انه خيار التأمت فيه الجروح وضمدت، أنهى فتنة لم تعرف الجزائر ضراوة منها طيلة مسارها على الإطلاق. خيار جمع الفرقاء ووحد الأحزاب رغم اختلاف ألوانها واتجاهاتها وتعدد مشاربها .ولم تعد تشكيلة تناور وحدها، تتحرك في الميدان بمفردها والادعاء الخاطئ أن أفكارها وأطروحاتها أولى بالاهتمام والعناية رافضة الاستماع للأخر واخذ اقتراحاته مأخذ جد بعيدا عن التطاول والاحتقار والاحتكار. انه خيار المصالحة الوطنية الذي أعاد الجزائر من بعيد بعد جراح ونزيف دم ودمع، مرفوعة الهامة قوية اكبر بخياراتها ، معززة بما اعتمدته من أسلوب مهادن في علاج أزمة ساخنة معقدة ووضع امني مهتز لم يقو الجهاز الأمني وحده تسويته فوسع المجال للسياسة لتأخذ مجراها ومنحناها وإقرار ما هو أفيد وأصلح لجزائر الوحدة والتلاحم. بهذه الكلمات أكد بوجمعة صويلح أستاذ القانون العام عضو مجلس الأمة سابقا من منبر “ضيف الشعب” في ذكرى المصالحة الوطنية ال13 التي أنهت الجدل حول ما يجري في الجزائر الذي أججته منظمات غير حكومية تحمل تسميات متعددة، لكنها تتفق في الجوهر: التدخل في شان الآخر واستغلال أزماته لإغراض التهويل وتمديد الماسي متخذة منها ورقة ضغط للمساومة والمناورة. نتذكر كيف كانت المنظمات التي تنشط تحت خانة “حقوق الإنسان”، تناور من أعلى المنابر والاستوديوهات الأثيرية والتلفزية مرددة من اكبر الفضائيات إثارة بلا وجه حق واستفزاز لعبارات حفظت على ظهر قلب: “من يقتل من” قبل ان تستبدلها بالكلمات المشؤومة “من يتصالح مع من”. وحدهم الجزائريون حفظوا الدرس من المأساة ، أدركوا أن المصالحة هو الخيار الحتمي لوقف نزيف الدم والدمع والعودة إلى جادة الصواب متجاوبين مع المبادرة التي أعلنها رئيس الجمهورية ووضعها في صدارة الأولويات في برنامجه الانتخابي عام 1999 قائلا انه جاء من اجل وقف نزيف الدم بين الجزائريين والعودة بالبلاد إلى سابق عهدها من الكرامة والعزة. تم هذا بفعل قرار سياسي مستقل اظهر للملا قدرة الجزائريين على الجنوح إلى السلم في الوقت الذي يختارونه ويطوون صفحة أليمة سوداء من تاريخ الجزائر بالحوار الذي اتخذ من المأساة محطة لتنقية الجو والضمير وإبقاء الجزائر عالية أمانة في الأعناق تنفيذا لوصية من ضحوا وقدموا أغلى ما يملكون من اجل تحريرها.