سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الزاوية القادرية بمسعد ...تحفيظ لكتاب الله، مقاومة للإستدمار الفرنسي و مشاركة في الصلح بين المتخاصمين المدارس القرآنية بولاية الجلفة بين الماضي والحاضر وآفاق المستقبل
نظرا للأهمية التي تكتسيها مدارس تحفيظ القرآن الكريم ونظرا للانجازات التي حققتها هاته المدارس عبر تاريخها الطويل تفتح جريدة "الجلفة انفو" الإلكترونية صفحاتها لمحاولة التآريخ لنشأة هاته المدارس وواقعها المعاصر وآفاقها المستقبلية، وذلك تحت شعار "لا تصلح الأمة الا بتعليم كتاب الله" وبداية هذه السلسلة مع الزاوية القادرية بمسعد. تأسست الزاوية القادرية بمسعد على يد الشيخ الشهيد "محمد بن عياش" في سنة 1842 الذي قدم من "القنطرة" قرب بلدية الدويس وذلك لرؤية صالحة رآها في منامه حيث سمع هاتفا يقول له "روح لمسعد بك تسعد" ولما قدم الى هذه المنطقة "النواورة" بنى بها مسجدا وأنشأ مدرسة قرآنية اجتهد فيها بتحفيظ القرآن الكريم وذلك حتى دخول الإستدمار الفرنسي سنة 1857 لمنطقة مسعد، وبعد احتلال مدينة الأغواط أعلن الشيخ "بن عياش" الجهاد فخرج برفقة "بن السنوسي" بجيش قوامه 40 فارسا وحوصر الشيخ في هذه المعركة غير المتكافئة والقي القبض عليه وقيد في خيمة ولم يتحاور معهم وحرّم التعامل معهم ووصفهم بالكفار المعتدين، وبعد فترة يسيرة من القبض عليه أُعدم الشيخ "محمد بن عياش" بمنطقة المقيد ودفن بجانب المسجد تاركا وراءه العديد من المخطوطات التي تزخر بها الزاوية. وبعد استشهاد الشيخ "بن عياش" تولى ابنه "بن عزوز" مكانه بالزاوية وأشرف الشيخ "محمد بن الطاهر" على تعليم القرآن الكريم لفترة معتبرة، وبعد سنين من الحرب أُهملت الزاوية لمدة طويلة. وفي سنة 1958 سعى بعض رجالات مسعد مع السلطات الفرنسية من اجل اعادة فتح الزاوية وهو ما تم فعلا حيث تولى الإمامة هذه المرة الشيخ "هواري عبد الهادي" والذي اشتهر آنذلك بالصوت الشجي في المديح الديني، وبعد وفاته تولى الشيخ "أحمد قن" تسيير شؤون الزاوية بتكليف من المشيخة العامة للطريقة القادرية بالجزائر وعموم افريقيا الشيخ "محمد حساني بن ابراهيم"، فقام هذا الأخير بترميمات واسعة للزاوية بالاضافة الى إقامة مختلف النشاطات الروحية والثقافية والاجتماعية. الزاوية لها جمعية خيرية هدفها الأساسي تحفيظ القرآن الكريم وتعليم السيرة النبوية، بالاضافة الى احياء المناسبات الدينية والوطنية بالمحاضرات والمسابقات والمديح الديني، كما تسعى الزاوية لإصلاح ذات البين في المخاصمات والمنازعات بين الناس، فقد شاركت في المصالحة الوطنية وشاركت في الصلح بين ولاية الأغواط وولاية الجلفة بمنطقة قمامر التابعة لبلدية سد رحال، واليوم تسعى الزاوية في الصلح بين بني ميزاب والعرب بولاية غرداية. تستقطب المدرسة القرانية بالزاوية ما بين 60 الى 70 طالبا على طول السنة، وفي فترة الصيف يزداد العدد بحيث يقترب من 170 طالب يسهر على تدريسهم معلمي القرآن الكريم واساتذة اخرون في السيرة والنحو وعلوم الدين، وقد تم مؤخرا فتح فرع لمحو الأمية بالاضافة الى فتح أقسام لدعم وتقوية تلاميذ المدرسة النظامية. وقد أجريت تعديلات على المدرسة القرانية حيث تم انجاز 07 غرف ومطعم وقاعة للمحاضرات من أجل فتح النظام النصف داخلي ثم النظام الداخلي بالمدرسة ابتداء من شهر سبتمبر المقبل. وفي تصريح السيد "قن أحمد" ل"الجلفة إنفو" أكد أنه اضافة لتحفيظ كتاب الله نسعى لإصلاح ذات البين ولم الشمل واطعام عابر السبيل. ليوجه الشيخ نداءه للمسؤولين وأهل البر والاحسان طالبا الدعم والعون المادي والمعنوي من أجل اكمال المسيرة والاستمرارية في تعليم وحفظ كتاب الله وتكوين جيل واعي مثقف ومحصن من كل الآفات التي أضرت كثيرا بالمجتمع.