أنهت أسعار النفط في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي على ارتفاعات كبيرة ناهزت 116 دولار للبرميل بالنسبة لخام البرنت و105 دولار للخام الخفيف الأمريكي بسبب تسارع وتيرة الأحداث في ليبيا وخشية من انتقال الثورات الشعبية إلى دول نفطية أخرى في الشرق الأوسط مثل المملكة العربية السعودية ويعود إرتفاع أسعار النفط بالأساس إلى تراجع الإنتاج في ليبيا إلى 700 ألف ب/ ي من أصل إنتاج عادي كان يقدر ب 1,6 مليون برميل، على الرغم أن السعودية سارعت ومنذ إندلاع حوادث ليبيا إلى طمأنة أسواق النفط العالمية بإمكانية تعويضها للنفط الليبي المفقود، نظرا لتوفرها على فائض يتجاوز 3 ملايين برميل في اليوم. غير أن النفط السعودي في أغلبه لا يرقى إلى نفس مستوى وجودة النفط الليبي الخالي تقريبا من الكبريت والمطلوب بكثرة، وبالتالي فإنه من غير الممكن عمليا تعويضه بالخام السعودي المليء بالكبريت، ويعول على كل من الجزائر ونيجيريا لملء الفراغ الذي خلفه تراجع الإمدادات في ليبيا، رغم محدودية الفائض في كلا البلدين. وتعد أوربا الخاسر الأول من تراجع إنتاج النفط الليبي الذي كان يساهم في إمداد العديد من الدول الأوربية ولا سيما إيطاليا، وإسبانيا.... بنسبة 85٪، لهذا فإن هذه الدول تسعى إلى إتخاذ مخرج عاجل للأحداث الدامية في ليبيا والتي تميزت في اليومين الماضيين بمعارك ضارية خاصة في المناطق التي تحتوي على آبار النفط الحيوية في البلاد، مثل البريقة والزاوية وأجدابيا وغيرها... لكن انتقال شرارة الثورات الشعبية إلى دول نفطية أخرى مثل العربية السعودية زاد من مخاوف الأسواق النفطية والبورصات العالمية ولا سيما الخليجية، وذلك عقب توجيه 120 شخصية سعودية من مختلف التوجهات والميادين خطابا للملك السعودي يطالبون فيه بإصلاحات شاملة، وبإعتماد نظام الملكية السعودية، فضلا عن تحركات شعبية قد تكون محدودة ولكن حدثت، أول أمس الجمعة، بإحدى مناطق الشرق السعودية، واستغلت إيران الإضطرابات في بعض الدول الخليجية على غرار البحرين وسلطنة عمان بحدة أقل، لطرح مخزوناتها النفطية في محاولة منها لسد الفراغ الذي تركه تراجع إنتاج ليبيا. وتسود حالة من القلق الشديد أغلب الدول الكبرى المستهلكة للنفط، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تعيش على وقع الاضطرابات الشعبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لارتباطها الوثيق بامدادات النفط في العديد من هذه الدول، ومدى إنعكاسات ذلك على مستوى ودرجة الإنعاش والإقتصادي الذي بدأ يعرف نوعا من العافية بعد ركود خلّفته الأزمة المالية العالمية، قبل حوالي ثلاث سنوات. ولهذا السبب، فإن أمريكا تسعى إلى التدخل بكل الطرق المتاحة لديها من أجل الحد من كل المسببات التي قد تنعكس سلبا على نمو إقتصادها، حتى لو أدى ذلك إلى التدخل عسكريا لوقف الصراعات الداخلية الليبية التي تدور حول مصافي النفط، ووضع اليد عليها، تحت عدة مسميات لا تجد أمريكا أي صعوبة في الترويج لها.