تأثرت أسعار النفط بالعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، حيث ومنذ بداية الهجوم الجوي على سكان القطاع في مطلع الاسبوع الماضي بدأت اسعار النفط تنتعش نسبيا متجاوزة حاجز 40 دولارا للبرميل وتواصل ارتفاعها هذا الاسبوع لتقترب من حدود 48 دولارا. فبعد انقضاء اسبوع عن بداية القصف الجوي لمناطق غزة، دخلت الحرب القذرة على غزة اسبوعها الثاني بتكثيف الهجوم عليها برا وبحرا وجوا، الامر الذي ادى الى ارتفاع اسعار النفط في مختلف الاسواق ب 47,60 دولارا لخام البرنت و 47,5 دولارا للخام الامريكي وذلك في بداية تعاملات امس الاثنين، وبالنظر الى احتمال توسيع رقعة الحرب على غزة بحسب تصريحات قادة الاحتلال الذين اكدوا على استمرارها لايام طويلة، فانه من المتوقع ان تواصل اسعار النفط ارتفاعها النسبي الذي قد يكون مؤقتا. ارتفاع اسعار النفط المرتبط بالدرجة الاولى بالعدوان الاسرائيلي على غزة لا يعود الى كون طرفا النزاع من الدول المنتجة للنفط، وانما يعود سبب الارتفاع الى تصاعد حدة التوتر في منطقة الشرق الاوسط واحتمال تذبذب امدادات النفط من هذه المنطقة الغنية بالذهب الاسود. ويتزامن الاعتداء الصهيوني على غزة مع دخول اتفاق الجزائر حول تقليص انتاج المنظمة ب 2,2 مليون ب / ي حيز التطبيق منذ الفاتح من جانفي الجاري والاعلان الرسمي لكل من ليبيا والبحرين والسعودية عن تقليص انتاجها من النفط بناء على ذات القرار في انتظار ان تحذو بقية الاعضاء حذو هذه الدول حتى تفي المنظمة بالتزاماتها تجاه الاسواق النفطية، هذه الاخيرة عرفت اضطرابات متواصلة لمدة تقارب الخمسة اشهر الماضية جراء التراجع المستمر والسريع في اسعار النفط التي فقدت في زمن قياسي ازيد من 100 دولار، وهي حادثة غير مسبوقة، مما حذى بدول المنظمة الى التعامل بحزم لمواجهة الموقف الذي وصف بالخطير من خلال تكثيف اللقاءات اولا بمعدل اجتماع كل شهر في الاشهر الاربعة الاخيرة من العام المنصرم اسفرت على الاتفاق حول خفض ما مجموعه 4,2 مليون ب / ي وعلى ضرورة تنفيذ هذا الاتفاق في آجاله المحددة والا فان السوق ستعاود انهيارها في ظل استمرار تداعيات الازمة المالية الدولية التي تحولت الى كساد عالمي. تأثر الاسعار السريع بحالة التذبذب والارتباك التي تسود منطقة الشرق الاوسط وردود الفعل الغاضبة والمتصاعدة لشعوب المنطقة والتي عززت المخاوف من انعكاسات مباشرة على امدادات النفط، تؤكد مرة اخرى مدى حساسية وهشاشة السوق النفطية، لكنها تشير ايضا الى ان هذه الاخيرة التي لم تكن تعبأ الا بتداعيات الازمة المالية والكساد والتوقعات القاتمة لحالة الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب، بدأت الى حد ما تتفاعل مع معطيات اخرى اهمها الجوانب البسيكولوجية المرتبطة بالعدوان الاسرائيلي على غزة ولكن ايضا بداية ظهور اولى تداعيات وانعكاسات مختلف قرارات الخفض في امدادات النفط المنبثقة عن اجتماعات اوبيك، والتي قد تتعزز اكثر في المرحلة القريبة القادمة اذا اثبت اعضاء المنظمة جدية اكبر في التزامهم بقرارات الخفض عندئذ يمكن لاسعار النفط المنتعشة نسيبا ان تمتص البعض من اثار وانعكاسات الكساد الاقتصادي العالمي المرشح هو بدوره للانحصار اذا اثمرت مساعي المواجهة ضمن خطط وبرامج الانعاش التي تحاول الدول الغربية تنفيذها وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالامريكية وادراتها الجديدة التي تستلم رسميا مقاليد الحكم في 20 جانفي الجاري. ------------------------------------------------------------------------