يعيش الإنتاج الوطني في مختلف المجالات مفارقات كبيرة جعلت المستهلك الجزائري يتساءل عن سر غيابه عن طوابير واجهات المحلات والمساحات التجارية الكبرى حيث أجمع زوار معرض الإنتاج الوطني الذين التقت بهم «الشعب» عن إعجابهم بما ينتج محليا خاصة بعد أن جربوا السلع الآسيوية وخاصة الصينية التي لم تعد تغري الجزائريين كثيرا في ظل سرعة تلفها فعامل السعر تراجع كثيرا في تحديد اختيار ما يحتاجه المستهلك الذي بات يبحث أكثر عن النوعية ولو بمقابل باهض. كما لمسنا لدى مختلف المتعاملين الاقتصاديين الوطنيين رغبة كبيرة في ولوج عالم التصدير بعد أن تأقلموا مع التحولات الاقتصادية العالمية لدخول الأسواق الأوروبية والإفريقية وحتى العربية ومنه المساهمة في بناء اقتصاد خارج المحروقات. ويبقى الإشهار ونقص الاتصال على مستوى مختلف المؤسسات الوطنية الخاصة والعمومية من أهم العراقيل التي تحول دون استغلال الجانب الإعلامي للتعريف بمنتجاتها وآفاق تطوير خططها للحصول على أسواق ومستهلكين جدد حيث اصطدمنا بالمعرض عن غياب المكلفين بالتسويق والاتصال على مستوى العديد من الشركات في المعرض من أجل استقاء المعلومات والأدهى أن بعض المتواجدين من ممثلي الشركات تخوفوا من الإدلاء بتصريحات وأكدوا لنا عن معاقبتهم إذا حصل ذلك ليعكس الأمر الذهنيات المتحجرة التي لازالت سائدة في مؤسساتنا التي تبقى رهينة أفراد يعتقدون أن بزوالهم ستزول تلك الشركات. المنتوجات الكهرومنزلية تبحث عن الأسواق الأوروبية والإفريقية والعربية قطعت الصناعات الكهرومنزلية والالكترونية شوطا كبيرا من التطور في بلادنا حيث يلاحظ الزائر لمعرض الإنتاج الوطني المنافسة الكبيرة بين مختلف المتعاملين لجذب أكبر قدر ممكن من الزوار وإقناعهم بالنوعية والجودة التي تعتمد عليها كل مؤسسة. وكشف بوعلام بزطوط المسؤول التجاري بشركة كريستور وريثة شركة «فيليبس» عن تمكن الشركة من التصدير لعديد دول أوروبا الشرقية وحتى تونس والمغرب واسبانيا أين عرف منتوجنا إقبالا كبيرا وهو ما جعل العروض تصلنا حتى من بلجيكا للاستفادة من منتجاتنا. وشرع مصنع الثلاجات الجديد المنشأ مؤخرا ببرج بوعريريج في الإنتاج حيث تصل نسبة المنشأ في بلادنا إلى 80 بالمائة ويبقى الوصول إلى 100 بالمائة أملنا حيث ننتج حاليا 4 أنواع جديدة ويعود الاهتمام الأوروبي بالنظر لنوعية المنتوج والأسعار المناسبة بالمقارنة مع المنتجات الآسيوية التي باتت تكاليف الإنتاج فيها غالية نوعا ما كما أن تمويل السوق الأوروبي يتم بسرعة فائقة. ويأتي اهتمام «كريستور» بالتصدير بعد تغطيتها للسوق الوطنية من خلال تواجدها في 48 ولاية وتوفيرها ل 165 وحدة خدمات ما بعد البيع ولم يخف محدثنا اهتمام العديد من الدول الإفريقية بالمنتجات الوطنية حيث كان للمشاركة في معرض تمنراست أثرا ايجابيا في استقطاب زوار أفارقة جدد وهو ما سيفتح لنا مستقبلا الأبواب واسعة لتصدير المنتجات الوطنية إلى الخارج. وتعمل شركات «كوندور» و«ستار لايت» و«كوبرا» والشركة الوطنية للصناعات الكهرومنزلية «أونيام» الناشطة في نفس المجال العمل على التأقلم مع التحولات التكنولوجية والتقنية العالية المستوى للحفاظ على زبائنها وعلى مكانتها في السوق لأن المنافسة شرسة وأي تخلف عن التكنولوجية قد يفتح المجال. وعبر مواطنون جزائريون زاروا معرض الإنتاج الوطني عن إعجابهم بما يرونه في المعارض من منتجات وطنية غير أن تساؤلهم كان واحدا لماذا تغيب المنتجات الوطنية بعيدا عن المعارض فمثلا المنتوجات النسيجية التي عرضت منتجات ذات نوعية تعاني من نقص الترويج خارج المعارض فكراء مقرات بقلب العاصمة يكلف الكثير من المال وبما أن المؤسسات الوطنية الناشطة في النسيج تعاني من الديون وغلاء المواد الأولية ارتفاع تكاليف الإنتاج وهو ما يجعلنا نتواجد في كل مناطق الوطن كما أن ضعف الميزانيات والعائدات لا تسمح بتخصيص جزء للقيام بالإشهار للمنتجات الوطنية. وكشف «ج.ح» موظف في مديرية السكن أن المنتوج الوطني تطور كثيرا مؤكدا بأنه اقتنى ثلاجة محلية الصنع وتسير بشكل جيد موضحا بأنه بات يقتني المنتوجات الوطنية ذات النوعية بعد أن سئم من المنتجات المستوردة الرديئة النوعية حيث بتنا نشتري أشياء رخيصة الثمن وسريعة التلف فنخسر أكثر من اقتنائنا لمنتوج جيد بنوعية جيدة. وعبرت السيدة «ك.ر» (58 سنة) ربة بيت عن إعجابها بالمنتجات الوطنية خاصة الكهرومنزلية فالشراكة التي أبرمتها الجزائر جعلتها تستفيد من خبرات كثيرة طورت بها منتجاتها وجعلتها تضاهي المنتجات المستوردة وأحسن بينما أكدت على غياب الترويج للمنتجات الوطنية التي نكاد لا نعثر عليها في المتاجر والمحلات. وعليه فمصاريف الإشهار للمؤسسات الاقتصادية التي فاقت 14 مليارا في وسائل الإعلام وجزء كبير منها للأجانب يؤكد غياب سياسة وطنية للتعريف بالمنتجات الوطنية التي تبقى رهينة الأساليب التسييرية القديمة.