرف مشاركة و إقبالا منقطع النظير حيث شارك 18 فريق من مختلف أحياء مدينة تمنراست في دورة رمضان 2011. و ما يميز هذه الدورات يقول السيد "تيباري عبد القادر" هو التجاوب الكبير من طرف الشباب و الانضباط و الاحترام و كذلك الحضور المميز للعائلات التمنراستية إلى مدرجات الملاعب من أجل تشجيع أبنائها، و هو ما لا يمكن أن نراه في ملاعب الشمال. موارد مالية شحيحة و الخطوط الجوية الجزائرية تكفلت بالنقل لموسمين فقط و وزير الطاقة وعد و لم يوف وعده و حسب مصادر من داخل النادي ، فان الإعانات المالية شحيحة و تقتصر فقط على ما تجود به البلدية و الولاية، و لهذا فان صعوبة التنقلات تطرح بحدة حيث عانى النادي منها موسم 2003/2004 كون أقرب مسافة هي 700 كلم نحو عين صالح و 1600 كلم نحو ورقلة و غيرها. علما أن الخطوط الجوية الجزائرية تكفلت بتنقلات النادي لموسمي 2003/2004 و 2004/2005 فقط. اللاعب بن مسعود عبد العزيز و في زيارة له إلى تمنراست في 2003، وعد وزير الطاقة و المناجم السابق شكيب خليل بملعب بمقاييس محترمة و أرضية معشوشبة طبيعيا و هذا على عاتق شركة سوناطراك و قام بالفعل بوضع حجر الأساس على الأرضية التي اختيرت لذلك، لكن و بعد تسع سنوات ما يزال حجر الأساس يبقى شاهدا على وعد وزير. بن مسعود طارق نجل المدرب الراحل بن مسعود لمين .. حارس مرمى واعد يتحلى بطموح و تصميم والده الحارس بن مسعود طارق "بن مسعود طارق" هو حارس الأواسط و ابن المدرب الراحل "بن مسعود لمين" الذي توفي في حادث 2003، و في دردشة له مع "الجلفة إنفو" قال طارق "إن شاء الله سنكمل مسيرة المرحومين جميعا في الحفاظ على هذا النادي الذي أحبوه و ضحوا من اجله، و إن شاء الله يكتب لنا النجاح في ذلك. و الإرادة و العزيمة تحذونا في ذلك لأنه هذا ما كان يركز عليه الوالد رحمه الله تعالى في الحصص التدريبية مع أعضاء الفريق".