دعا رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري أمس البنوك و المؤسسات المالية التي تعمل وفق قواعد الصيرفة الإسلامية إلى مواكبة التدابير الجادة التي اتخذتها أجهزة الدولة من أجل توفير الشغل والإدماج المهني من خلال اقتحام مجال القرض المصغر و القروض الموجهة لخلق مؤسسات صغيرة و متوسطة على العموم. وشدد زياري في كلمة أقالها نيابة عنه نائبه مسعود شيهوب خلال افتتاح فعاليات اليوم البرلماني حول «الصيرفة الإسلامية في الجزائر الواقع والآفاق» المنظم من طرف المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم، على ضرورة أن تتسم منتوجات الصيرفة الإسلامية بالتنوع لمسايرة الطلب المتزايد على الخدمات البنكية بالنظر إلى آفاق الفرص المستقبلية للجزائر في إطار الانفتاح الاقتصادي الذي يهدف إلى تحقيق المزيد من الاستثمارات المنتجة في سياق التحولات الاجتماعية التي تحفز الأفراد على خلق مناصب شغل لهم ولغيرهم. واعتبر زياري أن منتوج الصيرفة الإسلامية لا يقع فقط على عاتق البنوك المتخصصة بل هو مسؤولية كل البنوك العمومية و الخاصة و الأجنبية المعتمدة بالجزائر مقرا بأن هذه الصيرفة لها مكانتها في ساحة المؤسسات المصرفية الجزائرية و ان إنتاجها يتسم باندماجه الطبيعي ضمن تشكيلة الخدمات المصرفية التي يجب توفيرها لمواطنينا. وأضاف انه لا يرى أي تناقض جوهري بين أسس الصيرفة الإسلامية و متطلبات نظام مالي و مصرفي عصري بعد أن أصبح هذا الأخير يبحث عن سبل جمع شرعي لثروات مشروعة. وأشاد رئيس المجلس الشعبي الوطني بمباديء الشريعة الإسلامية التي ترفض كما قال أي نشاط اقتصادي قائم على عدم الإنصاف و العدل و تكرس التحمل المشترك للمخاطر بين المقترض و الدائن و ترتكز على الارباح الاجتماعية للمشاريع المصرفية أكثر من الربحية الاستغلالية المحضة، كما تعد الطريق الوسط و الصائب بين الليبرالية الجامحة التي أدت إلى العديد من الأزمات و بين التصور اليساري المحض للثروات. وختم زياري كلمته، بدعوة المشاركين في اللقاء إلى الخروج بتوصيات يكون لها الأثر الايجابي في الارتقاء بأداء مؤسسات الصيرفة الإسلامية قصد الإسهام في الحراك التنموي الشامل والمتوازن الذي تعرفه الجزائر. من جهته، أبرز رئيس المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم محمد السعيد بوبكر في كلمة له بالمناسبة، أهمية اعتماد هذا النوع من المعاملات في البنوك الجزائرية، لما له من دور فعال في تحريك عملية التنمية الاقتصادية ورفع نسبة الادخار، ولا سيما من خلال رفع الحرج عن العديد من الجزائريين الذين يرفضون التوجه إلى البنوك لتنفيذ مشاريعهم لدوافع دينية وثقافية، مشيرا إلى أن تدني معدلات الادخار تعكس مدى اهتزاز ثقة الجزائريين في المؤسسات المالية. وأضاف أن الأزمة المالية العالمية كشفت هشاشة النظام التقليدي القائم على المعاملات الربوية التي أحدثت ضررا بالأفراد والمجتمعات وأربكت المؤسسات المصرفية العالمية. وأوضح، رئيس المجموعة البرلمانية لحركة حمس، أن هذا الطرح الداعي إلى اعتماد المصرفية الإسلامية في البنوك الجزائرية من خلال فتح شبابيك خاصة بهذا المنتوج لا ينطلق من خلفية اديولوجية بل له ما يفرض الحاجة إليه ومن ثمة تلبية مطلب صار ملحا لشرائح واسعة في المجتمع أصبح أكثر من ضرورة. ولم يستبعد المفوض العام لجمعية البنوك والمؤسسات المالية عبد الرحمن بن خالفة، في تصريح له على هامش اليوم البرلماني أن تعتمد البنوك الجزائرية الصيرفة الإسلامية من خلال شبابيك تخصص لهذا المنتوج، حيث كشف عن وجود مبادرات من طرف بعض البنوك لم يسميها لاعتماد هذا النوع من الصيرفة وشروع البعض الآخر في تسويق منتوجات إسلامية. وأوضح بن خالفة أنه بإمكان أي بنك اعتماد المنتوجات التي يريد لكن بشرط أخذ الإذن من البنك المركزي واحترام النظام الاحترازي والإطار القانوني الذي يمكن من التوسع ويحمي أسس المنافسة وأخلاقيات المهنة ويحمي المستفيد ويزيد الشفافية. وشدد بن خالفة على ضرورة توسيع رقعة المصارف بكل أنواعها من خلال رفع عدد الشبابيك المقدر حاليا ب 1500 شباك إلى 4 آلاف شباك على الأقل حتى نصل إلى تغطية كاملة على مستوى البنوك المنتشرة بالتراب الوطني. جدير بالذكر أن الصيرفة الإسلامية تعتمد على مبدأ أساسي هو تحريم التعامل بالفائدة التي تسميها «ربا» مقابل السماح للبنك بالحصول على هامش ربح مقابل خدمة يؤديها شريطة أن يتملك العين الذي سيتاجر به قبل البدء في أي معاملة مع الزبون.