شدد الخبير الاقتصادي الدولي مبارك سراي على ضرورة مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بما يجعله لا تقتصر على الجانب التجاري فقط لأن الجزائر خاسرة بنسبة 80 بالمائة منه، مشيدا بالإجراءات المتخذة من طرف الدولة لا سيما منها تدابير قانون المالية التكميلي لسنة 2009 التي حافظت على المستوى الحالي للواردات المقدرة ب 40 مليار دولار بعدما كانت مرشحة لتصل إلى حدود 57 مليار دولار، كما نبه إلى أن التفكيك الجمركي يتسبب في خسارة سنوية للاقتصاد الوطني تضاهي 2،2 مليار دولار قد تقفز إلى 7 ملايير دولار في حال عدم مراجعة الاتفاق. أقر الخبير الاقتصادي سراي في مداخلة حول «دراسة تقييمية لاتفاق الشراكة منذ دخوله حيز التنفيذ» بأن التوقيع على اتفاق الشراكة قبل قرابة 7 أعوام و تحديدا في 2005 يصنف في خانة النجاح السياسي في ذلك الوقت مستندا في ذلك إلى خبرته مع مختلف الهيئات المالية الدولية، لأن الجزائر كانت تعاني من عزلة على مختلف الأصعدة السياسية والدبلوماسية، بالإضافة إلى الوضع المزري المترتب عن حل المؤسسات وفقدان عدد هائل من مناصب الشغل و كذا وضع الجزائر تحت المجهر من قبل النوادي التي قدمت لها قروضا منها نادي باريس ونادي لندن. ودعا سراي في اليوم البرلماني المنظم من قبل لجنة الشؤون الاقتصادية و التنمية و الصناعة و التجارة و التخطيط حول «اتفاق الشراكة المبرم بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي و انعكاساته على الاقتصاد الوطني» إلى مراجعة وثيقة الاتفاق بطريقة جذرية مطالبا بإيقاف الترقيع، منبها إلى ضرورة عدم الوقوع في فخ الطرف الأوروبي الذي يسعى جاهدا لحصر إعادة النظر في الجانب التجاري الذي يهم دون غيره، لأن الاتفاق بهذه الصيغة يشكل خطرا على الجزائر التي يقع العبء عليها، ذلك أن الاتحاد يكتفي بتسويق سلعه في السوق الجزائرية فيما يطلب من الجزائر لعب دور الدركي لإيقاف الهجرة غير الشرعية . و ذهب ذات المتحدث إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر أن المواد الواردة في الاتفاق تعد مساسا بسيادة الدولة على اعتبار أنها تقر بعدم إجراء الجزائر أي تغيير إلا بعد استشارة الاتحاد الأوروبي وهو أمر غير مقبول سياسيا، مرجعا الأسباب إلى النقص الفادح في التنسيق وفي قراءة النصوص، ومشيرا في هذا السياق إلى أن الجزائر لم تعتبر من أخطاء الجارتين تونس والمغرب وكان حري بهذه الدول التكتل والتوقيع كطرف و احد مع الاتحاد وهو طرح تعارضه فرنسا جملة وتفصيلا لأنه لا يخدم مصالحها. وقفزت واردات الجزائر إلى حدود 40 مليار دولار و استقرت فيه بفضل تدابير قانون المالية التكميلي، بعدما كانت لا تتجاوز 12 مليار دولار في وقت سابق وكانت مرشحة لبلوغ 57 مليار دولار لو لم تتحرك الدولة و تبادر بإجراءات القانون بعينه استنادا إلى تقديرات مصلحة الجمارك، وفيما يخص التفكيك الجمركي الذي يكبد الطرف الجزائري خسائر فادحة سنويا لا تقل عن 2،2 مليار دولار وقد تصل إلى حدود 7 مليار دولار لتصبح بذلك الجزائر مفرغة بأتم معنى الكلمة للسوق الأوروبية. وحذر سراي من الطرف الفرنسي لا سيما وأن ساركوزي أعلن في صالونات خاصة بأنه يمكن بعث الاتحاد من أجل المتوسط من دون الجزائر، وانتقد بشدة الطرف الأوروبي الذي تقشف في منح الدراسة في الخارج للطلبة و في التحويل التكنولوجي المكلف و انسداد المفاوضات المتعلقة بالجانب الاجتماعي و الاقتصادي، لافتا إلى أن الجزائر متأخرة و مطالبة بالتحرك الفوري باتخاذ موقف مشددا على ضرورة مساعدة الحكومة التي بذلت مجهودا جبارا منذ سنة 2009 رغم الضغوطات. دعوة إلى إعادة النظر في التفكيك الجمركي من جهتها وصفت رئيسة لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والصناعة والتجارة والتخطيط هوارية بوسماحة اتفاق الشراكة بالعقد غير المتكافىء الذي يجمع بين طرف قوي ومنافس ومنتج يعتمد على احدث التكنولوجيات وطرف عبارة عن سوق فقط، وبلد ضعيف لكنه يملك ثروة. كما أن الاتحاد الأوروبي يفرض شروطا مشددة في الشق الانساني منها المتعلقة بحرية تنقل الأشخاص، في ظل تزايد الحركات اليمينية المتطرفة. وتساءلت هوارية إلى متى ستستمر الجزائر في هذا التوجه في ظل هذه المعطيات، خاصة بعد الأزمة المالية وما نجم عنها، مشددة على ضرورة إحداث الدولة الجزائرية لقطيعة مع هذه السياسات وتعميم قرار التفكيك الجمركي على كل المنتوجات، لا سيما منها المصنوعة بالجزائر. ولم يخف رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري في كلمة ألقاها نيابة عنه نائبه عزالدين بوطالب بأن التوقيع على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي قرار سياسي بدرجة أولى يعبر عن إرادة سياسية لإضفاء البعد الاستراتيجي على العلاقات مع دول المجموعة الأوروبية، بعد سياسي صارم وحاسم في حين أن أوروبا كان لها ميولا تركز على البعد التجاري دون الاقتصادي والاجتماعي، ولعل ما يؤكد هذا لطرح أن المقاربة التجارية لم تسفر عن مسار تنموي، والأخطر من ذلك أنها كرست اتساع الهوة بين بلدان الضفتين.