يؤاخذ الكثير من المراقبين السياسيين الصين على غياب دورها في حل بعض الملفات والأزمات التي تهز العالم ويلومها البعض لتمسكها الدائم بسياسة الحياد التي تتبناها منذ أكثر من نصف قرن ويعتقدون بأن عهد الحياد قد ولى وعلى الصين وقد أصبحت ثاني قوة اقتصادية عالمية وتتمتع بحق النقض في مجلس الأمن أن تخرج من قوقعتها وتقتحم الساحة الدولية وتفرض رأيها الحكيم والمتوازن لفرض حل عادل ونهائي لمختلف القضايا العالمية. كما يسجل البعض بأن الصين ومن خلال هذه السياسة الحياد تُخيّب آمال العالم النامي التي مازالت تنتمي إليه لأنه إنتظر منها في الكثير من المحن التدخل ورفع الفيتو على الأقل لوقف المظالم الأمريكية والصهيونية دون جدوى، لكن السفير الصيني بالجزائر السيد «ليويوهي» حاول خلال الندوة التي نظمتها جريدة «الشعب» أمس، تصحيح هذه الأحكام والاعتقادات، مؤكدا بأن بلاده تتمسك بشدة بلعب دور ايجابي وبناء للحفاظ على السلم العالمي، وهي لا تتردد في التشاور مع مختلف الدول وفي استعمال الفيتو إذا اقتضت الضرورة احقاقا للحق وسعيا لتحقيق الانفراج وتفكيك الأزمات وحلحلتها. وضرب سعادة السفير مثالا بالحرب التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة في ديسمبر عام 2008، إذ سارعت الصين إلى استعمال حق النقض معلنة معارضتها لتقتيل الشعب الفلسطيني، مرافعة من أجل مواصلة عملية السلام والمفاوضات لإيجاد حل عادل ونهائي ينصف الشعب الفلسطيني ويقودهم إلى بناء دولتهم كاملة السيادة. كما استشهد بالموقف الصيني من الأزمة النووية الإيرانية، وقال بأن بلاده من أشد المدافعين عن حق الشعب الايراني في امتلاك النووي لأغراض سلمية ومن أكبر الرافضين للخيار العسكري لحل هذه الأزمة، وبالمقابل هي من المؤيدين والمشجعين للمبادرات السلمية ولمهمة مجموعة الستة حتى يتم حل هذا الملف الذي يلقي بظلاله الداكنة على المنطقة ويؤثر على العلاقات القائمة بين الدول الخليجية. وبخصوص لوم الصين لغياب دورها في حل قضية الصحراء الغربية أورد السفير الصيني بأن إحجام بلاده عن التدخل في هذه المسألة التي إيمانها العميق في امكانية تسويتها ما دام هنالك اتفاقيات أممية ومبعوث أممي خاص إلى المنطقة يشرف على الملف، ومع ذلك فإن الصين كما أضاف السفير تشجع جميع الأطراف على ايجاد حل عادل ونزيه لواحدة من أعقد القضايا المطروحة على الساحة الإفريقية والعربية... وعن دورها في السودان وموقفها بخصوص فصل جنوبه، قال السفير الصيني بأن لبلاده علاقات مميزة مع السودان. وقد أرسلت قوات مدنية في إطار القوات الأممية، كما أرسلت مراقبين للاشراف على الاستفتاء ومساعدات مادية لتنظيم هذا الاستحقاق التاريخي، لكنها لا تتخذ موقفا محددا من الاستفتاء فهي تحترم نتائجه وخيار الجنوبيين، وتدعم جهود السودان لتشكيل دولة آمنة ومزدهرة. ويبقى تنامي الدور الصيني على الساحة الدولية من تنامي مكانتها، والأمل معلّق على بلاد التنين الأصفر لتحقق الثنائية القطبية التي أصبح العالم في أمّس الحاجة إليها لإحقاق التوازن والعدالة والأمن.