وَهَبَكَ اللهُ مَلكةً و عزًّا و شرفَا، حينما أمدَّكَ خاطرَك بالكلمةِ، و خيالَك بالصّورةِ، و قلبَك بالحبِّ ،و أحاسيسَك بالرّهافة؛فكنتَ مثلَ الشّمسِ تمدُّنا بالدّفء ،و مثلَ الأمِّ تهبُنا الحنانَ ،و مثلَ البحرِ تسحرُ عيونَنا بالرّحابة ،و مثلَ النّحلةِ _ و إنْ لسَعَتنا _ تجبرُ ألمَنا بعسلٍ و شفاء..! إنّه مِن سَعْد الحال أن نطاردَ بلهفةٍ و شغفٍ مراميَكَ ،و هي تنطُّ بين السّطور نطَّ الفراشاتِ وسْطَ المروج ، حالمةً بمساءٍ جميلٍ خلاّب؛ و الخريرُ يطربُها بلحنِه العذبِ، مهاديًا ضفافَ البحيرات، مراقصًا ضفائرَ الأعشاب و أعطافَ الزّهور ! كلَّ ليلةٍ عيونُنا تمارسُ رياضةَ المطالعةِ ، و النّعاسُ يغالبُ أجفانَنا _ بعدَ كلِّ دهشةٍ _ غَيرةً من حبِّنا لحرفك..و ظنُّه _ بنفس الغَيْرة _ أن تأخذَ الذّاكرةُ شبقَها الخالصَ من نشوةِ الانصهار في رؤاك الحالمة السّحريّة..و لا تكاد..! .. حينما كنتَ تحكي لنا قصصَك و مغامراتِك كنّا نسافرُ على جناح فكرِك صوبَ تلك الحدودِ المهيبةِ بمنتهى البساطة ؛ما كان لِخُطى خيالِنا أن تصلَها لولاك..و من قبيل المتعة أن تهبَنا تلك اللّحظاتِ لنُشاطرَك فيها جمالَ ما تألّقَ بداخلك، و نراه بين سطورك مبثوثًا ، كأنّما يتأجّج بداخلنا ! .. ماذا سيكونُ لونُ هذا الكونِ لو كان كلُّ النّاس كُتّابَا ؟!..إنّه بقدر ما سيحفلُ بالبهاء ، و يكتنزُ بالحلاوة ، إلاّ أنّ مرارةَ السّعادةِ ستطغى على 0نتشاءِ أرواحِنا من زُلال ما نحلمُ به، و سنَشْرقُ.. لا محاله!.. لذا من الإنصاف أن نتعشّقَ طيفًا لا نملكُه ، و يحلمُ هو أن يمدَّ سناءَه على مرآةِ عشقِنا ، ليسرقَ منّا ما ليس فيه ! ..أيّها الكاتبُ ؛ نرفعُ أيديَنا إلى الله بالدّعاء لك..فما سيفيضُ من خيرِك على أوراق كتُبِنا ستجني أرواحُنا و عيونُ قلوبِنا _ قبلها _ وهَجًا منه ! و إنّك ستقتفي أثرًا لنبيٍّ ، بخلَ قومُه عليه ،و أنكروا رسالتَه، و لم يبخلْ بكلمةٍ طيّبةٍ و نصيحةٍ من القلبِ إليهم. ..إنّك تعلّمنا كيف نحافظُ على مشاعرِنا ، حينما تحافظُ على بهاء لغتك ؛ و كلّما أكرمتَ أدبَك بصياغةٍ أنيقةٍ ، و لغةٍ راقيةٍ ، و أسلوبٍ متأنّقٍ إلاَّ و زدتَ كرمَكَ شرفًا ،و فقرَنا كرامةً ، و شغفَنا لمحاكاةِ لوحتِكَ الجميلةِ أدبًا جليلا. .. فكنْ على يقينٍ بأنّنا نحبُّك ..و هاتِ أروعَ ما لديك. بيرين _ الجزائر / 2011