لا زالت الجزائر تناضل من خلال دعواتها، لتكريس تجريم فعل دفع الفدية لتحرير الرهائن بغرض تجسيده على أرض الواقع عن طريق التزام الدول ميدانيا وبشكل فعلي ومحسوس في قطع الطريق أمام الجماعات الإجرامية والمساهمة في تعزيز الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله. وكانت هذه القضية محورا أساسيا في ندوة الجزائر الدولية حول مكافحة الإرهاب، حيث برز تجاوب ممثلي الدول والمنظمات المشاركة في الحدث بقصر الأمم كبيرا مع هذا الطرح الذي تضمنته بالتفصيل لائحة مجلس الأمن، وهي لائحة ساهمت فيها الجزائر بشكل واضح من خلال جهودها الدبلوماسية عبر قنوات متعددة في صدارتها الإتحاد الإفريقي. وتملك الجزائر قناعة راسخة في أن دفع الفدية يتهدد جميع الدول باعتباره أحد الطرق لتمويل الإرهاب، والندوة امتداد لجهود الجزائر في تجسيد مقررات الأممالمتحدة ولتشرح مع الشركاء والمشاركين إشكالية ضرورة تحسيس المجتمع الدولي بحتمية الالتزام بقرار مجلس الأمن الذي يحرم الفعل لأنه يحمل خطر كبير على استقرار الدول كونه يمول الإرهاب إلى جانب تجارة الأسلحة . ورغم أن العديد من الدول الغربية أبدت نية وإرادة كبيرة في تبني مبادرة الجزائر،على اعتبار أن الجزائر على لسان وزيرها المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، عبد القادر مساهل حذرت من فعل دفع الفدية لتحرير الرهائن معتبرة أن تموين الجماعات الإرهابية يأتي بشكل كبير من الفدية التي يجمعها الإرهابيون من خلال عمليات الاختطاف، إلا أن هذه الدول لا يجب أن تتعامل بأنانية مع الظاهرة، ومطالبة أكثر من أي وقت سبق، عوض دفع الفدية تمويل التنمية للمساهمة في تجفيف منابع الإرهاب في منطقة الساحل بشكل خاص . وما تجدر إليه الإشارة فإن القلق المتعلق بدفع الفدية بدأ يبرز بعد قضية اختطاف السياح الألمان سنة 2003، وما تبعته من اختطافات بالجملة من سياح ورجال أعمال فرنسيين واسبان وسويسريين جعلت المجتمع الدولي يدرك بحق ما ذهبت إليه الجزائر في مطالبتها بالاستمرار في دفع الفدية وتمكنت الجزائر من إقناع الشركاء من أن الإرهاب جريمة عابرة للقارات ومكافحته يتطلب جهود الجميع مفندة من أن تبريرات دفع الفدية كإجراء إنساني عار من الصحة وغير سليم، وشددت على أن التنسيق يجب أن يكثر خاصة أن الفجوة الأمنية قائمة بالحرب التي مازالت لم تتوقف بليبيا يطبعها انتشار الأسلحة بشكل خطير في المنطقة. وكان مجلس الأمن قد صادق في دورته 6247 على اللائحة رقم 1904 تتضمن تجريم دفع الفدية للجماعات الإرهابية نزولا عند طلب الجزائر الذي تقدمت به في هذا الشأن ودافعت عنه باستماتة، وقامت بمساعي دبلوماسية كثيرة لدى الأعضاء الدائمة العضوية بمجلس الأمن خاصة بعدما تبنى الاتحاد الإفريقي لائحة في هذا السياق لأنها متأكدة من أن دفع الفدية يعد أحد أشكال تمويل الإرهاب .