لم يقتصر نقاش نواب المجلس الشعبي الوطني لبيان السياسة العامة في مجمله، على الوثيقة التي تسلموها قبل أسبوع، وتباينت مواقفهم بين تثمين الإنجازات التي حققها برنامج رئيس الجمهورية وانتقاد النقائص، بل تعداه إلى تناول المستجدات الوطنية ممثلة في المسيرات التي شهدتها بعض المدن الجزائرية في الأيام الأخيرة، وتقاطع الجميع في تثمين طابعها السلمي وكذا تعامل قوات الأمن. في الوقت الذي انطلق فيه النقاش في أعقاب استكمال الوزير الأول عرض بيان السياسة العامة وإنجازات الخماسي المنصرم، كان بهو المجلس الوطني يعج بنواب المعارضة وممثلي وسائل الاعلام الوطنية التي جاءت لتغطية الحدث، وإذا كان نواب الأغلبية الذين كانوا أول المتدخلين ثمنوا وبلسان واحد الانجازات التي حققها الرئيس بوتفليقة، مرافعين للاستمرارية، فان نواب المعارضة انتقدوا ما اعتبروه تباينا بين الأرقام والواقع. ولعل المداخلة اللافتة للنظر، تلك التي قدمها النائب فتحي خيال عن الأحرار الذي أكد أن خروج الشباب في مسيرات، يعني بكل بساطة أن صوته لم يصل إلى الحكومة، أي أن ممثليه فشلوا أو لم يقوموا بنقل وتبليغ انشغالاته إلى السلطات، وذلك في إشارة إلى النواب باعتبارهم يمثلون الشعب بالبرلمان، معيبا على البيان أنه ليس معادلة تنموية ويقتصر على الأرقام. وثمن النائب حسن لعريبي عن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، الخروج السلمي إلى الشوارع وكذا احترافية الأمن الوطني، مبديا أمله في أن لا يحدث انزلاق تحت أي شعار كان، كما انتقد الوزير الأول جازما بأنه فشل في 4 محاور في تجسيد قانون الصكوك وفي التصدي لتضخيم الفواتير وفي الحد من التهرب الجبائي وفي تنظيم تجارة العملة الصعبة. غير أن النائب والناطق الرسمي باسم «الأرندي» شهاب صديق، رد بقوة على لعريبي مستهلا مداخلته بكلام وجهه إلى أويحيى «لا تخجل لأنك نجحت في كثير من الأمور تحت قيادة رئيس الجمهورية، نجحت في القضاء على الإرهاب وفي تكريس المصالحة الوطنية وفي رفع الغبن عن المواطنين بتوفير السكن، وفي معركة العطش والإنارة وفي بناء بنية تحتية، وفي الحفاظ على سيادتنا، وفي حفظ بلادنا، وتحصين الشعب، في محيط ملتهب، وفي بناء قاعدة قوية لإطلاق الاقتصاد الوطني»، لكن أضاف يقول «لنا نقائص كثيرة لم نتغلب عليها بعد، وإرادة رئيس الجمهورية في مواصلة المسيرة رغم عبء المرض، دليل على أننا قيادة وشعبا لا رجوع إلى الوراء». من جهته، النائب صلاح الدين دخيلي عن التجمع الوطني الديمقراطي، ثمن مناقشة بيان السياسة العامة، الذي أضفى عليه التعديل الدستوري للعام 2016 طابع الإجبارية، معتبرا أنه بمثابة «وقفة نقدية، ليست غاية ولا نهاية مسار، وإنما بداية مرحلة هامة وحاسمة في ربط المسؤولية بالمحاسبة»، ودافع نائبا الحزب العتيد بهاء الدين طليبة ومحمد جميعي عن الحزب العتيد بقوة عن الاستمرارية، قياسا إلى الإنجازات المحققة. واستنادا إلى رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العمال، فإن بيان السياسة العامة لا يعكس بأي حال من الأحوال الواقع، وكأنه في واد آخر، مؤكدا أنه لا يأخذ بعين الاعتبار الانشغالات المعبر عنها، وحذرت زميلته في المعارضة النائب عن حركة مجتمع السلم فريدة غمرة، من الاضطرار إلى اللجوء إلى المديونية الخارجية مجددا.