دعا خبراء ماليون وسياسيون أمس، إلى ضرورة تطوير الإطار القانوني الخاص بنظام الصيرفة الإسلامية في الجزائر وتمكين المؤسسات المالية من اعتماد منتجات هذا النوع من الأنظمة التمويلية الذي تتجه العديد من دول العالم بما فيها الغربية إلى تعميمه، بعد إثبات النظام الكلاسيكي محدوديته وما ترتب عنه من أزمة مالية عالمية. وأوضح السيد ناصر حيدر الأمين العام لمؤسسة بنك ''البركة'' خلال ندوة نقاش انتظمت بجريدة ''المجاهد'' أن ما تحتاجه المؤسسة المالية العاملة وفق النظام الإسلامي بالجزائر هو تكييف الإطار التشريعي والقانوني بشكل يسمح بإدراج وتوسيع الصناعة المالية الإسلامية، ووضع أساس قانوني للمنتجات المصرفية المتعامل بها في إطار هذا النظام على غرار صكوك الاستثمار والمشاركة والمرابحة، حتى يتم رفع اللبس والحرج عن هذه التعاملات في ظل تنامي بعض الانتقادات الموجهة لها من قبل الأوساط الدينية. وأشار السيد حيدر بالمناسبة إلى الإقبال الكبير الذي تشهده المنتجات المصرفية المعتمدة من قبل بنك ''البركة'' الذي ساهم في 3000 مشروع مصغر بقيمة 539 مليار دينار وذلك في إطار القرض الحسن، وكذا في 116 مؤسسة مصغرة في إطار آليات تشغيل الشباب المعتمدة من قبل الدولة، علاوة على بعثه لمشاريع جديدة مطابقة للشريعة الإسلامية على غرار المشاريع الوقفية التي يتم تعميمها حاليا لتشمل مساهمة المواطنين الراغبين في الدخول في رأسمالها. كما كشف المتحدث أن بنك البركة الذي يحقق معدل نمو سنوي يقارب 15 بالمائة ويستحوذ على حوالي 20 بالمائة من حصة القطاع الخاص في السوق المالية بالجزائر، يستعد لبعث مشروع ''البركة إيجار'' وهو فرع متخصص في خدمة الإيجار (ليزينغ) وفق النظام الإسلامي، وذلك بالشراكة مع الشركة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة للبنك الإسلامي للتنمية. على صعيد آخر وفيما اعتبر الخبير الدولي عبد المالك سراي بأن مسألة تأخر تعميم نظام التمويل الإسلامي في الجزائر، مرتبطة بتخوف السلطات العمومية من ضياع النظام الكلاسيكي وتأثر البنوك العمومية غير المؤهلة لمنافسة هذا النظام بشكل كاف، داعيا إلى ضرورة تعديل قانون النقد والقرض، لتمكين الصيرفة الإسلامية من التوسع بشكل أكبر، أوضح السيد مصطفى بوعزة النائب عن حركة مجتمع السلم، أن الأمر لا يتعلق بتخوف من قبل السلطات العمومية وإنما بضرورة توخي الحذر قبل منح الاعتماد لأي بنك من البنوك مهما كانت صفته، وذلك في إطار الإجراءات المشددة التي تم اعتمادها بعد ما آلت إليه قضية ''بنك الخليفة'' المفلس. وفي سياق متصل اعتبر السيد بوعزة بأن تدارك تأخر تعميم الصيرفة الإسلامية في الجزائر يستدعي التركيز على ثلاثة مستويات رئيسية، هي المستوى العلمي والأكاديمي والمستوى الإعلامي ومستوى القرار السياسي، حيث يستلزم المستوى الأول بتعميم التعريف بهذا النظام ومزاياه في المؤسسات والمعاهد الجامعية وفي الندوات والملتقيات العلمية مع إشراك وسائل الإعلام في هذه المهمة التي يمكنها أن تدفع السلطات العمومية إلى تشجيع وتسهيل التعامل وفق هذا النظام، وذكر المتحدث في نفس السياق بوجود مؤسسات تعمل وفق التمويل الإسلامي بالجزائر إلا أنها لا تمثل أكثر من 3 بالمائة من حصة السوق المالية والمصرفية، مشيرا في نفس الوقت إلى أن نجاح هذا النظام وكذا توجه العديد من الدول الغربية إلى اعتماده بعد تأثيرات الأزمة المالية العالمية، دفع بعض المؤسسات المالية العمومية والخاصة بالجزائر إلى فتح شبابيك تعمل وفق هذا النظام، مثلما هو الحال بالنسبة لبنك الفلاحة والتنمية الريفية، ومؤسسة ''سوسيتي جنرال''. وبالمناسبة فقد كشف السيد فواز صيد وهو باحث متخصص في الصيرفة الإسلامية بجامعة ''السربون'' بفرنسا، عن تمويل مزدوج لمشروع عقاري بغرب البلاد، تشترك فيه ''سوسيتي جنرال'' مع بنك ''البركة'' في إطار ما يعرف بالقروض المهيكلة التي تتجاوز قيمتها المستوى الأقصى لرأسمال المؤسسات المالية والمفروض من قبل بنك الجزائر والذي لا يتجاوز 10 ملايير دينار. وتجدر الإشارة إلى أن الندوة التي انتظمت أمس، هي تقديم لندوة برلمانية حول الصيرفة الإسلامية مزمع تنظيمها بمقر المجلس الشعبي الوطني يوم غد 13 أفريل الجاري، حيث يسعى الخبراء من خلال هذه الأخيرة إلى إقناع أعضاء الهيئة التشريعية بأهمية تكييف الإطار القانوني الجزائري بشكل يسمح بتوسيع انتشار المنتجات المالية الإسلامية، التي تلقى رواجا في أوساط المجتمع لدواع اقتصادية وثقافية.