سّجل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة اليوم السبت عزم الجزائر على مواصلة مسار ترقية المرأة في المجال السياسي و التنموي, مؤكدا أن هذا المسعى يندرج في صلب التعديل الدستوري الأخير الذي أقر مسؤولية الدولة في هذا الاتجاه. و في رسالة له إلى المشاركين في الندوة الدولية لترقية المشاركة السياسية للمرأة, قرأها نيابة عنه وزير العدل, حافظ الأختام الطيب لوح, شدد رئيس الجمهورية على أنه "رغم كل الخطوات التي قطعتها الجزائر في مجال ترقية دور المرأة في السياسة والتنمية, تبقى بلادي عازمة على المزيد من التقدم في هذا الميدان, وتلكم هي الرسالة التي حملها التعديل الدستوري الأخير عندما أقر مسؤولية الدولة في ترقية المساواة في مجال الشغل, وكذا ترقية مكانة المرأة في تقلد المسؤوليات على جميع الصعد". كما توقف الرئيس بوتفليقة عند "العراقيل" و "الثقل" الذي يشوب ذهنيات بعض الأطياف في المجتمع, فيما يتعلق بترقية فعلية لمكانة المرأة ومساهمتها في حياتنا الجماعية. و في هذا السياق, عاد رئيس الجمهورية لاستعراض مختلف المراحل التي مر بها مسار ترقية المرأة في الجزائر, حيث "كان لحتميات التاريخ أن تقلص في المسار الزمني لاكتساب المرأة الجزائرية حقوقها السياسية و الاجتماعية بالمقارنة مع ما عرفته النساء في أقطار وقارات أخرى", حيث كان على الجزائرية التي عانت وحشية الاحتلال و بشاعة الاستعمار أن تكون "طرفا كاملا" في ثورة نوفمبر المجيدة و النضال السياسي و العمل الوقائي و الاجتماعي و طرفا كذلك في حمل السلاح في التضحية من أجل كسر شوكة الاستعمار, يقول الرئيس بوتفليقة. و قد جعل هذا المسار التاريخي من الجزائر التي كافحت من أجل الحقوق والحرية ومن الجزائريات المشاركات في هذه الملحمة التاريخية, "أطرافا سعت بعزم وبمثابرة في ترقية مكانة المرأة في المجتمع", لتسعى الدولة الجزائرية في هذا الإطار ومنذ استقلالها إلى "القيام بدور فعّال على الصعيد الدولي في الحركة العالمية من أجل ترقية مكانة وحقوق المرأة, وذلك دائما مع الحرص والحفاظ على قيمنا الروحية والحضارية". و نفس الأمر بالنسبة للجهود التي بذلتها الدولة على الصعيد الداخلي, حيث حرصت "على تكريس الحقوق السياسية للمرأة", بدء من الحق في التصويت و وصولا عند الحق في التمثيل في جميع المجالات, و هذا على الرغم من وجود بعض العراقيل الذهنية التي "تطلبت اتخاذ إجراءات دستورية و قانونية, جعلت من المرأة الجزائرية في العقود الأخيرة طرفا موجودا في صرحنا البرلماني, وفي هيئاتنا المنتخبة محليا بمستوى ريادي في عالمنا العربي", يضيف رئيس الدولة. أما اقتصاديا, فقد أسّس التشريع الجزائري لمبدأ المساواة في الأجور بين المرأة والرجل منذ السنة الأولى للاستقلال, يّذّكر رئيس الجمهورية الذي تابع مشيرا إلى المساهمة "الفعالة" للمرأة في مسار البناء والتشييد طيلة عقود من الاستقلال. و قد انعكس حرص الدولة على ترقية المرأة, من خلال المؤشرات التي يتوفر عليها عالم الشغل, حيث أصبحت المرأة تشكل النسبة الأكبر في بعض المهن ذات البعد الاجتماعي كالتدريس والصحة, و مهن سيادية مثل سلك القضاء, فضلا عن تدرجها -السنة بعد الأخرى- في صفوف الجيش الوطني الشعبي وأسلاك الجمهورية, يضاف إلى كل ذلك التطور الذي شهدته المرأة في المجال التنموي حيث أضحت اليوم "طرفا فعالا" في القطاع الاقتصادي و التنمية الريفية. كما لفت الرئيس بوتفليقة إلى أن المرأة الجزائرية بقيت طيلة هذا المسار, "درعا صلبا كلما نادى الوطن أبناءه وبناته لحمايته من المخاطر ومواجهة التحديات", حيث وقفت "صامدة ومستعدة للتضحية الجسيمة لإنقاذ الدولة, واستمرار سيرها مع دفع قوافل من الشهيدات في مختلف الأسلاك المهنية", حين واجهت الجزائر في عزلة تامة ويلات الإرهاب الهمجي, لتقف بعدها "في الصف الأول المقبل على خيار المصالحة الوطنية وتفضيل مصلحة الجزائر على جراحهن وعلى كل ما عانته عائلاتهن".