بعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أمس، رسالة بمناسبة إيداع ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 18 أبريل المقبل هذا نصها الكامل : «بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين و على آله وصحبه إلى يوم الدين أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل، قبل بِضعة أيام، واستجابة لنداءات المواطنين والطبقة السياسية والمجتمع المدني، وبروح تحذوها نية استكمال الواجب السامي لخدمة بلدنا وشعبنا، أعلنتُ عن ترشحي للانتخابات الرئاسية لشهر أفريل المقبل. وقد حظيتُ بدعم الملايين من مواطنينا، الذين ساهموا بنشاط في جمع التوقيعات وفي منحي تزكيتهم. وبالنسبة لي، فإن خدمة بلدي هي أعلى مراتب الشرف التي نلتها طوال حياتي. وهنا أود بادئ ذي بدء أن أحيّي التحضر الذي طبع المسيرات الشعبية الأخيرة، كما لا يفوتني التنويه بالتعامل المهني المثالي والراقي الذي تحلت به مختلف أسلاك الأمن، وأنوه بموقف مواطنينا الذين فضلوا التعبير عن رأيهم يوم الاقتراع عن طريق الصندوق. ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أحيّي أيضا الجيش الوطني الشعبي على التعبئة في شتى الظروف للاضطلاع بمهامه الدستورية. وأؤكد لكم أنني كلي آذان صاغية لكل الآراء التي ينضحُ بها مجتمعنا، وأعاهدكم هاهنا أنني لن أترك أي قوة، سياسية كانت أم اقتصادية، لكي تحيد بمصير وثروات البلاد عن مسارها لصالح فئة معينة أو مجموعات خفية. أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل إن الجزائر في حاجة لاستكمال مسيرتها نحو الديمقراطية والتطور والازدهار، دون وقف المسار الذي غنِمت بفضله مكاسب جمة عبر السنين. ولأجل ذلك، فالجزائر في أمس الحاجة إلى قفزة نوعية وهبة رفيعة لكل قواها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل ولكل أطياف المجتمع، سعيا إلى فتح الأفق أمام آمال جديدة. لقد نَمَتْ إلى مسامعي، وكُلي اهتمام، آهات المتظاهرين، ولاسيما تلك النابعة عن آلاف الشباب الذين خاطبوني في شأن مصير وطننا، غالبيتهم في عمر تطبعُه الأنفة والسخاء اللذان دفعاني وأنا في عمرهم إلى الالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني المجيد، أولئك شباب عبروا عن قلقهم المشروع والمفهوم تجاه الريبة والشكوك التي حركتهُم. وإنه لمنْ واجبي، بل وإنها لنيَتي، طمأنة قلوب ونفسيات أبناء بلدي. وإنني إذ أفعل ذلك اليوم، أفعله كمجاهدٍ مخلص لأرواح شهدائنا الأبرار وللعهد الذي قطعناه أنا وكل رفقائي الأخيار في الملحمة التحريرية، والذين لا يزالون اليوم على قيد الحياة. بل وأقوم به أيضًا كرئيس للجمهورية يقدّس الإرادة الشعبية التي قلدتني مسؤولية القاضي الأول بالبلاد، بل وأيضا، وعن قناعة، بصفتي كمرشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة. وإنني لمصمم، بحول الله تعالى، إن حباني الشعبُ الجزائري بثقته فيَ مجددًا، على الاضطلاع بالمسؤولية التاريخية بأن ألبّيَ مطلبه الأساسي، أيْ تغيير النظام. وفي هذا الصدد، أتعهد أمام الله تعالى وأمام الشعب الجزائري، بالالتزامات التالية: أولاً: مباشرةً بعد الانتخابات الرئاسية، أدعو إلى تنظيم ندوة وطنية شاملة جامعة ومستقلة لمناقشة وإعداد واعتماد إصلاحات سياسية ومؤسساتية واقتصادية واجتماعية من شأنها إرساء أسيسة النظام الجديد الإصلاحي للدولة الوطنية الجزائرية، المنسجمِ كل الانسجام مع تطلعات شعبنا. ثانياً: إعداد دستور جديد يُزكيه الشعب الجزائري عن طريق الاستفتاء، يكرسُ ميلاد جمهورية جديدة والنظام الجزائري الجديد. ثالثاً: وضع سياسات عمومية عاجلة كفيلة بإعادة التوزيع العادل للثروات الوطنية، وبالقضاء على كافة أوجه التهميش والاقصاء الاجتماعيين، ومنها ظاهرة الحرقة، بالإضافة إلى تعبئة وطنية فعلية ضد جميع أشكال الرشوة والفساد. رابعاً: اتخاذ إجراءات فورية وفعالة ليصبح كل فرد من شبابنا فاعلا أساسيا ومستفيدا ذا أولوية في الحياة العامة، على جميع المستويات، وفي كل فضاءات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. خامساً: مراجعة قانون الانتخابات، مع التركيز على إنشاء آلية مستقلة تتولى دون سواها تنظيم الانتخابات. سادساً: تنظيم انتخابات رئاسية مُسبقة طبقا للأجندة التي تعتمدها الندوة الوطنية. أتعهد أنني لن أكون مترشحًا فيها، من شأن هذه الانتخابات أن تضمن استخلافي في ظروف هادئة وفي جو من الحرية والشفافية. ستُحدِّدُ الندوة الوطنية هذه تاريخ الانتخابات الرئاسية المُسبقة. أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل، الالتزامات التي أقطعها على نفسي أمامكم، ستقودنا بطبيعة الحال إلى تعاقب سلس بين الأجيال، في جزائر متصالحة مع نفسها. وأدعوكم الآن جميعًا، في هذه اللحظة، إلى كتابة صفحة جديدة من تاريخنا، ولنجعل من الموعد الانتخابي ل18 أبريل المقبل شهادة ميلاد جمهورية جزائرية جديدة كما يتطلّع إليها الشعب الجزائري. أشكركم على كرم الإصغاء. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».