الجمعية العامة العادية ال 22 "للاكنوا": اعادة انتخاب براف بالتزكية على رأس الهيئة الرياضية القارية    رمضان : آيت منقلات يحيي حفلا بأوبرا الجزائر    مشاريع كبرى: الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الأداة الوطنية للإنجاز    الجزائر العاصمة: توقيف امرأة تمتهن الطب بدون شهادة أو رخصة    مجمع سونلغاز يكرم عماله من ذوي الاحتياجات الخاصة    رمضان: "إفطار جماعي ضخم" بالجزائر العاصمة    تربية وطنية: فتح خمس ثانويات جهوية متخصصة في الرياضيات    فلسطين: الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم لليوم ال48 على التوالي    ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد: الفنان مبارك دخلة يطرب الجمهور بباقة من أغاني المالوف    الأمم المتحدة تحذر من تزايد حدة الأزمات الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية    سوق أهراس: احتراق 7 حافلات بحظيرة مؤسسة النقل الحضري و شبه الحضري    الرابطة الأولى: شبيبة القبائل ترتقي الى الوصافة, ترجي مستغانم يغادر منطقة الخطر    ارتفاع حصيلة الشهداء الصحفيين في غزة خلال العدوان الصهيوني إلى 206    الطبعة الخامسة للمسابقة الوطنية في تجويد القرآن "قارئ تلمسان": تكريم الفائزين بالمراتب الأولى    دعم الجزائر تام من أجل اتحاد إفريقي أكثر قوة ونفوذا    فرنسا لم تتوقف عن استخدام الأسلحة الكيميائية بالجزائر    أقبو بشعار: التعثر ممنوع لتفادي الانفجار    تسويق 3.3 أطنان من الأسماك في الأسبوع الأول من رمضان    7 موزعات آلية جديدة تدخل الخدمة    "حماس" تدعو للتفاعل مع تقرير لجنة التحقيق المستقلة    200 مطعم رحمة تجمع العاصميّين في رمضان    مسابقة لاختيار أجمل بلدية ببومرداس    عملية استعجالية لتهيئة "سوق العاصر"    إدراج مكتب أعمال دنماركي في القائمة السوداء    دعوة أطراف النزاع إلى اغتنام رمضان لوقف الاقتتال    خطوة إضافية لإعادة بعث السوق المالية    "الطيارة الصفراء" تمثّل الجزائر    الدكتور بوزيد بومدين يدعو لفتح نقاش علمي تاريخي اجتماعي    بوشعالة والفرقاني يبدعان بأوبرا الجزائر    تفعيل التعاون الجزائري- الأردني في التنمية الاجتماعية    اجتماع الجزائر نقطة تحول بالنسبة للرياضة الأولمبية القارية    العودة إلى قمم كرة القدم الإفريقية والدولية    حفظ الجوارح في الصوم    رياضة/جمعية اللجان الأولمبية الوطنية الافريقية : اجتماع الجزائر, موعد بالغ الأهمية بالنسبة للحركة الأولمبية الإفريقية    ضرورة الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء شركة مختصة في النقل الجوي الداخلي    حجز أزيد من 1.7 مليون قرص مهلوس في إن أمناس    مجلس الأمن: مجموعة "أ3+ " تدعو أطراف النزاع في السودان إلى وقف إطلاق النار بمناسبة شهر رمضان    مولوجي تتحادث بنيويورك مع نظيرتها الأردنية    شرفة يترأس اجتماع اللجنة المشتركة لمكافحة الجراد    أمطار رعدية مرتقبة على المناطق الساحلية والداخلية    بلمهدي: التصوف في الجزائر كان له الأثر الكبير في تحصين المجتمع    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    البليدة: وزيرا الشباب واقتصاد المعرفة يشرفان على تكريم الفائزات في مسابقة "المقاولات الناجحات"    الشباك الموحد يدرس إدراج شركة 'ايراد" في بورصة الجزائر    فتح خطوط نقل استثنائية خاصة بالشهر الفضيل    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    تهجير الفلسطينيين من أرضهم مجرد خيال ووهم    براف.. نحو عهدة جديدة لرفع تحديات عديدة    صادي في القاهرة    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سرديات العودة الجزائرية للرّواية الرّومانسية
نشر في الشعب يوم 06 - 02 - 2019

يختار الرّوائي والكاتب الجزائري عز الدين شنيقي السفر بالقارئ العربي إلى عوالم السرد الرومانسي في روايته الجديدة «الانهيار»، وقد نشرتها المكتبة الرئيسية للمطالعة بسكيكدة - 2018، وفيها الكثير من الصراع النفسي والفكري، ضمن عوالم قصة حب بين الشاب «مخلص» والفتاة «وفاء»، فما هي خصائص البنية والدلالة في الرواية؟
سرد للحب والمحبّة..
من يقرأ الرواية وينهي آخر مقاطعها السردية سيخرج من عالم سردي رومانسي ساحر، ليعود ليوميات عربية فيها الكثير من الصراع والفتن والاحتجاجات وأخبار الدم والاختلاف والاختلاس....لأن الروائي لم ينشغل - إلا نادرا - بغير الحب والمحبة وأخبار المحبين، في سياق التهذيب للعواطف والحرص على تجنب السقطات الأخلاقية، فكان كل تعبيره وتفكيره مخصصا في روايته للتعبير العاطفي والأسلوب الجبراني في الحكي، ونقل العواطف والخواطر...
فصوت جبران خليل جبران حاضر في كثير من الصفحات، بكل الجمال والنضج والقداسة اللغوية والفكرية، لنقرأ هذا الحكي الذي منح فيه الكاتب للراوي سلطة وصف قصة الحب ومشاعر انتظار الحبيب للمحبوب: «انتظرها طويلا أو هكذا كان يحس، حتى إذا كاد ييأس من مقدمها، راودته مشاعر القلق والخوف عليها، أشرقت له تلوح من بعيد، كشمس ربيعية أنيقة، فملأت أرجاء نفسه دفئا وضياء وبهاء، وشعرا - وهي تدنو منه بخطاها المتوازنة - كأن الأجواء تتضوع من عطرها عبقا، وتزدان من سحرها ألقا، وتتناغم في طرب بديع مع الطير والزهر والسحر...» (ص 18).
ومن ثمة اختار الروائي شنيقي مواصلة درب الروائيين العرب والعالميين الذين نقلوا قصص الحب، مع اختلاف طرق التناول وزوايا النظر والرؤية الحكائية والفكرية، مثل روايات ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي، والحب في المنفى لبهاء طاهر، وأنت لي لمنى المورش ورغم الفراق لنور عبد المجيد...وغيرها من الروايات الرومانسية الخالدة.
ملامح الرّومانسية السّامية الحالمة..
ونجد في الرواية ملامح السرد الرومنسي، مثل حضور التناقضات النفسية، الغرور والكبرياء، الانتقالات المكانية والزمانية وتأثيرها في الشخصيات، العراقيل والصعوبات التي تصادف المحبين، الموقف الداخلي من القيود المجتمعية، كثرة توظيف الحوار الداخلي - المونولوق، صراع الأهواء والأفكار، الحب والفقر، كتابة الرسائل الغرامية، الماضي والمستقبل، مرض المحب وذبوله الحسي والقلبي... ولسنا ندري هل اطلع الروائي على كتاب ابن حزم الأندلسي «طوق الحمامة في الألفة والألاّف»؟ ولسنا ندري هل قرأ رواية «مموزين»، قصة حب نبت في الأرض وأينع في السماء، التي ترجمها من الأدب الكردي العالم السوري الشهيد سعيد البوطي؟
وقد نجيب بتحقيق إطلاع كاتبنا على مثل هذه الكتب والروايات، لأن ملامح الأدب الإنساني السامي حاضرة، وخصائص الحب الطاهر العفيف متجلية، وكأن الروائي عز الدين شنيقي يريد لإبداعه أن يكون نظيفا لغة وفكرا، كي يسوّق للأدب الجميل الجليل، في مواجهة مشاريع الأدب الإباحي الذي يوظّف الجنس ويتهجم على الدين و الأعراف للوصل للعالمية وإرضاء القارئ الغربي بالدوس على المرجعيات الوطنية والدينية واحتقار الجماليات الثقافية المحلية.
ورغم الأشواق والعواطف الملتهبة، فقد اختار الروائي ختم روايته بموت الفتاة وفاء وانهيار كل الحب، وكل دلالات الصمود أمام الصعاب الاجتماعية والقاسية، لأن أهل الفتاة أرغموها على الزواج من شخص آخر، في ظل معانات اقتصادية واجتماعية لم تسمح للشاب مخلص ليكون مستعدا لتوفير كل الشروط المادية للزواج، وهنا يدخل السارد القارئ في متاهات الحزن والألم، ليقترب به من فجائع عاطفية ومجتمعية كثيرة في الراهن الجزائري والعربي.
إحالات سنوات الدم والنار..
لقد استطاعت رواية «الانهيار» أن تحيلنا لبعض من ملامح الزمن الجزائري في سنوات التسعينات من القرن العشرين، لكن الروائي لم يتوسّع في إحالاته الاجتماعية، فروايته رومانسية وعاطفية بامتياز، لكنها ذكّرتنا ببعض خصوصياتنا التاريخية والسياسية، حيث عرفت الجزائر الارهاب والتطرف والحرب الأهلية، وكانت المجازر والمذابح تحدث بصفة يومية، فوقع الكثير من الضحايا وانهار الاقتصاد وتراجعت خطابات الصلح أمام خطابات الاستئصال والإلغاء.
نقرأ في الرواية خطابا فكريا سياسيا تأريخيا: «لقد كانت الفتنة عمياء صماء بكماء، يقتل فيها الأخ أخاه والابن أباه والجار جاره، وهو لا يدري فيم قتله، ولا حتى فيما يعاديه...وكان الوضع حقا ملتبسا على الكثيرين حتى من أصحاب النهى وأرباب العقول....»(117)، وإن الأدب الذي واكب فترة الارهاب الدموي في الجزائر قد اتخذ تسميات كثيرة منها: أدب المحنة، أدب الأزمة، أدب المأساة أدب الفتنة...وهناك من اعتبره أدبا استعجاليا، لغياب النضج الفني والفكري في معظم الروايات التي صدرت حين الأزمة الجزائرية، وسقطت في الخطاب الإعلامي والفكري وأخطأت طريق القراءة السوسيولوجية و الفنية للأحداث.
كما نقل الروائي شنيقي لنا خصوصيات الحياة في الاقامات الجامعية، الحياة في الريف الجزائي، ظروف الخدمة الوطنية في زمن الأزمة الأمنية، التطرف أو الاعتدال في السلوك والتفكير عند طلبة العلوم الدينية في الجزائر( ومن ثمة في العالم العربي والاسلامي)، البطالة عند الشباب وصعوبة الحصول على عمل...
أخيرا
هذه قراءة لبعض جماليات ودلالات رواية الكاتب الجزائر عز الدين شنيقي، وهي تؤكد أن القادم من الإبداعات سيكشف عن أديب متميز في طريقة حكيه، فهو يمتلك الأدوات الفنية، ويحسن بناء المتخيل السردي، كما أن سردياته تحيل على التشويق و التوغل في أعماق الشخصيات ،و الجزائر بحاجة لنصوص ترحل في الداخل الإنساني لتنقله إلى حيز التعبير والحكي، كي يعود الإنسان لإنسانيته، في انتظار أن ينقل لنا الروائي مستقبلا عوالم مجتمعية وسياسية وتراثية من العمق الجزائري...ننصح القارئ الجزائري والعربي بقراءة رواية الانهيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.