الحوار فضاء لإرساء توافق حول أجندة بناءة في مواجهة التحديات المشتركة لودريان: الفضاء مخبر للأفكار... وكل اهتمامنا موجه للشباب أفاد وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، ان ترقية الحوار يرمي إلى القضاء على ظاهرة الإرهاب، الذي قد تفاقم تهديده بعودة ارهابيي تنظيم داعش، في إطار 5+5 ضرورة، مؤكدا أن الحزائر التي تتوسط محور أوروبا والمغرب العربي وافريقيا أبدت دائماً استعدادها التام لبناء فضاء سلم وتعايش وتعاون في غرب المتوسط، من جهته اعتبر نظيره الفرنسي جون إيف لودريان الحوار بمثابة مخبر أفكار وفضاء للتبادل الحر والتفكير سويا لإيجاد الحلول لكل التحديات المطروحة احتضنت الجزائر، أمس، أشغال الطبعة العاشرة اجتماع 5+5 الذي يضم وزراء خارجية الضفتين، وتميز بحضور وزراء دول تونس والمغرب وليبيا وموريتانيا، وعن الضفة الشمالية من المتوسط حضر وزراء فرنسا وإسبانيا ومالطا والبرتغال وإيطاليا، وتميز الاجتماع الذي تراسه الوزيران الجزائري عبد القادر مساهل ونظيره الفرنسي جون ايف لو دريان بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، بتناول موضوع “التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمشتركة والدائمة في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة”. وبعدما ذكر ان الجزائر تحتضن للمرة الثانية على التوالي، اجتماع وزراء خارجية الدول الحوار 5+5 بعد اجتماع أول عقد بعاصمة الغرب الجزائريوهران العام 2005، توقف الوزير مساهل عند “المسيرة المعتبرة التي قطعها الحوار منذ إنشائه كمنصة تبادل وتشاور تمكن منطقتنا من إرساء توافق، حول أجندة بناءة في مواجهة التحديات المشتركة في مجال الأمن والتنمية. وجزم وزير الشؤون الخارجية في السياق، بأن الحوار “حقق حصيلة قيمة منذ انطلاقته سنة 1990، من خلال توسعة مجالاته القطاعية ومواضيع التعاون فضلا عن انتظام لقاءاته، وهي الإنجازات التي شكلت مكسبا أضفى على حوارنا الوجاهة والفائدة”، وشدد على أهمية الموضوع الذي تناوله اجتماع الجزائر، حول التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، المشتركة والدائمة في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة”، معتبرا انه موضوع الساعة يتم التحاور حوله في سبيل إيجاد “مقاربة توافقية وبراغماتية للتعاون، لمصلحة واستقرار وأمن ورفاه جوارنا”. واستنادا إلى توضيحات ذات المسؤول، فان دول الحوار “تمتلك من العزيمة والارادة ما يمكنها من التصدي للتحديات التي تعرفها المنطقة، بينها الإشكاليات المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والشباب والشغل والهجرة والتنمية الشاملة، بالإضافة إلى قضايا الأمن والإرهاب والتطرف، فضلا عن النزاعات التي تشهدها المنطقة، وذلك من خلال العمل الجماعي، وبالاعتماد على التجارب الوطنية وعلى جهود المجموعة الدولية”. ولعل تسجيل “مقاربات تعاون جديدة، تدمج على نحو مضطرد مفهوم التصدي، الذي لا يقتصر فحسب على مكافحة الفقر والتهميش، ويتعداه لبعث أنشطة اقتصادية داعمة للشباب والمحافظة على البيئة، لدعم قدرات دول المنطقة، مبعث ارتياح وفق ما أكد مساهل، الذي نبه الى ضرورة دعمها على اعتبار أنها “تنسجم وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة”. وذكر في هذا الشأن، بالجهود الكبيرة التي بذلها رئيس الجمهورية من أجل “دعم دائم لشروط التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، التي تأخذ بعين الاعتبار أهداف التنمية المستدامة، والالتزامات الخاصة بالتغيرات المناخية التي نصت عليها اتفاقية باريس الدولية كوب 21”، كاشفا أن الجزائر عاكفة على وضع استراتيجيات وطنية ترمي إلى “توفير الشغل لفئة الشباب على وجه الخصوص. «ان حوض المتوسط الذي شكل على امتداد تاريخه منطقة انقسام”، يجب ان يتحول - استطرد مساهل - إلى “فضاء تعاون ورفاه مشترك ليستعيد دوره كبوتقة حضارية وثقافية وإنسانية، ثرية ومتعددة تمثل القاعدة التي نشيد على أساسها المجموعة المتوسطية ذات المصير المشترك والتي تخدم التبادل والتنقل بين الضفتين”. مقاربة مشتركة لمواجهة فعالة لتحدي الهجرة وخلص إلى القول “الحوار 5+5 يمثل الإطار الذي يسمح ببناء توافق حول المسعى الواجب اتباعه لمواجهة الهجرة، والذي يجب ان يأخذ شكل مقاربة متعددة الجوانب، متوازنة وتضامنية تتفق وشراكتنا الجهوية”، في وقت يفوق فيه حجم الهجرة الداخلية في إفريقيا الناجمة عن الأزمات والنزاعات، ما تشهده المنطقة المتوسطية، معطى جعل الجزائر تتحول من بلد عبور الى مقصد للمهاجرين الوافدين من دول الساحل. وبات “الاتفاق حول مقاربة مشتركة مبنية، على ترقية شراكة اقتصادية، وعلى التضامن وعلى احترام الكرامة الإنسانية، لمواجهة فعالة ودائمة التحدي المشترك ممثلا في الهجرة”، ضرورة خاصة وان المنطقة تواجه الظاهرة التي تعد - حسبه - “بالأساس مسالة إنسانية تقتضي مقاربة شاملة، تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الأمنية للتصدي لشبكات الإجرام المرتبطة بالمتاجرة بالبشر”، والأبعاد التنموية للقضاء على الأسباب الاقتصادية والاجتماعية”، وذلك “فضلا عن احترام الكرامة الإنسانية طبقا لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية والجهوية ذات الصلة”. في سياق مغاير، ولدى تناوله ظاهرة الإرهاب، ذكر بمعاناة المنطقة من الإرهاب الذي انعكست “إفرازاته على مجتمعاتنا وعلى اقتصادياتنا وعلى تنمية بلداننا”، مشيرا إلى انه “يتغذى من الجريمة المنظمة العابرة للحدود المتعلقة بالاتجار بالبشر والمخدرات وجمع الفدية، ولمواجهة التهديد اعتمدت الجزائر والعديد من شركائها “آليات رسمية للحوار والتعاون كللت بنتائج مشجعة”، عززتها الجزائر بتطوير إستراتيجية لمكافحة التطرف، تضعها اليوم تحت تصرف دول المنطقة والمجموعة الدولية. لابد من دعم مبعوثي الأممالمتحدة في ليبيا وسوريا ودعم مسار مالي ولدى تطرقه الى الوضع في ليبيا، حرص الوزير مساهل على التذكير بان هذا “البلد الشقيق والجار والعضو المؤسس لحوار 5+5، يستدعي دعمنا النشط والبناء لتحقيق أجندة واحدة تكمن في الحل السياسي الشامل والعاجل، ترعاه الأممالمتحدة بعيد عن كل تدخل أجنبي”، حل - أضاف يقول -”يهدف الى الحفاظ على وحدة البلاد وسلامتها الترابية، ويحقق المصالحة الوطنية”. ومن هذا المنطلق، يتعين وفق ما اكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية “ان نجدد دعمنا للممثل الخاص للأمين العام الاممالمتحدة بليبيا غسان سلامة، في جهوده الرامية الى وضع حد لهذه الأزمة، من خلال خطة العمل حول الانتقال السياسي، وإعادة بعث عجلة الاقتصاد الوطني”. ولم يفوت المناسبة، ليذكر أن “الحل للوضع الذي عرفه مالي، والذي يعتبر ثمرة الوساطة الدولية التي تقودها بلادي، تكريسا لاتفاق الأمن والمصالحة الذي توج مسار الجزائر”، يستحق وفق ما ما اكد “مزيدا من الدعم”. ولدى توقفه عند القضية الفلسطينية اقر الوزير مساهل بان “استمرار انسداد العملية السلمية، والذي ضاعف حدته القرار الأمريكي حول القدس الشريف”، يمثل “عائقا جديا أمام إمكانية تحقيق استقرار دائم والأمن والسلم في المنطقة”، مفيدا في سياق موصول انه “يتعين على حوارها ان يجدد دعمه لاحترام القرارات الأممية ذات الصلة، وللدعوة الى الوقف الفوري لضم الأراضي المحتلة وانتهاكات حقوق الإنسان، واستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة”. وفيما يخص الأزمة السورية، شدد على ضرورة “ان تسود نفس المقاربة للحل السياسي لإنهاء المعاناة، التي يواجهها الشعب السوري الشقيق”، كما اكد ضرورة دعم جهود الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي مستورا، وأشاد في سياق آخر “بالمكتسبات التي حققتها الحكومة العراقية في حربها على الإرهاب، والتي تكللت بالانتصار على تنظيم داعش”. من جهته، اكد وزير الخارجية الفرنسي، الذي ترأس اشغال الاجتماع مناصفة مع نظيره الجزائري، ان الحوار 5+5 بمثابة “منبر نتمسك به جميعا”، مفيدا في السياق ان “طابعه غير الرسمي يسمح لنا بالخوض في أمهات القضايا، ومختلف المواضيع من خلال تبادل حر، وكذا التفكير سويا في حلول عملية وملموسة، للتحديات المطروحة والتي تواجهها بلداننا”. وبرأي لودريان، فإن الحوار “مخبر أفكار، يمكن من تعزيز التعاون بين دول ضفتي المتوسط”، مذكرا باللقاءات القطاعية التي تجمع وزراء الدفاع والثقافة”، وذلك على خلفية الرهانات المشتركة ممثلة أساسا في قضايا الأمن والهجرة وذات الطابع الاقتصادي. وبعدما أكد تمسك بلاده بفضاء الحوار، أكد رغبة فرنسا في اقتراح مقاربة جديدة تخص “انسجام وتهيئة الإقليم”، وجدد التأكيد بان غرب المتوسط بمثابة تقاطع الطرق وفضاء مشترك للحضارات والمستقبل، نواجه من خلاله تحديات مشتركة وجوهرية، ورهانات ابرزها الأمن والمناخ والهجرة، وكذا التكوين والتطوير الاقتصادي. وبالمناسبة، اكد الأهمية التي توليها دول المنطقة لمخاطبة الشباب، الذين يواجهون هاجس البطالة في ضفتي المتوسط، مشددا على ضرورة ان يكون ولوجهم عالم الشغل مركز اهتمامهم في اللقاء، لافتا الى ان مصير الدول مشترك والحوار سيكون له دور حاسم .