خلفت أعمال الشغب التي عاشتها مختلف ولايات الوطن بداية العام الجاري خسائر مادية كبيرة بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية العمومية والخاصة وحتى الخواص لم يسلموا من التأثيرات السلبية جراء فقدانهم لسياراتهم والعديد من ممتلكاتهم، وبعد استباب الأمور طفا للسطح مشكل التعويضات والتأمينات الذي يطالب به المتضررين بالرغم من عدم تأمين أنفسهم من قبل وهو ما يطرح العقلية الريعية التي انتشرت في أوساط المتعاملين الاقتصاديين الذين ألفوا التهرب الضريبي وعدم تأمين أنفسهم لتجد الدولة في كل مرة نفسها مطالبة بدفع التعويضات غير أن قضية التأمين يجب أن تكون أولوية مستقبلا من خلال اتخاذ اجراءات تجبرهم عل تامين أنفسهم لتفادي الانسداد بعد الكوارث وأعمال الشغب. تفتقد الساحة الاقتصادية في الجزائر لثقافة التأمين على المنشآت من أخطار الكوارث واعمال الشغب وبالرغم من التبعات المالية الكبيرة للتعويضات التي تحملتها الدولة في فيضانات باب الوادي في نوفمبر 2001 وزلزال بومرداس في مايو 2003 وفيضانات أكتوبر 2008 بغرداية وهي المحطات التي لم تشفع لتغيير الذهنيات التي لازالت دائما تنتظر ما تجود به السلطات من تعويضات. ويحدث هذا في ظل تطور سوق التأمينات ببلادنا واستفادتها من قانون جديد رفع رأسمالها وشجع على توسيع السوق لتشجيع المنافسة وتقديم أحسن خدمات للمواطن والمتعاملين الاقتصاديين غير أن وكالات التأمين لم تتغير هي كذلك وبقيت منغلقة على نفسها وتعتمد بيروقراطية قاتلة في مباشرة اجراءات التعويض فكم من متضرر مؤمن لم يستفد من التعويضات بالرغم من مرور أكثر من سنتين على ما تعرضوا له من حوادث خاصة بتعويضات لا تتجاوز 100 ألف دينار فماذا لو كان الأمر متعلقا بتعويضات تتجاوز المليار سنتيم فصاحب التأمين سيجد نفسه مضطرا للحصول على مستحقاته لفترة تتجاوز 10 سنوات. وتفرض التحولات الاقتصادية الجارية أهمية فرض التأمين على جميع المخاطر تفاديا لتكبيد خزينة الدولة المزيد من الخسائر في ظل زيادة الأعباء والمصاريف والاستثمارات العمومية مع تراجع القطاع الخاص وعقلية الاتكالية التي خلقت جوا اقتصاديا وخدماتيا بيروقراطيا حيث تجتهد مؤسسات التأمين في جمع الأموال وعند التعويض تتماطل وهو ما يجب أن يكون هناك عقدا بين وكالات التأمين والزبائن يحدد الحقوق، الواجبات وحتى العقوبات في حالة التماطل ورفض تسديد مستحقات المؤمنين.