رافع رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان السيد فاروق قسنطيني، أول أمس، لصالح قرار رئيس الجمهورية القاضي بالإبقاء على منع المسيرات بالجزائر العاصمة، معتبرا أن الظروف الأمنية وطبيعة المنطقة لا تسمحان بعد بفتح المجال لتنظيم المسيرات الشعبية، وبالموازاة مع ذلك أكد أنه لن يشارك في مسيرة اليوم داعيا الأطراف المنظمة لها إلى تجنبها والتفكير في المنفعة العامة للبلاد. وقال قسنطيني، لدى نزوله ضيفا على حصة «منتدى الخميس» للقناة الإذاعية الثانية أنه ليس عيبا الإبقاء على حالة الطوارئ في العاصمة موضحا أن الحالة الأمنية هي المبرر الوحيد لإبقاء حظر المسيرات بهذه المنطقة ولا يوجد سببا آخر، قبل أن يضيف أنه على الجميع أن يقدر الظروف وأن يعي أن الدولة هي المكلفة دستوريا بحفظ أمن المواطنين. وتوقع قسنطيني أن يتم رفع حالة الطوارئ في أقرب الآجال على اعتبار أن الإجراء الذي سيسمح بذلك لا يتطلب وقتا طويلا حيث يمكن ذلك بمرسوم رئاسي أو أمر يصدره رئيس الجمهورية وفق صلاحياته الدستورية، مشيرا إلى أن هذا الإجراء لا يستدعي بالضرورة انتظار افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان لإقراره. وفي حديثه عن مسيرة اليوم المنتظر تنظيمها من قبل بعض الشخصيات السياسية وممثلي المجتمع المدني اعتبر قسنطيني أن المسيرات لم تساهم يوما في حل المشاكل المطروحة، بل بالعكس منذ التسعينات وهي تكهرب الجو، مفضلا الحوار السلمي لتفادي العنف والتجاوزات التي قد تحصل جراء تنظيمها. ورغم أنه أقر بشرعية الداعين إلى مسيرة اليوم إلا أنه أكد اختلافه معهم في طريقة التنظيم التي وصفها بغير المعقولة، موضحا أن «هذا لا يعني أنه يطالب بمنعها أو الهجوم على منظميها». وبخصوص التشريع المرتقب الذي سيرافق رفع حالة الطوارئ والمتعلق بمكافحة الإرهاب، استبعد قسنطيني أن يتم إعداد قانون خاص بمكافحة الإرهاب وتوقع أن يتم إصدار قوانين تكميلية لأن تدابير مكافحة الإرهاب منصوص عليها في قانون العقوبات. وفي رده على سؤال حول تخوف بعض الأحزاب السياسية من إمكانية حد هذا القانون لنشاطهم استغرب قسنطيني من انتقاد تلك الأحزاب لقانون لم يرى النور بعد، مؤكدا أن مشروع القانون هذا هدفه مكافحة الإرهاب بفعالية ولا ينقص أي شيء فيما يخص حرية الأشخاص أو الأحزاب. وأردف قائلا: بالرغم أنه لم تكن لنا الفرصة لنشارك في صياغة مواده إلا أن القانون ليس له أهداف أخرى لا خفية ولا واضحة. نقص الحوار أوصل الشباب إلى الانتحار حرقا ولدى تطرقه إلى الإجراءات الاستعجالية الواجب اتخاذها للتكفل بانشغالات الشباب، أوضح قسنطيني أنه يتعين على الدولة منح هذه الفئة كل الإمكانيات لتحسين أوضاعهم لاسيما في مجال العمل، والسكن، منتقدا غياب خطاب خاص اتجاه الشباب يوضح لهم نصيبهم من المشاريع المنجزة أو التي هي في طور الإنجاز. وأرجع قسنطيني لجوء الشباب إلى الانتحار حرقا إلى نقص الحوار مع هذه الفئة، لأن الإنتحار حسب رأيه لم يكن في ثقافة الجزائريين يوما كما أنه محرم دينيا، موضحا أن الشباب في حاجة ماسة إلى خطاب خاص يعيد لهم الأمل في وطنهم. وبرأي قسنطيني يتحمل الولاة ورؤساء البلديات والأحزاب مسؤولية إعادة الثقة للشباب، وأن لجنته بإمكانها فقط نقل اقتراحات هذه الفئة في تقاريرها إلى رئيس الجمهورية وليس من صلاحياتها مخاطبتهم مباشرة. وفي حديثه عن مصير الموقوفين جراء أحداث العنف التي عرفتها الجزائر الشهر الماضي، كشف قسنطيني عن إطلاق سراح جميع الموقوفين باستثناء المتورطين في الجنايات. ولم يحصر عدد المفرج عنهم، واكتفى بالقول أن أصحاب الجنح أفرج عنهم وحتى الذين حوكموا استفادوا من وقف التنفيذ، فيما توقع تسليط عقوبات مخففة على المتبقين. تقرير سلبي حول إصلاحات بن بوزيد في قطاع التربية من جهة أخرى، وبخصوص التقرير الذي تعكف لجنته على إعداده والخاص بقطاع التربية أوضح رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان أن التقرير لم يكتمل إعداده بعد غير أنه أشار إلى أنه سجل العديد من النقائص أكد على ضرورة معالجتها. وتتمثل تلك النقائص حسب قسنطيني، في نوعية التعليم والمشاكل التي يتخبط فيها المعلمين لاسيما تلك المتعلقة برواتبهم. وتكون الملاحظات التي سيرفعها تقرير قسنطيني في الشق المتعلق بنوعية التعليم تخص البرامج المكثفة المعتمدة في كل الأطوار المدرسية والتي أخرجت في كثير من المرات تلاميذ الثانويات بصفة خاصة في احتجاجات ومسيرات طالبت بتخفيفها. وتعرض نظام الإصلاحات الذي انتهجه وزير التربية في السنوات الأخيرة إلى انتقادات لاذعة، لاسيما بعد تسجيل نتائج كارثية في أكثر من 15 ولاية وتراجع معدلات النجاح في الامتحانات الرسمية. وأرجع الكثير من المختصين ضعف النتائج المسجلة إلى نوعية البرامج المنتهجة في القطاع، وكذا إلى كثافة الدروس التي شتت جهد التلميذ وتركيزه.