أكد رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي، ضرورة العمل بجد من أجل وضع تنظيم جديد للإجراءات والتدابير اللازمة التي تساهم في إنجاح تطبيق المادة 188 من الدستور المعدل في العام 2016. وقال في السياق، «يجب أن نفخر بهذه المكاسب الدستورية الجديدة». فيما كشف وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، عن عرض مشروع قانون لتطبيق المادة التي تكرس آلية الدفع بعدم الدستورية في أجل أقصاه مارس من العام 2018. تحتضن الجزائر، منذ أمس، وعلى مدار أربعة أيام، أشغال الندوة الدولية الثانية لمؤتمر هيئات الرقابة الدستورية الإفريقية، والتي تتناول موضوع «لجوء الأفراد إلى القضاء الدستوري». تميزت الأشغال التي ترأسها رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي، بحضور رئيس المؤتمر قاضي قضاة جمهورية جنوب إفريقيا موغينغ موغو، ورئيس لجنة فينسيا جياني بوكيكيو، إلى جانب رئيس المجلس الدستوري الفرنسي لوران فابيوس. في كلمة افتتاحية ألقاها بالمناسبة، قال مدلسي «إن اعتماد آلية الرقابة الدستورية عن طريق الدفع، يقتضي الاستعانة بتجارب بعضنا البعض»، لاسيما وأن «طريقة تطبيقها قد تختلف، مع مراعاة خصوصية كل بلد. والندوة فرصة مواتية للوقوف على مدى التطورات التي شهدتها إفريقيا في تطبيقها للاستفادة منها». وبعدما أشار إلى أن هذه «التطورات تحمل في جوهرها ثقافة دستورية جديدة، لا تتغذى فقط من مساهمة الفاعلين السياسيين في المحاكم الدستورية، إنما تتغذى أيضا وبصفة خاصة، من المواطن المتقاضي»، نبّه الى أن «القضاء الدستوري لا يعد آلية قانونية فحسب، بل هو ثقافة»، ومن هذا المنطلق «ينبغي أن يكون في متناول الجميع... وينبغي أن نعمل نحن قضاة الدستور، على بذل الجهود من أجل ضمان تعميم ونشر الفقه الدستوري». ولم يفوت المناسبة ليشير، إلى أن «مسار الرقابة الدستورية في الجزائر قد تعزز بإدراج آلية الدفع بعدم الدستورية في الدستور الجزائري، الذي شهد تطورا ملحوظا بموجب تعديلات مارس عام 2016، التي باشرها رئيس الجمهورية». وخلص إلى القول، إن «الآلية مكسب هام للمواطن وديناميكية جديدة تساهم في تحقيق مزيد من التطورات في المجال الديمقراطي وبناء دولة القانون وضمان حقوق الإنسان، في قارتنا وفي باقي دول العالم». كما ذكر بأن المادة 188 من الدستور الجزائري تنص على أنه «يمكن إخطار المجلس الدستوري بالدفع بعدم الدستورية، بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة»، وهنا أضاف مدلسي يقول: «تبدو أهمية الهيئتين القضائيتين العليين، بحيث أن المؤسس الدستوري، بحكم هذه الصلاحية الجديدة التي خولها إياهما، يستهدف تعزيز ودعم مكانتهما في محال التنظيم الدستوري للسلطات»، مشيدا» بدورهما ومكانتهما في الصرح المؤسساتي للبلاد». من جهته، وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح ذكر في تصريح أدلى به على الهامش، بأن «الوزارة كلفت بتحضير مشروع القانون المتعلق بتطبيق المادة 188 من الدستور، وسجلت تقدما»، موضحا أنها تنقلت إلى دول أخرى للاستفادة من تجاربها، على أن يتم عرضه - بحسب ما أكد - على البرلمان في أجل أقصاه مارس من العام المقبل على البرلمان. ضرورة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى أكد الوزير لوح في السياق، أن آلية الدفع بعدم الدستورية مهمة جدا، نص عليها الدستور لأول مرة، وبالتالي ضرورة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، ومن أجل تجسيدها هناك عمل متعلق بالمحكمة العليا ومجلس الدولة، يحيلان الدفع من قبل المتقاضي للنظر في القضية والفصل بالدستورية من عدمها. وذكر بأنه تم توسيع الحق بعدم الدستورية إلى المواطن، بعدما كان مقتصرا في السابق على رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس الحكومة، وبات بإمكانه اللجوء إلى الآلية إذا رأى أن مادة قانونية تطبق في الحكم غير دستورية وأشار الى إعداد شروط مرتبطة بها. رئيس مؤتمر هيئات الرقابة الدستورية الإفريقية، حيّا في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة، انضمام تركيا كملاحظ وكذا مشاركة كل من المغرب والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. وحرص على تأكيد نجاح الجزائر في تطبيق آلية الدفع بعدم الدستورية، ورفع التحديات التي تواجهها، مشيرا إلى أخذ المؤسسات الدستورية بعين الاعتبار التحديات. وشدد على ضرورة أن يعمل كل من هو في سلك القضاء على تكريس الفصل بين السلطات، مؤكدا أن أهم معيار في السلطة القضائية يبقى الضمير، وعلى المتقاضين أن يكونوا في مستوى الدفع بعدم الدستورية، لافتا إلى أن الدستور أحد أهم التحديات لتمكين المواطن من اللجوء إلى هيئات المراقبة الدستورية وأنه حجر زاوية الديمقراطية والأمن والاستقرار. ونبّه رئيس لجنة فينسيا، إلى أن لجوء الأفراد إلى القضاء، أهم مؤشر على قدرة القوانين على حماية حقوق الإنسان والفرد من كل كل تجاوز بعد إقرار الجزائر للآلية، كما أشار إلى أن تطبيقها سيؤدي إلى تضاعف حجم العمل، ما يستدعي التحضير الجيد لتطبيقها.