يواصل المنتخب المغربي تحضيراته الجادة لموعد الرابع جوان المقبل ضد منتخب الجزائر، المقرر إجراؤه بملعب مراكش الجديد، تحت إشراف مدربه البلحيكي “إيريك غيرتس”، المعروف بحنكته وقدرته على مباغتة منافسيه سواء تكتيكيا أو نفسيا. وهو ما تأكد في الفترة التي تسبق المباراة، من خلال التصريحات النارية التي يطلقها من وقت لآخر، وكذا محاولته التعتيم على ما يجري في التربص المقام حاليا في مدينة مراكش استعدادا لمباراة الجزائر. قائمة التقني البلحيكي لم تحمل الكثير من التغييرات على التشكيلة التي واجهت الجزائر في مباراة الذهاب، والتي دارت أطوارها بملعب عنابة في ليلة من ليالي شهر مارس الماضي، انتهت بفوز محاربي الصحراء بأصغر نتيجة ممكنة، لكن نقاطها كانت غاية في الأهمية في سباق التأهل إلى »الكان« القادمة. فما عدا منير الحمداوي الذي كان قد تمّ إعادته إلى صفوف المنتخب المغربي قبل أن يصاب في التدريبات ويعوّض بزميله ياسين الصالحي، مهاجم الرجاء البيضاوي، كانت القائمة متوازنة إلى أبعد الحدود وفي جميع الخطوط، سواء الدفاع، وسط الميدان أو الهجوم، مع أفضلية معتبرة لخط الهجوم نظرا للأسماء الموجودة بين الثلاثة والعشرون لاعبا المعنيين بالمباراة، وكذا وسط الميدان الهجومي. وهو ما يمكن استنتاجه من خلال الاستدعاء الذي وُجّه للاعب مونبولييه الفرنسي: عبد الحميد الكوثري، بعد الضغوطات التي مارسها المدرب غيرتس على الجامعة المغربية لكرة القدم من أجل تدعيم صفوفه. والأمر الذي تحقق بعد تمكّن مسؤولي الكرة في المغرب من تأهيل اللاعب المذكور في ظرف قياسي، على اعتباره من اللاّعبين الذين حملوا ألوان المنتخب الفرنسي في وقت سابق، إلاّ أنه اختار أخيرا اللعب لبلده الأًصلي. كما كان الحظ إلى جانب الصالحي، الذي خلف الحمداوي في آخر لحظة، وهو الذي لم يسبق له حمل ألوان المنتخب الأول، ويسعى لإثبات إمكانياته الكبيرة التي أظهرها مع ناديه الرجاء البيضاوي إن أتيحت له فرصة مشاركة زملائه داخل الميدان. ولو أن الأمر صعب جدا في وجود المهاجم القوي مروان الشماخ، وأىضا يوسف العربي، إلى جانب المخضرم يوسف حاجي العائد من بعيد بعد معاناته من الإصابات المتكررة طوال هذا الموسم حرمته من اللعب مع ناديه الفرنسي »نانسي« والمنتخب المغربي. ❊ الإصابات وهاجس الهجوم لغيرتس لم تحمل الأيام الماضية أخبارا سارة للمدرب المغربي، بعد توالي المتاعب وإعلان إعفاء اللاعب تلو الآخر من مواجهة الجزائر. والبداية كانت مع المدافع القوي لبرسيت الفرنسي أحمد القنطاري، بعد تعرّضه لإصابة في مباراة فريقه ضد مرسيليا في إطار بطولة الرابطة الأولى الفرنسية، ممّا أحدث حالة طوارئ في صفوف المنتخب، خاصة وأن الوقت لم يكن مناسبا تماما قبل أيام معدودة عن التحدي الكبير الذي ينتظر المغاربة أمام الجزائر. وليت الأمور توقفت هنا، حيث بعد أيام قليلة من خبر غياب القنطاري، أعلن رسميا استحالة استدعاء وسط ميدان فريق ستاندار دولياج البلجيكي مهدي كارسيلا، صاحب ال 21 سنة فقط، لنفس السبب (الإصابة). وقد حمل هذا اللاعب ألوان المنتخب البلحيكي في الأصناف الصغرى، إلى أن تمّ تأهيله في المنتخب المغربي لرغبته في تمثيل منتخب بلده، وشارك مع المغرب في المباراة الودية ضد النيجر في فيفري المنصرم، إلاّ أنه لن يتمكّن من مساعدة منتخب بلاده في مباراة مراكش. وما إن بدأ الجمهور المغربي يتجرّع إصابة اللاعبين كارسيلا والقنطاري، حتى سقط خبر إصابة صانع ألعابهم منير الحمداوي كالصاعقة على كل محبّي أسود الأطلسي، خاصة إريك غيرتس الذي فعل كل شيء من أجل إعادته إلى التشكيلة لوزنه الكبير داخل الميدان، وقدرته على صنع الفارق في أي وقت ممكن وفي جميع الظروف، وغيابه عن مواجهة الجزائر تعتبر خسارة كبيرة جدا قبل أسبوع فقط عن الموعد، ولا يشكّ أحد في صعوبة تعويضه في الخطة التي سيلعب بها المغرب هذه المقابلة، خاصة وأنّهم مطالبون باللعب من أجل الفوز ولا يملكون آيّة خيارات سوى لعب ورقة الهجوم لخلق الخطورة على مرمى الجزائريين، ومحاولة التسجيل عليهم بالنظر للضغط الذي سيكون في أعلى درجاته يوم المباراة من الجمهور، حيث لن يسمح بأي تعثر لعناصر “غيرتس”. كل هذا يعبتر سلاحا ذو حدين، فمن جهة يزيد من إرادة اللاعبين في الفوز، ومن جهة أخرى سيكون عائقا أمامهم إن زاد الضغط عن حدوده، خاصة إن سارت المباراة مخالفة لآمال الجماهير المغربية في الرابع جوان القادم. ❊ الجانب النفسي والمناورات التكتيكية من المعروف عن المدرب غيرتس اعتماده على الحروب البسيكولوجية في آيّة مواجة يخوضها مع كل الفرق والتي عمل فيها، إذ يستعمل أسلوب الضغط النفسي على منافسيه، سواء عن طريق التصريحات الصحفية والاستفزازات المتواصلة أو التعتيم وإخفاء أوراقه قبل المباراة. وهو الأمر الذي أصرّ على استخدامه في هذه المناسبة، ولعبه على أعصاب الجزائريين في الندوات التي ينشطّها من حين لآخر، حيث لم يتوقّف عن التوعّد بالفوز، وطمأنة المشجّعين المغاربة بأنّ نقاط الجزائر ستبقى في مراكش، ولا مجال للتساهل مع الهدف الذي وضعه نصب أعينه: التأهل إلى كأس إفريقيا المقبلة. من جانب آخر، مازال غيرتس يلحّ على إضفاء طابع السرية على تحضيرات فريقه خلال التربص الذي برمجه بمدينة مراكش أين ستجرى المقابلة، واعتماده على استراتيجية عدم تسريب المعلومات للطرف الآخر (منتخب الجزائر)، سواء الفنية منها أو تلك المتعلقة بالعناصر التي سيعتمد عليها ومدى جاهزيتها البدنية والنفسية يوم المباراة. كما أن خبرته الواسعة في ميدان كرة القدم، اتضحت جليا منذ إشرافه على المنتخب المغربي، حيث بات يستغل حنكته و»مكره« الكروي لمباغتة المنافسين في إطار ما تسمح به قوانين اللعبة. أما فيما يخص الخطّة التي سيعتمدها التقني البلجيكي ضد الجزائر، فلم تتضح الأمور رسميا لحد الآن، ماعدا بعض المناصب المحجوزة لبعض اللاعبين، إلا أنّه يحتفظ بأسراره لليوم الفاصل بين المنتخبين، لتفادي أي مفاجأة أو قراءة صحيحة من نظيره الجزائري من جهة، وتجنّب رسم مخططه الهجومي حتما على لاعبين يمكن أن لا يكونوا جاهزين يوم المباراة ،ممّا قد يحدث حالة طوارئ أخرى في معسكر أسود الأطلسي. ومن خلال هذه المعطيات، تبقى الخطّة الأقرب لتطبيقها من طرف الطاقم الفني المغربي لمواجهة الجزائر، هي الخطة التقليدية 4 4 2، وخلق توازن في الخطوط الثلاثة مع ضرورة استغلال الفرص والفعالية الهجومية التي ستكون حتما مفتاح الفوز.