أكد رئيس الجمعية الوطنية لكبار معطوبي حرب التحرير الوطني، السيد العربي بن صافية، أمس، أن مظاهرات 11ديسمبر 1960 ليست تاريخا للتذكر والترحم والأسى فحسب، بل مرجعا لمراجعة الحسابات ورؤية الحقيقة الجلية وتحضير الجواب. وقال أن فرنسا التي كانت تتفاخر وتدعي بأنها واحة حقوق الإنسان في تلك الفترة كانت قوة للشر، حيث أخفت في سياستها صمت المقابر ليدرك الشعب بعدها انه لابد من استعمال البندقية لتحرير الوطن. و اعتبر ذات المتحدث في ندوة تاريخية بفندق دار الدياف بالعاصمة، أن إحياء الذكرى ال50 لمظاهرات11ديسمبر 1960، يعد منعطفا ومحطة من محطات الجزائر المعاصرة ولحظة من التاريخ لن يغيرها الزمن مهما تقادم ولن تعتم عليها مواقف وتصريحات بقايا فكر استعماري مريض، مضيفا في ذات الوقت بأنها ذكرى الباب الواسع الذي دخل منه الشعب الجزائري إلى الحرية والاستقلال. وأضاف العربي أن هذه الذكرى شكلت إحدى الحلقات الأكثر دموية في مسيرة الكفاح الطويلة والمعاناة التي عاشها الشعب الجزائري من أول يوم للاحتلال إلى غاية تحقيق النصر، وكانت من المحطات التاريخية التي سرعت في مفاوضات إيفيان. وتطرق المحاضرون من خلال هذه الندوة التي عرفت مشاركة جمع من المجاهدين كبار المعطوبين وشخصيات تاريخية لهذه المحطة الجد هامة من تاريخ ثورتنا المجيدة، بعد خروج الجزائريون في مظاهرة سلمية للتأكيد على مبدأ تقرير مصير الشعب الجزائري ضد سياسة ديغول الرامية إلى الإبقاء على «الجزائر فرنسية» وضد موقف المعمرين الفرنسيين الذين كانوا يحلمون بهذه الفكرة. وأكد المجاهدون أن جبهة التحرير الوطني تصدت لسياسة ديغول والمعمرين معا، حيث ارتكز ديغول على الفرنسيين الجزائريين لمساندة سياسته والخروج في مظاهرات واستقباله في عين تموشنت يوم 9 ديسمبر، وفرض الأمر على الجزائريين للرد على سياسة ديغول. ولم تكن جبهة التحرير الوطني محايدة بل دخلت في حلبة الصراع بقوة شعبية هائلة رافعة شعار «الجزائر مسلمة مستقلة» بديلا لشعار ديغول الجزائر فرنسية. وقد جاء زحف المظاهرات الشعبية بقيادة جبهة التحرير الوطني يوم 11 ديسمبر ليعبر عن وحدة الوطن والتفاف الشعب حول الثورة مطالبين بالاستقلال التام، حيث خرجت مختلف الشرائح في تجمعات شعبية في الساحات العامة عبر كل المدن الجزائرية لاسيما بالعاصمة، وكانت الشعارات متحدة كلها حول رفع العلم الوطني وجبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقتة ودامت المظاهرات أكثر من أسبوع. وذكر المتحدثون انه مع دخول القوات الاستعمارية في عمق الأحياء الشعبية سقطت العديد من الأرواح الجزائرية، غير أنها لم تمنع خروج المتظاهرين إلى الشوارع في اليوم الموالي هاتفين بالاستقلال. أما على المستوى الدولي فقد برهنت المظاهرات الشعبية ل 11 ديسمبر على مساندة مطلقة لجبهة التحرير الوطني، واقتنعت هيئة الأممالمتحدة بإدراج ملف القضية الجزائرية في جدول أعمالها وصوتت اللجنة السياسة للجمعية العامة لصالح القضية الجزائرية ورفضت المبررات الفرنسية الداعية إلى تضليل الرأي العام العالمي. وساعدت المظاهرات حسب المتدخلين، على اتساع دائرة التضامن مع الشعب الجزائري عبر العالم خاصة في العالم العربي وحتى في فرنسا نفسها، وخرجت الجماهير الشعبية في مظاهرت تأييد، كان لها تأثير على شعوب العالم ودخلت فرنسا في نفق من الصراعات الداخلية وتعرضت إلى عزلة دولية بضغط من الشعوب، الأمر الذي اجبر ديغول على الدخول في مفاوضات مع جبهة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري، وهو الأمل الوحيد لإنقاذ فرنسا من الانهيار الكلي. وعرج المتدخلون في الندوة إلى خطاب الرئيس فرحات عباس يوم 16 ديسمبر 1960 لما حققته جبهة التحرير من انتصار سياسي واضح، جاء في شكل نداء أشاد فيه ببسالة الشعب وتمسكه بالاستقلال الوطني وإفشاله للسياسة الاستعمارية والجرائم المرتكبة ضد المدنيين العزل من الجزائريين.