تركزت أول ندوة بادر بها مركز ''أمل الأمة للبحوث'' والدراسات الاستراتيجية الذي يعزز ميلاده هيآت البحث حول موضوع ''قراءة في الأزمة العالمية من خلال فكر مالك بن نبي'' ويأتي انعقاد الندوة التي احتضنتها جريدة «الشعب» تزامنا مع تخليد الذكرى ال 37 لرحيل المفكر الجزائري وكذا إعلان المركز الجديد. ونشط ندوة مركز أمل الأمة للبحوث والدراسات الاستراتيجية كل من الدكتور طيب ياسين الذي تناول بالتحليل الجانب المتعلق بأسباب الأزمة المالية العالمية وكذا الأستاذ بشير مصيطفى الذي قام من جهته بقراءة اقتصادية في فكر بن نبي، ومن خلال النقاش حاول المشاركون إبراز الوجه الحقيقي للأزمة المالية العالمية وتقريب فكر مالك بن نبي الاقتصادي للجيل الجديد من المثقفين وتفكيك إشكالية الأزمات الاقتصادية المعاصرة من خلال رؤية مالك بن نبي والمساهمة في بعث الجو الثقافي والفكري الراقي بالجزائر. وأسهب الدكتور طيب ياسين من جامعة دالي إبراهيم في تناول الأزمة العالمية، حيث ذكر بأن التقارير الاقتصادية صنفتها في خانة أعنف الأزمات بعد أزمة الكساد العالمي لسنة 1929 واعتبرتها بمثابة الزلزال الاقتصادي الذي ضرب أمريكا في الصميم ثم انتقلت إلى باقي الدول لاسيما منها المتقدمة التي يتفاعل اقتصادها مع بعضها ومع الاقتصاد الأمريكي. وبعدما أكد بأن السياسة المعتمدة لم تنجح في التقليل من آثارها التي ظهرت جليا في أمريكا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا إلى درجة أن بعض الصناعات القاعدية أصبحت تبحث عن مساعدات لمواجهة انهيار وشيك، مثلما هو الشأن بالنسبة للشركة الأمريكية لصناعة السيارات. وبالنسبة للجزائر، فإن ضعف اندماجها في الاقتصاد العالمي جعلها عرضة لآثار الأزمة المالية العالمية بطريقة غير مباشرة، ولم يفوت ذات المتحدث الفرصة للتعريف بالأزمة الاقتصادية التي تترتب عن انقطاع مفاجئ في مسيرة المنظومة الاقتصادية وعن تناقض بين قيم التبادل والطبقات الاجتماعية في حين تعريفها أبسط في القطاع المالي، حيث تحدث بسبب اضطراب حاد ومفاجئ لبعض التوازنات الاقتصادية متبوع بانهيار في بعض المؤسسات المالية. واعتبر أسباب الأزمة الأمريكية نظمية بدرجة أولى باعتبارها مرتبطة بالنظام الاقتصادي الرأسمالي وهو بطبيعته غير مستقر، كما أنه يحمل في طياته تناقضاته وبذور فنائه، وهو ما أشار إليه مالك بن نبي، وفي سياق تحليله قال طيب ياسين بأن الدول المتخلفة باتت لدى مفكريها ورجال السياسة قناعة بأنه ليس لديها مخرج إلا الاندماج، متسائلا عن صحة هذا الطرح وعلاوة على الأسباب النظمية، ذكر دكتور جامعة الجزائر وجود أسباب أخرى اختصرها في الخطأ البشري وبمعنى أوضح الأخطاء التي يرتكبها المسؤولون الاقتصاديين، وتساءل عن الأزمة عما إذا كانت مقصودة وهو طرح الأوساط الجامعية التي أكدت بأنها مفتعلة وليست خطأ أمريكيا للحصول على الودائع والفوائد العربية كما نفى في سياق متصل أن تكون أزمة مفاجئة، مؤكدا بأنها متوقفة ونتيجة حتمية لتصورات خاطئة لدى الساسة الأمريكيين. ولعل أبرز النتائج والعبر التي أخذتها الدول منها الجزائر تأكيد دور الدولة وضرورة عودتها وعدم انسحابها في المجال الاقتصادي وأهمية القيام باستثمارات لتعويض النقص في الطلب الكلي من خلال توجيه الإنفاق العام للبنى الأساسية، أما على صعيد النظام المالي العالمي، فاقترح إعادة النظر في الأسواق وفي دور الشركات المتعددة الجنسيات التي اتهمتها بالسطو على سلطة الدولة في حد ذاتها بعدما غيبت واستبعدت الدولة وباتت تملي سياستها. وفي تعقيب له نبه الأستاذ قسوم إلى أن الواقع المحلي يتميز بالمعاناة منها معاناة اقتصاد السوق، موضحا بأننا نعيش إسلام السوق الذي دخل السوق شكلا وليس مضمونا، كون المبادئ والقيم الاسلامية غائبة، كما أنه يشوه اقتصاد الاسلام الذي بات شخصي مفلس أم أنه إسلام سوق بنكي عبارة عن موضة اسلامية. من جهته، فضل أحمد بن بيتور، رئيس حكومة أسبق التأكيد على أن الأزمة المالية العالمية ذات بعدين الأول يتعلق بالسلوك لم يسهب فيه، أما الثاني فيخص التحول التكنولوجي الذي يفرض تغير الاقتصاد في كل مرة، ومن هذا المنطلق أوضح بأن الأزمة مست القطاع المالي دون غيره على إعتبار أنه متخصص في تحويل الأرقام والحروف والتكنولوجيا الجديدة هي تكنولوجية الاتصالات والإعلام الآلي.