ضرورة كتابة التاريخ الوطني بأقلام نزيهة وموضوعية أكد باحثون وأساتذة في التاريخ، أن الثورة بدأت من مجازر 8 ماي 1945، وأن هذه الأخيرة تبقى وصمة عار في جبين الحضارة الغربية بشهادة أبناء جلدتها، مبرزين أهمية الذاكرة في كتابة التاريخ الوطني الذي ينبغي أن يكتب بأقلام جزائرية نزيهة وبموضوعية، بعيدا عن الشتم وتزييف الحقائق. أبرز عميد كلية العلوم الإنسانية بجامعة الجزائر 02 الأستاذ عبد العزيز بوكنة، في مداخلة خلال الندوة التاريخية التي نظمها مخبر الوحدة المغاربية عبر التاريخ ، حول مجازر 8 ماي 1945، أهمية موضوع الذاكرة في كتابة التاريخ الوطني، الذي ينبغي أن يكتب على مستوى الجامعة حاضنة البحث العلمي، قائلا أن التاريخ لا يكتبه إلا أبناء الوطن المخلصون، وحسب الأستاذ بوكنة فإن الوقت حان لكتابة التاريخ الوطني منذ القديم إلى الحاضر، مضيفا أن العمل شاق، وهو دين على كل الأجيال. ووصف عميد كلية العلوم الإنسانية، مجازر الثامن ماي بالإبادة الجماعية وهي تبقى وصمة عار في جبين الحضارة الغربية، كما قال المؤرخ الفرنسي شارل أندري جوليان، مشيرا إلى أن هذه المجازر هي المنطلق للثورة التحريرية، منها انبثق مناضلون مخلصون مثل الشهيد محمد بوقرة الذي ينتمي إلى جيل عايش هذه الجريمة الدموية التي إرتكبها الجيش الفرنسي في حق الشعب الجزائري المسلم بكل من خراطة، سطيف وقالمة. من جهته، أوضح رئيس قسم التاريخ أولاد سيدي الشيخ أن مجازر 8 ماي 1945 الوحشية ومنقطعة توجت تلك التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي منذ 1830 إلى 1962، مؤكدا أنه منذ دخول الظاهرة الاستعمارية، أضحت الأقطار العربية مسرحا للمجازر، مثمنا ما يقوم به مخبر الوحدة المغاربية في التعريف برموز الثورة والمحطات التاريخية، من خلال تنظيم هذه الندوات. كما أعاب الدكتور والباحث دحمان نجار من جامعة باتنة، على أولئك الذين يشتمون رموز الحركة الوطنية الذين كانوا أول من طالب بالاستقلال في إشارة إلى الزعيم مصالي الحاج، قائلا:» نريد الموضوعية في كتابة تاريخنا المؤلم بكل ايجابياته وسلبياته، لا أؤمن بالوصاية السياسية، المحيط الدولي يداهمنا لبناء دولتنا»، مضيفا أنه يدافع عن فكرة المؤرخ محمد حربي القائل أن الثورة بدأت من مجازر الثامن ماي 1945. في هذا السياق، أوضح الأستاذ نجار أن أحداث 8 ماي 1945 بدأت يوم 1 ماي، في ذلك اليوم ذهب محمد بلوزداد إلى الشرق تحت اسم مستعار «مسعود»، وعاش هناك متنكرا وهو من أعاد التنظيم في الشرق الجزائري في سرية تامة، وحسب شهادة نائبه الفقيد المجاهد محمد عصامي مسؤول التسليح التي سجلت من طرف المتحدث فإن عصامي واصل العمل مع علي محساس بعد وفاة محمد بلوزداد، مشيرا إلى أن هناك تواصل بين مجازر 8 ماي وأزمة حزب الشعب. بالمقابل، استعرض المجاهد رابح مشحود الذي كان يلقب بمحمود عبد الستار بعض الأحداث التاريخية التي طبعت مدينة سكيكدة في تلك الفترة، والإجراءات التعسفية التي تعرض لها السكان، قائلا أن المدينة أستبيحت سنة 1943 من طرف الفرقة الإفريقية وقتل المئات من الجزائريين، ولأول مرة تخرج المرأة الجزائرية وراء الجنائز وتهتف:« على دين محمد»، مشيرا إلى أن قيادة الثورة طلبت منهم بطرق سرية للتوجه نحو الحروش وسكيكيدة، لكن لم تخبرهم بأنه سيرون العلم الجزائري الذي رفعه أحد المناضلين وهو فخور بذلك. واختتم المجاهد مشحود شهادته، بتوجيه رسالة إلى الأجيال بأن يكونوا رجالا مثل أجدادهم الشهداء، ويحافظوا على الجزائر قائلا:« بفضل الشهداء والمجاهدين المخلصين هزمنا أكبر قوة استعمارية، خونة اليوم أخطر من الماضي، الجزائر في حرب قاسية مريرة عليكم بالدفاع عنها مثل أبائكم وأجدادكم».